رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قرارات الحماية الاجتماعية تواجه غول الاسعار

بوابة الوفد الإلكترونية

الدولة رفعت الحدد الأدنى للأجور لـ6 آلاف جنيه.. والمعاشات 15%.. والتجار بـ«المرصاد» 

خبراء: زيادات جديدة فى الأسعار تُهدد جيوب المواطنين 

مواطنون: نسينا طعم اللحمة والفراخ

 

أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى عدة قرارات هامة تتضمن أكبر حزمة اجتماعية للحماية الاجتماعية يتم تنفيذها اعتبارا من الشهر المقبل، وشملت هذه القرارات: رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهرياً، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه بحسب الدرجة الوظيفية، بالإضافة إلى صرف علاوات دورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 10% من الأجر الوظيفى، و15% من الأجر الأساسى لغير المخاطبين، وبحد أدنى 150 جنيهاً وبتكلفة إجمالية 11 مليار جنيه، وصرف حافز إضافى يبدأ من 500 جنيه للدرجة السادسة، ويزيد بقيمة 50 جنيهاً لكل درجة، ليصل إلى 900 جنيه للدرجة الممتازة، بتكلفة 37,5 مليار جنيه.

كما تضمنت القرارات تخصيص 6 مليارات جنيه لتعيين 120 ألفاً من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى، و15 مليار جنيه زيادات إضافية للأطباء والتمريض والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وتخصيص 8,1 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأجور المعلمين بالتعليم قبل الجامعى، تتراوح بين 325 جنيهاً و475 جنيهاً، مع تخصيص 1,6 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية.

كما شملت القرارات تخصيص مبلغ 4,5 مليار جنيه لإقرار زيادة إضافية لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض تتراوح من 250 إلى 300 جنيه فى بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تقترب من 100% فى بدل السهر والمبيت، وزيادة المعاشات بنسبة 15% لـ 13 مليون مواطن، بتكلفة إجمالية 74 مليار جنيه، و15% زيادة لمعاشات «تكافل وكرامة» بتكلفة 5,5 مليار جنيه، لتصبح الزيادة خلال سنة 55% من قيمة المعاش، وتخصيص 41 مليار جنيه لمعاشات «تكافل وكرامة» فى العام المالى 2024/2025.

ورغم أهمية هذه القرارات لرفع المعاناة عن المواطنين إلا أن صدور مثل هذه القرارات يصاحبه دائما موجة من ارتفاع الأسعار المشتعلة فى الأساس، وهو ما يعنى أن المواطن لن يشعر بهذه الزيادات، ولذلك فالأمر يتطلب جهودا حكومية للسيطرة على الأسواق وتحجيم ارتفاع الأسعار الذى يلتهم كل إجراءات حكومية للتخفيف عن كاهل المواطنين. 

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك يزداد الأمر صعوبة بسبب الممارسات التى يقوم بها التجار من معدومى الضمير فى ظل غياب الرقابة، حيث يصبح جنون الأسعار شعار المرحلة ويقف المواطن عاجزًا بين دخله الهزيل مقابل متطلباته اليومية.

مواطنون يصرخون من نار الأسعار 

كُلما ترجلت فى شوارع المحروسة تجد وجوها مقتضبة، تبدو متاعب الحياة واضحة على ملامحهم، أنين يصدر منهم كلما جلس أحدهم على مقعد داخل إحدى وسائل المواصلات، أوعند قيامه بشراء أبسط الإحتياجات التى ارتفعت أسعارها بشكل جنونى.

«كل حاجة غليت» هذه الجملة تتردد على ألسنة جميع الباعة فى الأسواق، حينما يتحدثون عن السلع المرتبطة بالدولار، وهو ما طال أيضا السلع التى ليس لها علاقة من قريب أو بعيد به، ولكن الجميع يقول «كل حاجة زاد سعرها، فطبيعى دى كمان تزيد»، أسعار متداولة غير معروف مصدرها سوى رغبة التجار أنفسهم، ومحاولتهم نهب جيوب المواطنين فى ظل غياب الرقابة. 

فى المقابل لسان حال المواطنين يردد «مش قادرين نعيش» خاصة فى ظل اختفاء فئة أصحاب الدخل المتوسط، فالجميع يبحثون عن أعمال إضافية، يكدون ليلاً ونهارا، وقد يصل الأمر بمواصلة 3 أعمال فى نفس الوقت حتى يتسنى لهم شراء بعض المستلزمات الأساسية وليس جميعها. 

وقبل شهر تقريبًا من حلول شهر رمضان الكريم، ترتفع الأسعار بين ساعة وأخرى، وهو ما يزيد من مخاوف المواطنين خاصة مع الأحاديث المتواترة عن جنون الأسعار فى رمضان خاصة أسعار اللحوم والدواجن والأسماك.

