رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الوفد" في أسوان.. نرصد معاناة سيدات "هيسا" النوبية: الشتاء موسم رزقنا الوحيد وباقي السنة على الله

صحفية الوفد تحاور
صحفية الوفد تحاور سيدة نوبية في جزيرة هيسا بأسوان

 عندما تود وصف المرأة النوبية، فلابد من منحها لقب الملكة المتوجة من دون عرش، فهي تمتلك من الصفات الفريدة والنادرة ما يجعلها تتميز عن نساء الشرق أجمع، يكفي أنها في أغلب أسوان الحبيبة وجدت نساء النوبة يزينن القرى والجزر النوبية الدافئة بمشغولاتهن اليدوية وأعمالهن الأوقات تكون رب الأسرة الحقيقي، خصوصًا في حال غياب الزوج، أو الأب لظروف ما، فمنذ اللحظة الأولى التي خطوت بها على أراضي البسيطة التي نسجناها بخيوط ملونة من وحي طبيعة أسوان الساحرة، من أجل بيعها وكسب قوت يومهن من عرق جبينهن ليكونن خلفًا صالحًا لرجالهن.

جزيرة هيسا بأسوان

“الوفد” ترصد معاناة المرأة النوبية في جزيرة هيسا بأسوان:

 انتقلت عدسة جريدة "الوفد" إلى جزيرة "هيسا"، أقدم وأجمل الجزر النوبية، الواقعة شرق أسوان، لترصد مشاهد حية من كفاح وصلابة المرأة النوبية، حيث تفترش الأرض يوميًا بمشغولاتها اليدوية التي تجمع بين البساطة والتميز في آن، بحثًا عن رزقها وقوت يومها من أجل حياة كريمة لأسرتها وأبنائها بعيدًا عن كل المصاعب التى تعرقل طريقهن، تلك المشغولات التي تصنعها بيدها وتستغرق في نسجها ساعات متواصة حتى تتنج منها أجمل الحقائب والقبعات والإكسسوارات المميزة ذات الألوان المبهجة.

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

النوبية سميرة هيسا خلال حوارها لـ"الوفد": مفيش سياحة دلوقتي والمصريون هما اللي بيشتروا مننا:

 بملامح نوبية دافئة، كانت تجلس النوبية "سميرة هيسا" على أحد أرصفة الجزيرة، تنسج خيوط "التريكو" بألوانها المبهجة، ومن حولها العديد من المشغولات اليدوية من صُنع يديها، التي تعرضها على المارة من المصريين والأجانب تزامنًا مع الموسم السياحى بأسوان والذي يستمر حتى نهاية فصل الشتاء، الأمر الذي كشفت عنه "سميرة" خلال حديثها مع "الوفد" قائلة: "تعلمت أصول الحرفة على يد الحاجة كبيرتنا في الجمعية، وبدأت أبيع المشغولات وأصنعها بيدي من سنتين".

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان
الوفد في جزيرة هيسا بأسوان
الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

 وأضافت "هيسا": "تحول الأمر من مجرد هواية أمارسها إلى مصدر رزقى أنا وأسرتي"، لافتة إلى أنها متزوجة وليس لديها أبناء، بينما يعمل زوجها في مجال السياحة، ولكن بشكل غير مستقر، نظرًا لتراجع النشاط السياحي في الوقت الحالي داخل أسوان، أما عن أسعار المشغولات التي تنسجها بيدها أشارت إلى أنها تبيعها بمتوسط مبلغ يتراوح ما بين 100 و200 جنيه للسياح والمصريين بنفس الثمن، متابعة: "أغلبية الزبائن من المصريين أكثر من السياح الأجانب، لأن مفيش سياحة دلوقتي في البلد، ومش بيدخلي في اليوم أكثر من 100 أو 150 جنيهًا بالكتير"، لافتة إلى أن الشباب والبنات هم أكثر الفئات التي تلفت منتجاتها أنظارهم ودائمًا يحرصون على شرائها.

