رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا شىء أقسى على النفس من فقد عزيز غال، ويصير الفقد أقسى إن كان الرحيل مفاجئا.. ففى صمت النبلاء رحل، دون مقدمات رحل، وكأنه يأبى أن يعذب أحباءه بمرض أو معاناة.. هكذا قبل أن يجف مداد قلمه الحر فاضت روحه إلى بارئها، تاركا لنا آخر ما خط من كلمات، لتكون شاهدا على رحلة عطاء فكرية خاضها محاربا على مدار أكثر من ٣٠ عاما، بين جنبات صاحبة الجلالة، مؤكدا أن الصحفى الحق هو ذلك الذى يتخذ جانب المهمشين، مدافعا ومطالبا بحقوقهم، وهو ما اضطلع به قلمه من خلال عموده الصحفى الأسبوعى بجريدة الوفد.

فما بين طرح لرؤى متوازنة ومطالبات بحقوق الآخرين تتبدى رسالة الصحافة ووعيها فى مواجهة عوار المجتمع وسلبياته، مختتما كل مقال له بعبارته الأشهر «ويا مسهل»، فى بساطة وتلقائية، دافعا بها أملا وتفاؤلا فى تحقق ما يصبو إليه.

واليوم الجمعة هو موعد نشر مقاله الأسبوعى، ولأنه اعتاد كتابته وإرساله قبل موعده بأيام، فى التزام محمود، فقد أرسله قبل وفاته بساعات، ليأبى القدر أن يرى مقاله منشورا، فتحت عنوان «سلاح المقاطعة»، يكتب الأستاذ الكبير عاطف دعبس آخر ما خط من كلمات مطالبا الشعب الكادح بأن يواجه جشع التجار وتلاعبهم بأسعار السلع بسلاح المقاطعة الذى أثبت نجاحا مدويا فى بورسعيد والغربية.

هكذا لا يجف مداد الكاتب الحق، من يحمل على كاهله عبء الرسالة وهموم المواطن، ولا يخفت صوت رسالاته، مهما نأى وبعد بجسده، فستظل كلماته نورا يهتدى بها فى أنفاق الظلمات.

«الوفد»

 

رغم جهود الحكومة لتوفير السلع بالأسواق وصرف ما يزيد على 8 مليارات دولار للإفراج عن آلاف الأطنان المحبوسة بالموانى وإغراق المحافظات بكافة السلع ومستلزمات الإنتاج، ما أدى إلى تخفيض أسعار عدد منها بنسب وصلت إلى 30٪ إلا أن مسلسل النزول بالأسعار ما زال يقف عند بعض حلقات الجشع والاستغلال ومحاولة معظم التجار الإمساك فى السعر المرتفع بحجج لا تتناسب مع انخفاض أسعار معظم السلع، ومنها أن بضاعة السعر العالى ما زالت بالمخازن ودخلت عليها سلع جديدة بأسعار جديدة.

يقولون ذلك ليبرروا لأنفسهم عدم تخفيض الأسعار، وهم الذين حددوا السعر بأعلى مستوى على سبيل الاحتياط، كان التجار يرفعون السعر بالتليفون وبضائعهم مكدسة بالمخازن ولم يطرأ عليها أى تغيير، ولكنهم فى حال النزول بسعر الدولار، لا يتجاوبون بنفس السرعة لتخفيض الأسعار.

المخابز الحرة تتلاعب بالسعر والوزن وترفض تعديل السعر وزيادة الوزن، ومتمسكون لآخر لحظة بالمكسب -الحرام- بحجة السوق الحر! رغم تعليمات الحكومة بالنزول بالسعر وزيادة الوزن! وكان لابد مع علم الناس بنزول أسعار معظم السلع وبنسب تصل للنصف، باللجوء لوسيلة ضغط تجبر من فى قلبه مرض إلى الرجوع للحق والنزول بالسعر! 

