عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البون شاسع بين النظر إلى الاكتئاب بأنه نقمة.. وبأنه نعمة! فالنظر إليه كمرض يحتاج لعلاج وضرورة التخلص منه، هنا نكون أمام مشكلة علينا إيجاد السبيل للقضاء عليها.. وهنا يكون الاكتئاب بمثابة أزمة تواجه الذات.. وعلينا أن نجد المخرج للخروج من تلك الأزمة أو أنه بمثابة عار علينا أن نتحاشاه ونهزمه وننتصر عليه. أيضاً لو نظرنا إلى الاكتئاب على أنه بمثابة منبه أو جرس إنذار للذات ثم تدرك أن هناك الكثير من الأمور لا تسير بشكل جيد ولا بد بل من الضرورى أن ننتبه من أجل إحداث التغيير والتبديل. هنا يصبح الاكتئاب بمثابة لحظة إيجابية.. انه التنبيه والتوعية للذات لأن تعيد رؤية نفسها بشكل أفضل وبشكل أدق من أجل إيجاد الحل.. تلك النظرة إلى الاكتئاب تجعلنا نراه بمثابة (قيمة) إيجابية على الذات إدراكها.. بينما فى النظرة الأولى ترى الاكتئاب بمثابة أمر (سلبي) تدميرى.. على الذات أن تقضى عليه.
على الذات الإنسانية عندما تدخل فى حالة الاكتئاب أن تثير الكثير من الأسئلة فى محاولة جادة على الإجابة عنها، تتركز تلك الأسئلة حول الواقع الذى تعيشه.. هل هناك تغيرات قد حدثت؟ هل تتجاهل الذات مثل تلك التغيرات؟ وما أسباب ذلك التجاهل؟ ولماذا تهرب الذات من المواجهة؟ وهل للذات القدرة على المواجهة؟ أم أنها ضعيفة لدرجة أنها لا تريد أن تعترف بذلك؟ مثل تلك التساؤلات هى بمثابة رؤية ما هو قائم أو الواقع بشكل دقيق.. وعليه نجد الذات نفسها أمام أشياء وأشياء لم تكن تراها ولم تعطها أدنى أهمية.
فى مقال قرأته فى مجلة الثقافة العالمية التى تصدر من الكويت العدد 219 قرأت موضوع (الوهم النافع) بقلم: جستن غار سن. ترجمة: يامن صابور.. ونقتبس تلك السطور.
(لقد طرح نيسى ووليامز فى كتابهما (لماذا نمرض: العلم الجديد للطب الداروينى) 1994 فرضية مفادها بأن بعض الاضطرابات العقلية، مثل الاكتئاب،لها وظيفة تطورية..لكن ما وظيفة الاكتئاب التطورية؟ من الحالة المزاجية المنخفضة للغاية، مرورًا بقلة النوم، والمشاعر المزمنة بانعدام القيمة أو الذنب، وصولًا إلى التفكير بالانتحار أو الإقدام عليه، يبدو الاكتئاب وكأنه يقع بوضوح على جانب الخلل الوظيفى من القسمة هذه.
جادل نيسى فى كتاب لاحق بأن الاكتئاب يكون فى بعض الأحيان الإشارة التطورية، التى يبعث بها الدماغ كى ينبه الإنسان إلى أن جانبًا ما فى حياته يحتاج إلى التغيير،مثل علاقة ضارة،أو خطة مهنية غير واقعية، أو هدف يحتاج إلى إعادة تقييم. ما يعنيه ذلك عمليًا هو أنه ليس من الأفضل معالجة الاكتئاب بالأدوية على الدوام، بل إنه فى بعض الأحيان، يكون من الأفضل اكتشاف ما يحاول الاكتئاب قوله).
معنى ذلك ووفق ما يشير إليه ووليامز من الضرورى أن نعيد النظر فى مسألة علاج الاكتئاب.. علينا ألا نقتصر ونظن أن الأدوية هى السبيل الأوحد والفاعل لمشكلة الاكتئاب.. وإنما هناك (الوعى الذاتي) للمشكلة، وذلك الوعى هو الذى يتيح أو توجد درجة من درجات التعافى إلى جانب ما هو دوائى.. لذلك نقول إن فرصة إعادة الوعى تعد مهمة وأمر إيجابى لذلك ربما آن الأوان أن نعيد النظر إلى مرض الاكتئاب.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون