رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

مصر شغلهم الشاغل، ضحوا بكل شيء من أجلها، وضعوا أرواحهم على عاتقهم من أجل استعادة الحق المسلوب، والأرض المنهوبة، فى الطريق إلى انتصار أكتوبر المجيد 1973، مئات القصص التى تحكى بطولات لولاها ما كان هذا النصر العظيم. 

من بين هؤلاء الأبطال العظام الشهيد الرائد حسين صالح السيد العجمى، الذى كانت مسيرة حياته وقصة استشهاده، واحدة من أعظم القصص فى العسكرية المصرية، نظراً لما قدمه لوطنه وبلده مصر، خلال حرب الاستنزاف، مخلداً اسمه بأحرف من نور فى سجلات الأبطال العسكريين.

تروى زوجته آمال كواليس أيامه الأخيرة وسر «جواب عبدالناصر».. فى الثلاثين من يونيو عام 1970 كانت منشغلة بجنينها الجديد الذى استقر فى أحشائها بعد أن أثبتت التحاليل الطبية حملها فى طفلها الثانى فى الشهور الأولى، تتوقع نوع المولود وتتزاحم الأسماء فى رأسها استعدادا ليوم تدوين اسمه فى شهادة الميلاد، اختارت وزوجها الأسماء، إن كان ذكرا «لؤي» وإن كانت أنثى «داليا» وحين جلست لتطعم طفلها الأول صاحب الثلاثة أعوام فقط، حينها سمعت والدها يردد «الحوقلة» بينما كان يحادث أحدا عبر الهاتف.

سمعته يقول فى التليفون «لاحول ولا قوة إلا بالله», قلقت وسألته فلم يرد أن يخبرها خوفا عليها, وأخيرا عرفت ما حدث, استشهد فى حرب الاستنزاف قبل أن يرى وليده.

لم تصدق الزوجة حديث قلبها الذى انقبض خوفا على زوجها -الرائد بالدفاع الجوى حينها- وتواصلت مع شقيقه عبر الهاتف لتتلقى صدمة الخبر الذى نزل على مسامعها كالصاعقة لاتزال تبكى حين رواية اللحظة رغم مرور أكثر من نصف قرن عليها, وتعيد وصف هذا اليوم حين كانت شابة فى العشرينيات من عمرها باتت أما وأبًا لطفلها الصغير«أمجد» وحين وضعت ابنتها الثانية «داليا»، تساؤلات الصغار التى لا تجد إجابة «أين بابا؟» كانت تدفعها دوما للتماسك من أجل استكمال مسيرته «كان طيب وحنين وكل زمايله بيحبوه وكنت بحكى لولادى عن أبوهم دايما» كى تظل سيرته باقية وحية ما داموا أحياءً «ضحى بدمه عشان أرض سينا وإبنه لما كبر اشتغل فى مجال السياحة فى سينا»، قالتها زوجة الشهيد وبكت.

عشرة أيام مضت على وضع مولودتها «داليا» حتى تم دعوتها إلى حفل تكريم بالإسكندرية بدعوة من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، ونجمة الشرف تقديرا للشهيد وجهوده فى الكتيبة التى كان يتولى قيادتها، لاتزال «نجمة الشرف» فى مدخل البيت لتتباهى بزوجها الشهيد أمام كل زائر.

بعد عام من استشهاد الرائد حسين صالح، جرى تخصيص الثلاثين من يونيو من كل عام عيدا لقوات الدفاع الجوى تقديرا لبطولته الباسلة فى فترة ما قبل حرب أكتوبر، حين كانت الدولة تستعد بكامل طاقتها، حيث نجح فى إسقاط طائرات للعدو، ونجحت الكتيبة التى كان قائدها فى إحداث خسائر كبيرة فى المعدات والأفراد لدى العدو واستشهد بعد أن أبلى بلاءً حسنا، مسطرا اسمه فى تاريخ الوطن.

فى دولاب غرفتها، لاتزال البدلة الميرى للشهيد معلقة كما لو كان حيا، تعتنى الزوجة الوفية بها تنفض غبار الزمن عنها من حين لآخر، حين تشتاق إليه تتحسسها بأناملها وتحدثه سرا وتبكى، تخبره بإنجازات حققها ابنهما الأكبر أمجد وابنتهما داليا، «كل ما أمسك البدلة أكلمه وأبكى كأن استشهاده كان لسه إمبارح» لا يضمد جرحها سوى أنه شهيد فى جنات النعيم.

«البدلة الميرى ونجمة الشرف» آثار متبقية من «ريحة الحبايب» لا تفتر لهفة الزوجة عليهما أبدا، ظلت هكذا سنوات طوال حتى تم دعوتها هى وأبناء الشهيد إلى الإسكندرية لزيارة كلية الدفاع الجوى هناك وفوجئت بإطلاق اسمه على مدرج كامل تخليدا لبطولته «لقيت مدرج كامل فى الكلية باسم الشهيد الرائد حسين صالح حاجة تانية من ريحته هتفضل عايشه معانا وهو حياتى ولسه عايش جوايا»

ونكمل فى المقال القادم. 

حفظ الله مصر وأهلها

[email protected]