جاء سلاح المقاطعة وبدأ فى سوق السمك ببورسعيد، وكلنا يعلم بأن السمك فى هذه المحافظة الحرة بشعبها الجسور وجبة أساسية، ورفع شعار -خليه يعفن- وبسرعة وصلت الشرارة لمعظم المحافظات وبذات الشعار، وبالفعل تراجع سعر السمك فى المحافظات الساحلية. 

وفى الغربية، أطلق شعار حملة المقاطعة وبكل محافظات وسط الدلتا، حدث ذلك لقناعة الشعب بعدم وجود منطق للبقاء على السعر العالى مع تخفيض أسعار سلع الجملة، وأن جشع التجار وتوحش تصرفهم بما لا يتناسب مع نظريات الاقتصاد والرحمة وعدم مراعاة ظروف الناس التى تعانى من ضعف الرواتب والدخول، فكانت المقاطعة منطلقا يعيد التوازن للسوق، سياسة المقاطعة النابعة من الشعب بحركته الواسعة وقوته الكبيرة، ستجبر التجار والوسطاء على النزول بالأسعار، الشعب عندما شعر بالاستغلال تحرك بنفسه وقاد وروج لحملة المقاطعة والتزم الجميع ولم يتخلف أحد كما لم يخرج أحد ولو بنسبة قليلة من المقاطعة، ما يجعلنى أشدد فى مخاطبة المواطن نفسه وأشد على يده ليستمر فى تنفيذ المقاطعة على كل ما يزايد ويزيد عليه مهما كانت السلعة، ما دامت قد دخلت فعلا فى قائمة الأسعار التى انخفض سعرها.

فلننفذ بأنفسنا وبقناعة شخصية بأن التاجر لن يخفض سلعته طالما زاد الإقبال عليها وبأى سعر! 

وأطالب هنا الشعب، يا كل الشعب لا تقبل أن يستغلك البائع، لا تسمح له أن يبيع لك بسعر لا يتناسب مع حركة السوق ومنظومة النزول بالسعر، فأنت لا تجد الجنيه فى الشارع لترميه بالبحر!

وتبقى أغرب زيادة نراها ولا أحد يحرك لها ساكنا، وأعنى بها بيع السجائر بضعف سعرها الرسمى والمعلن! فمحلات السجائر تبيع وطوابير المشترين ممتدة والجميع موافق على الشراء وبأعلى سعر! وهذه جريمة حية وعلى الهواء مباشرة، هذا يحدث على مرأى ومسمع من الجميع! وكأننا نقبل الاستغلال فى سوق السجائر ولا نقبله فى سوق السمك! هذه نقطة فارقة! والسؤال لماذا يقبل المدخن على نفسه هذا الهوان والاستغلال؟! 

سلاح المقاطعة قوى وقاطع ولا يحتاج إلا لإرادة شعبية قوية ويجب أن يصل لجميع السلع الأساسية والكمالية، والأجهزة الإلكترونية والكهربائية. 

أعلنوا رفضكم للاستغلال والسرقة بالمقاطعة، واعطوا للتاجر الجشع درسا فى فن البيع وحرفة المنافسة وإدارة حركة البيع والشراء بمنطق وشرف ولا تسمحوا بالاستغلال، ليخشع الذى فى قلبه مرض. 

تابعوا حركة السوق وراجعوا نزول الاسعار فى الأسواق ودخول ملايين الأطنان ونسب الخصم، ولا تقبلوا الشراء بأعلى سعر، فالدولة تدفع فى سبيل ذلك ملايين الدولارات، لنشعر نحن المواطنين بالراحة والأمان، وليس ليرفع التاجر الجشع رصيده بالبنك! 

واستخدموا سلاح المقاطعة البتار، ولا تتدافعوا على السلع التى لا تخضع لنا ولا تجعلوا السوق يأكلنا، فقد قسا علينا بزيادة، والآن وجب وحق لنا الوقوف فى وجه كل مستغل حتى يرضخ وزيادة.. استخدموا سلاحكم ولا تعيدوه لغمده طالما هناك تاجر جشع ومحتكر ولا يحترم ظروف الناس ويسرقهم بكل بجاحة. 

ويا مسهل.