عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

تحتفل مصر اليوم بذكرى عزيزة على قلب كل مصرى وهى ذكرى نصر العاشر من رمضان 1393 هجرية- الموافق السادس من أكتوبر 1973 ميلادية، وهى أغلى ذكرى فى العصر الحديث، لأنها محت هزيمة 5 يونيو 1967، وأعادت للقوات المسلحة المصرية كرامتها، وحققت انتصاراً على العدو الإسرائيلى الذى لا يقهر، واستعادت سيناء الحبيبة.
فى ذكرى انتصارات هذه الحرب دروس مستفادة يتقدمها الصوم، أسمى العبادات البدنية الذى كان مفتاح النصر ومعه هتاف «الله أكبر» الذى كان صرخة مدوية هزمت بقوة الإيمان- التى انطلقت معها- العدو الإسرائيلى، إن النصر الذى حققته القوات المسلحة المصرية فى هذه الحرب يأتى امتداداً لانتصارات باهرة فى شهر رمضان، وعلى رأسها معركة بدر، وفتح مكة، ويرتبط هذا ببركة صدق النية، وإخلاص الطوية لله عز وجل، بأداء أسمى العبادات وهى الصيام، ويزخر التاريخ المصرى القديم والحديث بمعارك وانتصارات القوات المسلحة المصرية التى أثبتت للعالم أن لمصر درعاً وسيفاً لا يمكن هزمه أو كسره، ويحقق لها الأمن والأمان، ويتصدى لكل من تسول له نفسه المساس باستقرارها وأمنها.
لا حرب تقوم بدون أسباب، فالحروب صعبة وتتسبب بالكثير من الخسائر، فيجب أن تكون أسبابها تستحق، وأن عدم خوضها يسبب خسائر أكثر من خوضها، فقد كانت أسباب قيام حرب أكتوبر كثيرة، وأولها هو استعادة شبه جزيرة سيناء، وهضبة الجولان من أيدى الصهاينة ورفض إسرائيل مطلب الرئيس السادات الانسحاب إلى حدود 4 يونيو 1967.
وتدمير خط بارليف وخط آلون المبنيين من قبل الصهاينة لمنع أى هجوم من مصر أو سوريا، كما كانت القوات الإسرائيلية تستعد لشن هجوم على سوريا، وتهدد مصر لشن هجوم عليها، فكان يجب اتخاذ رد فعل سريع، وكذلك فشل المفاوضات التى تمت بين مصر وإسرائيل عام 1968، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل بالأسلحة والمال ما أعطى إسرائيل قوة أكبر.
وكان من نتائج الحرب نجاح القوات المصرية فى عبور قناة السويس وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وتدمير القوات المصرية لخط بارليف، وتدمير تحصينات الجيش الإسرائيلى بالضفة الشرقية للقناة، والتمهيد لتحرير سيناء كاملة فى 25 أبريل 1982 عبر محادثات السلام.
تعتبر حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، من الحروب التى سيظل يتحدث عنها التاريخ فترة طويلة كونها ملحمة عسكرية مصرية متكاملة الأركان، فى هذا اليوم سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذى كانت قد شيدته لنفسها، فلم تكن تتصور أن الزعيم السادات، وهو يطلق فى الثانية من بعد ظهر العاشر من رمضان دباباته وجنوده لعبور قناة السويس أنه أطلق قوة عاتية رهيبة من شأنها أن تغير هذا العالم؟.. إن كل شىء من أوروبا إلى أمريكا ومن آسيا إلى إفريقيا لم يبقَ على حالته التى كان عليها منذ الحرب التى جعلت إسرائيل تشهد مصرع حلم كبير تهاوى، وغيرت الخريطة السياسية للشرق الأوسط وحطمت حالة الركود، ودعمت مركز الدول العربية، وأظهرت الدور الحيوى الذى يمكن أن يلعبه الرجال تحت القيادة التى تتسم بالعزم والتصميم.
لقد حاربنا من أجل السلام الوحيد الذى يستحق وصف السلام.. وهو السلام القائم على العدل، فالسلام لا يفرض.. وسلام الأمر الواقع لا يدوم لا يقوم.. إننا لم نحارب لكى نعتدى على أرض غيرنا كما قال بطل الحرب والسلام الزعيم أنور السادات بل لنحرر أرضنا المحتلة ولإيجاد السبيل لاستعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، لسنا مغامرى حرب.. وإنما نحن طلاب سلام.
منذ العاشر من رمضان السادس من أكتوبر تغير إيقاع الحياة ونبضها من حولنا، فقد كان عبور قواتنا المسلحة إلى سيناء عبوراً إلى آفاق المستقبل، وخلفت وراءها كل ظلام اليأس والتمزق والهزيمة، وراحت ترسم خريطة جديدة للتاريخ العربى الحديث، لأن ما حدث فى هذه الحرب أزال الغبار عن العيون بعد وثبة روحية امتدت فى المكان والزمان لتحدث ثورة الإنسان على نفسه وتجاوزه لواقعه، وتحديه لمخاوفه ومواجهة قوى الشر عنفاً وتسلطاً. إن روح العاشر من رمضان السادس من أكتوبر لا تنطفئ فقد فتحت لنا طريقاً بلا نهاية، وغيرت إيقاع الحياة.