عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعيشى يا بلدى

ونحن فى ختام شهر رمضان المبارك تذكرت حلقات المسحراتى التى كان يكتبها شاعر العامية العبقرى فؤاد حداد ويلحنها ويغنيها الرائع سيد مكاوى، وكانت من أهم وأجمل الأعمال الإذاعية فى الستينيات قبل أن تنتقل إلى التليفزيون فى السبعينيات والثمانينيات.
تذكرت المسحراتى وتحديداً حلقة «الاستمارة راكبة الحمارة» التى كتبها فؤاد حداد أواخر الستينيات بأسلوبه الساخر الجرىء الذى كان يزرع البهجة فى النفوس، رغم مرارة الواقع الذى تعكسه كلماته اللاذعة والتى كانت تنتقد البلادة والبيروقراطية فى المصالح الحكومية.
اكتشفت أن الواقع المرير الذى سخر منه فؤاد حداد قبل ٥٥ عاماً ما زال كما هو ولم يتغير وان «الاستمارة ما زالت راكبة الحمارة»!
فرغم كل ما يقال عن التحول الرقمى وميكنة كل الإجراءات الحكومية وتقديمها عن طريق منظومة رقمية دون تدخل بشرى وبصورة أفضل وأسرع فإن عقلية الموظف الروتينى ما زالت هى المتحكمة فى كل شىء.
فقد حكى لى أحد الأصدقاء تجربة مريرة ما زالت فصولها مستمرة حتى الآن، فقد تعرض ابنه للسرقة فى مترو الأنفاق منذ عدة أيام فى أواخر هذا الشهر الكريم المبارك، وتم الاستيلاء على محفظته بكل ما فيها من نقود وأوراق رسمية ومنها بطاقة الرقم القومى ورخصة القيادة وبطاقة ائتمان وكارنيه الكلية.
استعوض الشاب ربه فى النقود المسروقة وبدأ استخراج الأوراق المطلوبة، وكانت اول خطوة التوجه إلى أقرب قسم شرطة لعمل مذكرة «فقد» واكتشف أن كل ورقة لا بد لها من استمارة أو مذكرة منفصلة مقابل ٥٠ جنيهاً بما يعنى أنه سيدفع مائتى جنيه لاستخراج الأوراق المسروقة، وان هذه المذكرات صالحة لمدة أسبوع واحد فقط!
كانت أهم خطوة هى استخراج بطاقه الرقم القومى وبالفعل قام بشراء استمارة بخمسين جنيهاً أخرى بدل فاقد، وتوجه إلى الكلية التابعة لجامعة القاهرة لاعتمادها، وفوجئ ان هناك رسوماً عبارة عن مائة جنيه للحصول على خاتم النسر، وهنا يتساءل الأب لماذا تحصل الكلية على مائة جنيه دون وجه حق، مقابل اعتماد أوراق بطاقة الرقم القومى لابنه ولماذا تحصل أيضاً على مائتى جنيه أخرى مقابل استخراج كارنيه تحقيق الشخصية الخاص بالكلية!
المهم أن الطالب الجامعى الشاب توجه إلى إدارة المرور لاستخراج بدل فاقد لرخصة القيادة واكتشف أن الأمر متوقف أولاً على استخراج الرقم القومى وأن عليه أن يجهز نحو ستمائة جنيه مقابل استخراج بدل فاقد للرخصة التى لم يمر على استخراجها أصلاً عدة أشهر!
المهم توجه الطالب الجامعى إلى مكتب الأحوال المدنية بقسم رابع أكتوبر بالاستمارة المختومة من الجامعة ليفاجأ بأن الموظفة تطلب منه إحضار ضامن!
حاول الطالب أن يفهمها أن المطلوب بدل فاقد وليس بطاقة لأول مرة وأن عمره تجاوز العشرين ولكن دون جدوى، وأكدت له أن هذه هى التعليمات، فأحضر الطالب زميلاً له لكنها أكدت له أن الضامن لا بد أن يكون من الأقارب، اب، أم، اخ، اخت، ابن عم، ابن خال.
المهم أن الطالب عاد بخفى حنين ليذهب فى اليوم التالى بصحبة والده إلى السجل المدنى أو مكتب الأحوال المدنية ليتقدم بالاستمارة وبالفعل تمت الخطوة بنجاح هذه المرة ولكن كانت المفاجأة أنه سيتسلمها بعد انتهاء إجازة العيد بأسبوعين كاملين، تساءل الأب.. ليه يا ست هانم ده احنا لسة فيه ثلاثة أيام باقية على بدء إجازة العيد اللى هى ستة أيام، يعنى كده فيه تسعة أيام كاملة ضائعة بخلاف أسبوعين بعد العيد يعنى كده الإجمالى ٢٤ يوم علشان نتسلم بدل الفاقد، وكده سنضطر لعمل استمارة «مذكرة فقد» أخرى من القسم لاستخراج بدل فاقد لرخصة القيادة لأن الاستمارة الأولى أو المذكرة مدتها أسبوع واحد فقط!
المهم أن صديقى ونجله اضطرا إلى الانصياع لأوامر الموظفة والانتظار ٢٤ يوما، ولم يشأ أن يثقل على بمأساة سرقة محفظة شقيقته بفلوسها وأوراقها فى نفس اليوم الذى سرق فيه ابنه، ولكن سرقة أخته كانت نهاراً فى السوبر ماركت وابنه مساء فى المترو، وقال باقتضاب إن أخته منذ نحو عشرة أيام بالبلدى كده «دايخة» فى آخر أيام الصيام ما بين التأمينات الاجتماعية وبنك مصر لاستخراج بطاقة صرف المعاش، وحتى الآن لم تحصل عليها، وسلم لى على التحول الرقمى!