رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

بغض النظر عن أى تحفظ لك أو لغيرك على طلب كريم خان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه جالانت، وضم الطلب ثلاث شخصيات من حماس هم السنوار ومحمد ضيف وهنية بتهم قيامهم بارتكاب جرائم حرب، فإن القرار فى النهاية رسالة للانهزاميين العرب بأن مواجهة إسرائيل والتضييق عليها فى الزاوية أمر ليس عسير بل ممكن. طبعا طلب المدعى العام كان حتى قبل صدوره يثير حالة من الجدل والاشتباك لكنه فى النهاية مهما كانت نتائجه هائلة أم محدودة له تأثيره الإيجابى على مسار القضية الفلسطينية وعلى سعى الشعب الفلسطينى لنيل حقوقه أو حتى جزء منها.

فبعد سبعة شهور من الحرب على غزة لا يمكن وصفها سوى بأنها عملية إبادة ممنهجة، قد يبدو من الغريب أن يكتشف المواطن العربى أن مطاردة إسرائيل فى المحاكم الدولية ومواجهتها بجرائمها كان يفتقد الإرادة العربية. وكان من الغريب أن تصدت لهذه الخطوة دولة مثل جنوب افريقيا على نحو ما هو معروف منذ بدء الحرب على غزة.

ليس تبسيطا للأمور أو تسطيحا لها أن نقول إن ما يهمنا ليس هو اعتقال نتنياهو وجالانت بالفعل أم لا؟ فذلك أمر ربما يكون فى حكم التطورات المستقبلية فى ضوء ما أشار اليه كريم خان عن تلقيه تهديدات وأنه قيل له إن المحكمة بُنيت لإفريقيا وللبلطجية مثل (الرئيس الروسى فلاديمير) بوتين»، ولكن بالنسبة لنا المهم هو دلالات ذلك الطلب وتأثيراته. وهذا أمر يمكن للمراقب أن يلمسه بسهولة من ردود الفعل الإسرائيلية أو حتى الأمريكية. فالولايات المتحدة، تعتبر على لسان رئيسها بايدن أن طلب المدعى العام بشأن قادة إسرائيل «أمر شائن»، فيما قامت القيامة فى اسرائيل ولم تنتهِ بعد اثر الإعلان عن طلب المدعى العام، حيث استخدم المسئولون الإسرائيليون أقصى العبارات وأشد الانتقادات لحد اعتبار وزير الخارجية الإسرائيلى للطلب بأنه أمر فاضح! فيما اعتبره جانتس الوزير بحكومة الحرب الإسرائيلية تشويها للعدالة وإفلاسا اخلاقيا صارخا.

لكن المهم فى هذه الخطوة أنها فضحت فى تقديرنا النظام الدولى بأكمله وأنه ليس هناك مفهوم حقيقي للعدالة يتم العمل به فى سياق هذا النظام الأمر الذى يبدو من سياق مجمل المواقف الغربية والتى تأتى رغم حقيقة أن الدول الغربية ذاتها هى التى ساعدت على فكرة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وشجعت على اعتقال ومحاكمة المسئولين عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بل وسارعت، حسبما أشار البعض، إلى العمل على استصدار قرار من المحكمة باعتقال الرئيس الروسى بوتين بزعم ارتكاب جرائم حرب فى أوكرانيا، إلا إن موقفها من طلب المدعى العام للجنائية الدولية باعتقال قادة من إسرائيل يظل مثيرا للتساؤلات.

طبعا من حقنا كعرب أن نعلن تحفظنا على طلب المدعى العام على الخلفية ذاتها وإن فى الاتجاه المعاكس، باعتباره يساوى بين الضحية وهم الفلسطينيون والجلاد وهو إسرائيل، رغم اشارة البعض إلى أن النص الحرفى لطلب مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية يذهب إلى حد أبعد من ذلك بادعائه أن حماس، وفق ما يحمّل مسئوليها، ارتكبت «إبادة»، يذكر ذلك نصًّا من دون أن يحدّد ما هى الأفعال التى ارتكبتها حماس وتوصف بجرائم إبادة، فيما يغيب هذا التوصيف الحرفى عن ادّعاءاته بحق قادة الاحتلال. وفى كل الأحوال يجب التمسك بالأمل بل والعمل على أن يأخذ طلب المدعى العام طريقه إلى التنفيذ، ليبقى نتنياهو وجالانت فى حالة من القلق باعتبارهما هاربين من العدالة الدولية.

[email protected]