رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كم يسعد المرء أن تقوده الصدفة إلى التعرف على رؤى واطروحات تتوافق معه فكريا، وتدعو إلى نفس ما يدعو اليه ويتمناه لوطنه العربى الكبير، فقد دعيت الأسبوع الماضى لمناقشة كتاب المفكر والكاتب الاماراتى الكبير على محمد الشرفا الحمادى الذى صدر هذا العام بعنوان «ومضات على الطريق العربى للمستقبل – دراسات ومشاريع حلول لمواجهة المستقبل العربى»، وهو الذى تخرج فى الكلية الحربية المصرية عام 1966م، وشغل بعد ذلك عدة مناصب سياسية كان أبرزها أنه عمل مديرا لديوان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات وحاكم ابوظبى فى الفترة ما بين 1973 حتى 1995 م.

ومن البداية لفت نظرى هذا العنوان البراق الباحث عن طريق للمستقبل العربى، حيث يتوافق مع بعض مؤلفاتى فى هذا السياق وخاصة «الأورجانون العربى للمستقبل» الذى صدر عام 2014 معبرا عن نفس الهموم وحاملا رؤية أداتية للمستقبل العربى تقوم بداية على تشريح الواقع العربى وكشف الأوهام الأربعة المكبلة لانطلاق أبنائه وبيان معوقات الحداثة التى لخصناها فى عشر يجب العمل على التخلص منها، ثم بيان مقومات النهوض الخمس وأهمها كانت الدعوة إلى ضرورة التنسيق العربى الشامل الذى يحقق آمال وتطلعات الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وتتماثل مع التكتلات العالمية الكبرى كالاتحاد الأوربى واتحاد الولايات المتحدة الأمريكية، ومن هنا كانت الدعوة إلى ما سميته «اتحاد الدول العربية» كبديل لذلك الكيان الهزيل المسمى «جامعة الدول العربية» وضربت مثلا على ذلك بنشأة ونجاح اتحاد «دولة الامارات العربية» كنموذج وحدوى تغلب على كل التحديات والمشكلات بفضل إصرار مؤسسيه على انجاحه وانكارهم -كزعماء لإماراتهم المختلفة- للذات وتغليبهم مصلحة شعوبهم على مصالحهم الفردية.

لقد قسم هذا المفكر الاماراتى العروبى الكبير كتابه إلى ثلاثة أبواب تحدث فى أولها عن ما سماه «ومضات على الطريق العربى»، وفى الثانى «عن ومضات على الطريق القطرى العربى « حيث تحدث فى الفصل الأول منه عن الامارات والكويت ومجلس التعاون الخليجى وفى الثانى عن الجزائر وفى الثالث عن اليمن والسودان، بينما خصص الباب الثالث بأكمله عن مصر وثورتها وجبهتها الداخلية وعوامل تماسكها ومشاريعها الاقتصادية والتنموية ووضع لها خاصة خارطة طريق للتقدم. 

وكم كان وطنيا وصادقا وهو يحاول فى الباب الأول من هذا الكتاب وضع أسس لخارطة طريق مستقبلى لدخول الأمة العربية القرن الجديد بعقلية متفتحة وإرادة قوية تتحدى التمزق والتشتت متحررة من الحلقة المفرغة التى تدور فيها!

وقد حدد أسس هذه الخارطة فى عدة مبادئ أهمها:

1- وضع ميثاق جديد للعلاقات العربية تتحدد فيه واجبات والتزامات وحقوق كل دولة عربية وقت السلم ووقت الحرب بأسلوب واضح لا لبس فيه ولا غموض.

2- وضع اطار عام لأسلوب التعامل بين الدول العربية قائم على الاتصال المباشر والحوار المستمر لسرعة انهاء أى خلاف بينها.

3- أن يكون تعيين أمين عام جامعة الدول العربية دوريا وحسب الحروف الابجدية ويتغير كل ثلاث سنوات.

4- تشكيل محكمة عدل عربية من قضاة ترشحهم دولهم العربية ويُختارون بالقرعة، ويتغير تشكيلها دوريا كل خمس سنوات، ويكون الحكم الصادر عنها ملزما لأطراف النزاع. 

5- انشاء مجلس للأمن القومى العربى ويتشكل من قادة القوات المسلحة فى الدول العربية ليضع الإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربى المشترك ويجعلها قيد التنفيذ فى ظل أى أزمة داخلية أو أى عدوان خارجى.

6- انشاء بنك عربى برأسمال لا يقل عن خمسمائة مليار دولار لتكون مهمته اصلاح الهياكل المالية للدول العربية وتطوير إمكاناتها الاقتصادية.

وبالطبع فقد أسهب كاتبنا فى شرح تصوراته للمستقبل العربى والتحديات التى ستواجهه وخاصة فى المجالين الاقتصادى والسياسى فى ظل الصراعات الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن هذه المقترحات لم ترق إلى ما أطمح اليه ودعوت اليه فى كتابى السابق الإشارة اليه! فالسؤال هو: هل تحقق أى شىء من هذه الطموحات الواقعية جدا التى طرحها الحمادى فى هذا الكتاب المهم وهو السياسى المخضرم الذى عاصر أهم تجربة وحدوية ناجحة فى عالمنا العربى؟! أم أن القيادات العربية -رغم تزايد التحديات وكثرة التهديدات للأمن القومى القطرى والعربى- لاتزال عاجزة عن ادراك أهمية أن تتوحد ارادتهم، وضرورة العمل العربى المشترك وحمايته من الاختراقات المتتالية من الدول المعادية سواء كانت غربية أو إقليمية؟ والى متى ستظل دولنا العربية خاضعة وتابعة للرؤى الغربية التى تستهدف دائما تمزيق العرب وتشتيت شملهم؟! لعلنا نجد جانبا من الإجابة عن تلك التساؤلات فى المقال القادم ان شاء الله.