بحديث مقتضب، قال جمال السيد، إنه يعول أسرة من 4 أفراد، ودخلة لا يتجاوز الـ4 آلاف جنيه، ومع منتصف الشهر يعيش حالة من الضيق بعد انتهاء راتبه على المستلزمات الأساسية للمنزل ومصاريف الأبناء، وتابع: «والله اللى بشتريه أكل وشرب بس لا علاج ولا خروج ولا ترفيه.. وكمان بنوفر من الأكل».

«نجوع يعنى ومناكلش».. هكذا استهل سمير كامل، حديثه، وقال إنه يحاول أن يقتصد فى مصاريف الطعام حتى يستطيع أن يكمل الشهر براتبه، مشيرا إلى أنه يعمل ليلاً ونهارًا وبالرغم من ذلك لا يستطيع أن يسد احتياجات منزله، موضحا أنه مهما زادت الدخول فلابد من وجود رقابة على الأسعار، فكل تاجر يبيع بالسعر الذى يحلو له، حتى أننا نجد السلعة تباع فى مكانين متجاورين بسعرين مختلفين. 

الرقابة الشعبية على الأسواق 

يؤكد الدكتور وائل أحمد عبدالله، أستاذ التفكير العلمى بجامعه سوهاج، أنّ الارتفاع الجنونى للأسعار الذى تمر به البلاد هذه الأيام يعد من الأمور المؤرقة لجميع فئات الشعب المصرى بجميع طبقاته، وكذلك للمسئولين على إدارة هذه الأزمة.

وأضاف أن الأزمة هذا العام تختلف عن الأعوام السابقة فى أمور كثيرة، فبعيًدا عن الارتفاع الطبيعى فى الأسعار الذى يسبق شهر رمضان الكريم، نجد الأسعار الآن ملتهبة بما يفوق قدرات الكثير من المواطنين.

ومن أسباب هذه الأزمة حسب ما قاله، حرب روسيا وأوكرانيا وما خلفته من آثار اقتصادية عالمية جسيمة، وحرب دولة الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة وما تسببت فيه من أزمة طاحنة خاصة على الصعيد الإقليمى، بالإضافة لمشكلة التضخم العالمى التى كان لها بالغ الآثر على دول العالم أجمع، فضلًا عن الأزمة الخاصة بنقص توفير العملة الأجنبية على الصعيد الوطنى، خاصة الدولار، كل هذا صاحبه غياب الرقابة على الأسواق، وصعوبة ضبط الأسعار والتحكم فيها من قبل المسئولين فى المحليات، وهو ما أدى إلى مزيد من استغلال التجار لتحقيق أرباح خيالية من خلال رفع الأسعار بشكل يومى، بل لا أكون مبالغًا إن قلت إن الارتفاع يزيد بشكل آنى، حيث أصبحت الأسعار ترتفع على مدار الساعة دون أسباب منطقة.

 

 

حل أزمة الأسعار فى خطوات 

ويشير أستاذ التفكير العلمى وحل المشكلات إلى أنَّ حل هذه الأزمة يكمن فى تطبيق أسلوب التفكير العلمى من خلال محورين مهمين: الأول يقع على عاتق المسؤولين التنفيذيين فى الدولة، بينما يقع ضمان تنفيذ المحور الثانى على عاتق تضامن كافة فئات الشعب المصرى.

وأوضح عبدالله أن تطبيق المحور الأول يمكن أن يتم على مرحلتين: الأولى، تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى شامل يقوم على دعم الإنتاج والتصنيع المحلى، حيث تقدم الدولة لصغار المستثمرين كتيبات إرشادية بها مشروعات تنموية مهمة تعمل على توفير السلع والمنتجات الاستراتيجية التى تقوم الدولة باستيرادها من الخارج بالعملة الأجنبية، والتى يمكن تصنيعها داخل مصر، وتحديد أفضل المواقع المناسبة لتنفيذ هذه المشروعات، وتقدم الدولة فى هذه الكتيبات دراسات الجدوى لهذه المشروعات، فضلًا عن التسهيلات وسبل الدعم التى يمكن أن تقدمها الدولة لصغار المستثمرين من الشباب المصرى لتحقيق ذلك. 

والمرحلة الثانية، حسب أستاذ التفكير العلمى، تكمن فى تبنى الدولة خطة قومية لتسويق هذه السلع والمنتجات فى معارضها ومنافذ بيع وزارة التموين، وغيرها من سبل الترويج التى يضمن بيع هذه المنتجات وكفاية الأسواق وربحية أصحابها.

واستكمل: وعى الشعب المصرى ضمن الحلول لضبط الأسعار، ويتمثل ذلك فى تضافر وتكاتف رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى والمؤثرين المجتمعيين فى تبنى برامج توعوية كبيرة تعمل على حث جموع الشعب المصرى على ضرورة دعم وتشجيع المنتج المصرى وشرائه بديلًا عن المنتج الأجنبى الذى تقوم الدولة باستيراده من الخارج، أو الذى تنتجه شركات تابعة لدول أجنبية تعود إيراداتها لهذه الدول، الأمر الذى يترتب عليه توفير العملة الأجنبية التى نحتاج إليها، كما يترتب عليه كذلك زيادة جودة المنتج المصرى وضمان استمراريته وبقائه وتطويره.

