عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

عن مؤسسة فلسطين للثقافة صدر للأسير المحرر وليد الهودلى رواية «ليل غزة الفسفورى» تصف أحداث العدوان على غزة أواخر 2008 مطلع 2009، وقد كتبها داخل السجن, وجميع أحداث الرواية تجرى فى مكان واحد - قطاع غزة-، والزمان قصير مركز لا يتجاوز الشهر.

وفى عام 1917 قدم الكاتب يسرى الغول روايته «غزة 78» التى تصف المدينة القديمة بمكوناتها وأهلها الرائعين، طيبتهم، حبهم وعطائهم، ويشرح «الغول» دون خجل كيف اغتصبت غزة كما اغتصبت أمها فلسطين، وكيف قضت إسرائيل وجيشها الغاشم على أحلام الشباب الباحثين عن الخبز والماء، كما قدم المخيم الرائع وجلسات البحر بكل رومانسية وقدم الطفولة المقتولة فى الصدور قبل العقول، والجمال بمكوناته على الشاطئ والبحر.

والروايتان أخذتا الوقت المناسب لتخرجا بهذه الروعة التى لا ينكرها أحد, فما بالنا برواية عن نفس الأحداث -التى تكرر نفسها- كتبت وخرجت إلى النور فى ثلاثة شهور فقط, إنها راوية «حائط بلا مبكى» للأديبة فكرية أحمد, وربما دفعتها الأحداث دفعا للكتابة كتفاعل طبيعى فهى -على حد قولها- لم تغمض لها عين طوال وقوع المجازر البشعة, ولم تنعم بطعام أو شراب, وكانت لا تستحل المياه الساخنة وأهالى غزة يفتقدون المياه النظيفة أصلا، وفى الرواية تغوص كعادتها بقلمها بكل جرأة داخل نسيج مجتمع الرواية لتسبر هذه المرة أغوار الجرح الفلسطينى بكل صدق، وتنبش تراب النكبة القديمة، وترصد بمنظار دقيق محاولة الاحتلال صناعة نكبة أخرى جديدة بحرب إبادة تواصل تنفيذها ضد المدنيين فى غزة.

تعيش الأحداث الدامية لحظة بلحظة مع قلم فكرية التى قررت المغامرة والمقامرة وكتابة راوية فى هذا الوقت المستحيل والذى لم يمنعها من السرد الشيق والقصص الإنسانية, والوصف الدقيق للحياة البائسة للشعب الفلسطينى, ولعل قصة الأسيرة «فريحه» مثالا صارخا على أعمال التعذيب الوحشى الذى يلاقيه الأسرى والأسيرات داخل سجون المحتل فالحارسات تنهال عليها ركلاً، ويقمن بـ«شبحها» على مقعد من الحديد، ويقيدن يديها وقدميها فى أطراف المقعد لقتل الجنين، ويبصق عليها الطبيب الإسرائيلى ويدفع إبرة حادة داخل أحشائها وهو يصرخ: أخرجى طفلك الإرهابى من أحشائك أيها الإرهابية.

وهذه المراهقة ندى تطلق صرخاتها فلا ينقذها أحد، والجندى الصهيونى ذو الرائحة النتنة يمزق ملابسها، يعرى جسدها، ويعاونه آخر فى اغتصابها بوحشية داخل معسكر سرى، وإذا بالمحكمة الإسرائيلية تغلق ملف البلاغ وتقول أن المغتصب مجهول؟

وهذا «جهاد» ابن السنوات الخمس يتشبث بصدر أمه، بينما النيران التى أشعلها المستوطنون تلتهم دارهم، تشوه جسد والده، وتقضى على أمه، وتترك ندبة على وجهه لا تمحيها الأيام.

و تختصر الرواية الواقع الذى يبحث عن مستقبل، وكأنها تنتظر أن يتم تحرير فلسطين وإنقاذ الأقصى، وتطهير حائط البراق من بكائيات اليهود ليتم إغلاق فصول الرواية بمشهد بطل الرواية خالد الزينى يحمل طفلاً مصاباً هو الناجى الوحيد من عائلة «الجوراني» فى حى الزيتون وقد بترت ذراعه، يجرى خالد بالطفل بحثاً عن مكان آمن فى غزة ليداوى به جرح الصغير على أمل أن يشفى ويفى بوعده له فيدربه على حمل السلاح والانتقام لعائلته التى قتلها الاحتلال، ولكنه يواصل الجرى حاملاً الطفل بجرحه النازف بحثا عن الملاذ، حيث لا مكان آمن، ولا مجال للعلاج، وتنتهى الرواية وهو لا يزال يجري.

الرواية صادرة عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة برئاسة أسامة إبراهيم، وجاءت فى 300 صفحة من القطع المتوسط، وزيلت بفصل كامل لصور المذابح التى ترتكبها إسرائيل فى حق أصحاب الأرض الفلسطينيين كتوثيق وشهادة للتاريخ الذى قامت إسرائيل بتشويهه وحذف حقائقه من المناهج الدراسية فى فلسطين.

 الكاتبة أهدت روايتها للشعب الفلسطينى ونحن بدورنا نهديها إلى شبابنا, فهى وجبة دسمة لمعرفة القضية الفلسطينية بصورة صحيحة وبسيطة بعيدا عن مهاترات وسائل التواصل الإجتماعى.

[email protected]