عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

من بديهيات الاقتصاد والمنطق.. توفير مصادر للدخل لأى كيان.. سواء كان هذا الكيان فردا أو شركة أو دولة.. ومن البديهيات أيضا تنمية تلك المصادر وتنويعها لضمان بقاء وتطور ذلك الكيان.. لا أظن ان هذا أمر يختلف عليه عاقلان.. لكن من غرائب العقل البشرى.. انتشار جرثومة ميلتون فريدمان كالنار فى الهشيم فى العديد من الدول رغم الخراب الذى حلت به فى كل أرض رحبت بها.. وهى تلك الجرثومة التى سلبت الحكومات جميع مصادر الدخل.. مقابل تركيز الثروة فى يد نفر قليل.. وبعيدا عن الجدل العقيم حول ذلك النوع من الفكر الاقتصادى واهدافه المعلن منها والخفى.. فإن ارتضت حكومة ما التخلى عن دورها المفترض والتنازل عن مصادر دخلها مستبدلة ذلك بالجباية كإيرادات للدولة.. فأولى البديهيات هى تنمية هذه الايرادات عبر توفير مناخ استثمارى وسياسات داعمة حقيقية لتعظيم ثروات المواطنين وليس افقارهم لينضب ذلك المصدر الوحيد للدخل تدريجيا.. وتكون النتيجة الحتمية شعوبا فقيرة وحكومات عاجزة!

ومن بديهيات اقتصاد الدولة أيضا.. أن السياسات المالية والنقدية.. هى أدوات مساعدة للنشاط الاقتصادى.. ولا يمكن أن تكون هى النشاط الاقتصادى نفسه! 

وتلك السياسات تلعب دورا هاما فى إدارة الحياة الاقتصادية بشكل عام والاسواق بشكل خاص.. فهى بمثابة القوى الناعمة.. القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات للأسواق وتنمية الاقتصاد.. وذلك عبر خلق مناخ استثمارى صحى وجاذب.. أما النظر للسياسات المالية باعتبارها أداة للجباية فحسب.. بغض النظر عن اثرها المدمر للسوق والمناخ الاستثمارى.. هنا تتحول تلك السياسات إلى عائق كبير فى وجه الاقتصاد يجب ازالته على الفور.. فالأسواق لا تدار بالعصا.. وقديما قالوا «التاجر الشاطر يبحث عن مكسب شريكه قبل مكسبه».

أما العملة فهى تمثل قدر ما تملكه الدول من الثروة.. بل إن العملات الجيدة السمعة ترقى لدرجة مستودع للقيمة.. وألف باء تعريف العملة شرطان أساسيان هما.. القبول والثقة.. وبافتقاد أى من الشرطين تفقد العملة قيمتها.. يستتبع ذلك تبخر الثروات وانهيار الاقتصاد وصولا إلى درجة الافلاس.. وفى حالة تواجد سوق مواز للعملة.. فإن أى تخفيض رسمى لقيمة العملة يستتبعه سلسلة لا متناهية من الانخفاضات فى قيمتها فى السوق الموازى.. ولا يمكن أن يحدث العكس.. لأن ذلك الاجراء ينزع عنها شرط الثقة يستتبعه غياب شرط القبول.. وفى هذه الحالة يكون دعم العملة أولى من تخفيضها.

ويمثل التوجه بجدية لزيادة الانتاج «صناعى وزراعى» بوفرة.. وغلق باب الاستيراد تماما الا للضرورة وفى أضيق الحدود هو الحل الأمثل لمثل تلك الأزمات.. والاعتماد على القدرات المحلية كليا وصولا للاكتفاء الذاتى. 

ويفرض العقل والمنطق مع انخفاض قيمة العملة التوقف الفورى عن بيع او تصدير المواد الخام أيا كان شكلها وكذلك أصول وممتلكات الدولة.. لأن ذلك يعد إهدارا لثروات الأمة.. ولا يكون البيع مقبولا إلا فى حالة واحدة «إن توفرت».. هى البيع بالعملة الاجنبية مقومة بأسعار ما قبل الانهيار أو الاسعار العالمية.. أما غير ذلك فهو إهدار حقيقى لما تبقى من الثروة. 

ومن بديهيات الاقتصاد أيضا.. عدم اغفال المدى الزمنى للمعاملات المالية أو المشروعات.. فهناك معاملات قصيرة الاجل وأخرى متوسطة وطويلة الأجل.. ولا يجوز الخلط بين هذه وتلك.. فلا يجوز الدخول بقروض قصيرة الاجل فى مشروعات طويلة الاجل أو ذات عوائد غير مباشرة.. وإن كان العكس يجوز.. وفى الحالة الاولى يكون التعثر والعجز عن سداد تلك القروض هو الامر المنطقى والبديهى.

ومن بديهيات الاقتصاد أيضا.. أن التوسع الافقى للصناعة والزراعة خاصة للدول غير المنتجة.. هو الحل الامثل للنهوض بتلك الدول.. عبر تحويل شعوبها من ثقافة الادخار إلى الاستثمار.. ولن يتأتى هذا إلا بتغيير حقيقى فى سياسات الاقراض ودعم المشروعات الصغيرة.. وإزالة المعوقات الإدارية والسياسات المالية والمصرفية الفاشلة بكل ما تمثله من شخوص وقرارات معلنة وخفية.. وتاريخ بائس من الفشل وعرقلة أى محاولة للانطلاق.. وللحديث بقية.