واستكمل: هذا الأمر يحتاج جهود الجميع بداية من الأسرة وصولًا إلى الدولة، حيث تعد الدولة شريكة فى تنفيذ هذه البرامج التوعوية التى تتطلب تغيير الوعى العام لصالح دعم المنتج المحلى، حيث تتضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع والإعلام، إلخ لتحقيق هذا الأمر. 

ولابد أن يصاحب ذلك التوعية بضرورة تفعيل الرقابة الشعبية على الأسواق، والإبلاغ عن كافة المخالفات فيما يخص غلاء الأسعار، وتنفيذ الرقابة الذاتية من الشعب نفسه على التجار ومكافحة احتكار السلع والتخزين من أجل البيع بأسعار أغلى، ومقاطعة المنتجات التى ارتفعت أسعارها بشكل غير مبرر، وإبلاغ جهاز حماية المستهلك عنها وعن أية تجاوزات فى تسعيرة المنتجات التى تحددها الدولة. فضلًا عن ترشيد الاستهلاك وتقليل بنود الإنفاق على مستوى المؤسسات الحكومية والأفراد، وعدم تخزين السلع والمنتجات الاستراتيجية لضمان توافرها وثبات أسعارها.

حلول اقتصادية 

من جانبه قال الدكتور عمرو يوسف، خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، إنّ الاقتصاد المصرى والعالمى يواجه تحديات جمة تمثلت فى تضخم بات مفرط التأثير على جميع مناحى، الحياة مما ساعد على تفاقم الأسعار بشكل يصعب معه التنبؤ بمعدلات الارتفاع خلال الفترات المقبلة، الأمر الذى بات معه ضرورة مضاعفة جهد الحكومة فى محاولة الخروج من تلك الأزمات بأقل الخسائر الممكنة فى ظلال ظروف خارجية عدة والتى كان آخرها توترات البحر الأحمر.

وأضاف الخبير الاقتصادى أنّ الشركات العالمية المتخصصة فى مجال النقل والشحن تخشى عبور حاوياتها فى البحر الأحمر وقناة السويس نتيجة تلك التوترات، فضلا عن أحداث عالمية معقدة ومتشابكة بشكل كبير، إضافة إلى تحديات كبرى داخلية لا تقل تأثيرا عن الخارجية كالتعداد السكانى المتزايد ودعم البنيات الأساسية للخدمات الصحية والاجتماعية لشريحة عريضة من المواطنين ضمن خطة لتهيئة الأماكن العشوائية.

واستكمل قائلا: لقد اتخذت الدولة عدة إجراءات لدعم الفئات الأكثر احتياجا فضلا عن زيادة الرواتب للقطاعين الحكومى والخاص ودعم السلع التموينية والخبز إضافة إلى وجود بعض الأجهزة الرقابية وإصدار بعض التشريعات والقوانين الحمائية والتى من شأنها ضبط الأسعار ومراقبة المتلاعبين فيها.

وأردف: خلال أيام معدودات سوف يهل علينا شهر رمضان والذى تزداد معه حركة شراء السلع الغذائية ونظرا لسلوكيات المواطنين وفى ظل التضخم الحالى وقلة المعروض قد يؤثر ذلك على منحنيات الاسعار لتزداد معها وتيرة الإرتفاع نتيجة تلك السلوكيات، مما يعرف بثقافة التخزين مما قد يعرقل جهود الدولة فى توفير المعروض من السلع لخلق توازن فى الأسعار 

وأكد الدكتور عمرو يوسف أنه لكى نعبر تلك الأزمة فلابد من العمل من خلال عدة محاور أهمها:

- نشر ثقافة الشراء على قدر الاحتياج من خلال حملة قومية بالتعاون مع الأجهزة المعنية والإعلامية المتخصصة.

- الدفع بعربات التوزيع المتنقلة والتابعة لأجهزة الدولة بشكل مضاعف حتى يحدث التوازن المطلوب ولخلق سوق مواز مضاد للأسواق التى تغالى فى أسعار السلع.

- تفعيل الرقابة الشعبية على مستوى الأسعار وذلك من خلال وضع أسعار معلنة بالأجهزة الإعلامية والدفع بالأجهزة المحلية لرقابة ذلك.

- تفعيل القرارات الحمائية الخاصة بفرض قيود على السلع الغذائية الموجهة للتصدير مع رفع الرسوم الجمركية على السلع التى يحتاجها السوق المحلى.

- تخفيض الرسوم الجمركية على الأعلاف التى تحتاجها قطاعات الإنتاج الحيوانى والداجنى.

وأشار إلى أن الوعى المجتمعى هو المحرك والضمان الأساسى لنجاح تلك التدابير فى تحقيق الغرض منها، حيث أضحت الظروف الحالية غير متوقعة نتيجة تسارع الأحداث الدولية والتى تؤثر بطبيعة الحال على أسعار العملات الصعبة، والتى لها التأثير الأكبر على مسار السياسات الاقتصادية العالمية والمحلية على حد سواء.