 سيدات النوبة في جزيرة هيسا لـ"الوفد": بنشتغل في الشتاء بس وفي الصيف مفيش مصدر دخل لينا مصاريفنا على الله 

 وخلال حوارها مع "الوفد"، تحدثت "سميرة" والحاجة سلسبيلة أيضًا، عن معاناتهما مع التجارة في المشغولات اليدوية، نظرَا لأنها تفرض عليهن العمل فقط في فصل الشتاء ما يعني بقاءهن عاطلات من دون عمل في الوقت المتبقي من العام، أي أن موسم الشتاء هو مصدر رزقهن الوحيد ودخلهن المادي الذي يعيشن منه بقية العام، حيث قالتا: "احنا بنشتغل في الشتاء بس لكن في الصيف بنريح وبنسيب مصاريفنا كده على الله واحنا ونصيبنا مفيش دخل عندينا، كلنا بنقعد في بيوتنا في الصيف".

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

جزيرة هيسا

 جدير بالذكر أن جزيرة هيسا من أقدم الجزر النوبية التي تقع شرق مدينة أسوان، تحديداً بين السد العالي وخزان أسوان، بمحاذاة معبد فيلة، على ضفاف نهر النيل، ويرجع سبب تسميتها بـ"هيسا" نسبًة إلى الملك (هيس)، أحد أبرز ملوك الأسرة السابعة، أيام العهد الفرعونيّ في مصر.
 

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

 يسكن جزيرة هيسا حاليًا ثماني قبائل، ويبلغ عدد سكانها بما يقارب أربعة آلاف نسمةٍ يعيشون حياةً بدائية بسيطة، كما تتألف الجزيرة من ستة نجوع، وكل نجعٍ يحمل اسم قبيلةٍ نوبية، بالإضافة إلى طبيعتها الساحرة التي يحتضنها نهر النيل الأمر الذي جعلها من أجمل الأماكن الطبيعية بمحافظة أسوان، حيث إن بيوتها، مُقامةٌ على صخور الجبال المُحيطة بالنهر، فضلًا عن أن تلك البيوت مُحاطةٌ بالماء والجبال الصحراوية من كلّ ناحيةٍ، تلك الطبيعة التي توفر الهواء النقي للسكان، إلى جانب توفير مناخ معتدل الحرارة في الشتاء، ومرتفع الحرارة صيفًا.


عادات وتقاليد جزيرة هيسا بأسوان:

 على الرغم من صعوبة الحياة بداخلها نظرًا لعدم توافر العديد من الخدمات الأساسية بداخلها أو حتى بالمناطق المجاورة لها، إلا أن سكانها يمارسون طقوساً وتقاليد تُدخلهم في جوٍ من الاستمتاع والبهجة، والتي تتمثل في العادات والتقاليد الخاصة بالزواج، مثل كليلة الحناء التي تُخَص فيها كفوف وأقدام العروس بالرسوم المختلفة من الحناء، كما يقوم أهالي العروسين بذبح عجلٍ وطهوه، ثمّ تقديمه إلى جانب المأكولات النوبية الأُخرى للضيوف، فيما يعلو الغناء النوبي، مع الرقصات التقليدية التي يتميّز بها سكان الجزيرة.

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

 هذا بالإضافة إلى احتفالات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في كلّ عام من خلال عقد حلقات الذكر، والإستماع إلى الابتهالات، والمديح النبوي.

واقع خدمي سيء في جزيرة هيسا بأسوان:

 ولكن هناك جانب سيء يعيب جزيرة هيسا، حيث يشتكي سكانها دائمًا من قلة الخدمات المُقدمة لهم، من قِبل الجهات الرسمية المُختصة، إذ لا توجد سوى وحدةٍ صحيةٍ واحدة، دون وجود كادرٍ صحيٍ دائمٍ، ما يدفع السكان في كثيرٍ من الأحيان، إلى نقل المرضى في حالات الخطر إلى مستشفى أسوان عبر المراكب، وهي وسيلتهم الوحيدة للخروج من الجزيرة أو الدخول إليها، وهذا ما يُفاقم معاناة المرضى وذويهم.

الوفد في جزيرة هيسا بأسوان

 كما أنّ الجزيرة الصغيرة بشكل عام ما يصعب احتواؤها على أيّ مرافق تجاريةٍ او خدميةٍ اُخرى، الأمر الذي يجبر سكانها على التوجه إلى البقالة الوحيدة في الجزيرة لشراء بعض احتياجاتهم اليومية والأساسية.