عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ملايين الأسر رفعت شعار «بلاها فسحة»:

الغلاء يسرق فرحة «إجازة نص السنة»

بوابة الوفد الإلكترونية

ارتفاع أسعار حجوزات الفنادق رغم الكساد... وتذاكر الحدائق والمتنزهات فوق مستوى محدودى الدخل

استشارى صحة نفسية: أفكار غير مُكلفة لتحسين حالة الأبناء النفسية وتجديد طاقتهم

خبير سياحى: السياحة الداخلية تأثرت بسبب عزوف المواطنين عن السفر

 

كانت أجازة نصف العام فرصة لآلاف الأسر المصرية التى كانت تنتظر هذه المناسبة للسفر أو الخروج لزيارة المناطق السياحية والترفيه عن أنفسهم وأبنائهم، إلا أن حالة الغلاء الفاحش التى تعيشها البلاد أفسدت هذا الموسم الذى كان يعد من أهم مواسم انتعاش السياحة الداخلية، وكان فرصة لتعويض من تعانيه السياحة من ضربات وتأثيرات ناتجة عن الظروف المحيطة بنا؟

إلا أن هذا الموسم جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث إن ارتفاع أسعار كل شىء جاء على حساب الفسح والسفر، ورفعت آلاف الأسر خاصة من فئتى محدودى ومتوسطى الدخل شعار «بلاها فسح» فتوفير قوت يومهم والاستعداد لمصروفات التيرم الثانى أهم، خاصة بعد أن أصبح هذا التيرم بمثابة عام دراسى جديد له متطلبات ومصروفات تثقل كاهل الأسر المصرية.

وقد أجمع الخبراء أن إلغاء بند الفسح يؤثر على الصحة النفسية للأطفال والطلاب الذين كانوا ينتظرن الأجازة للحصول على القليل من الترفيه، فضلًا عن تأثر السياحة الداخلية بسبب قلة الإقبال على المناطق السياحية والمدن الساحلية، وهو ما ينعكس بدوره على السياحة التى تعد من أهم القطاعات التى تسهم فى توظيف العديد من الشباب وتعزز الاقتصاد القومى.

أصبحت تكاليف الترفيه والتنقل والإقامة داخل الفنادق والأماكن السياحية أمرًا مكلفًا للغاية حتى مع العروض التى تقدمها شركات السياحة، ما أدى إلى تراجع عدد كبير من المواطنين عن القيام بهذه الرحلات التى كانت حلماً ينتظر العديد من أبناء الطبقة الوسطى تحقيقه كل عام، وهو ما أثر على قطاع السياحة الداخلية بشكل كبير، حيث كان الجميع ينتظر موسم الإجازات لمنح قبلة الحياة لهذا القطاع الأساسى من قطاعات الدخل القومى المصرى، والذى يساهم بشكل كبير فى تنمية الاقتصاد القومى وثقافة المجتمع، حيث كانت هناك آلاف الأسر التى لا يمكنها السفر إلى محافظات أخرى، ولكنها كانت تكتفى بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات والمعالم السياحية كالأهرامات أو المتاحف المختلفة، ولكن مع ارتفاع أسعار تذاكر دخول الحدائق والمتنزهات والتى تبدأ من 40 جنيهاً للفرد، ناهيك بتكاليف الألعاب والمأكولات والمشروبات التى أصبحت أسعارها خيالية، لذلك رفعت أغلبية المواطنين شعار «بلاها فسحة» فى أجازة نصف العام، وهو ما سينعكس بالطبع على الفنادق والمطاعم وجميع الأنشطة السياحية والترفيهية.

والتقت «الوفد» عدداً من الأمهات والآباء، الذين أعربوا عن استيائهم الشديد من الارتفاع الجنونى فى أسعار السلع الغذائية والمواصلات والمتنزهات والرحلات، وبدأت السيدة خلود والدة لطفلين حديثها قائلة: «مفيش فسح ولا ترفيه فى الإجازة نحاول أنا وزوجى توفير مصروفات التيرم الثانى، ونقلل النفقات قدر الإمكان، ورغم أن هذا أثر على نفسية الطفلين اللذين كانا ينتظران الأجازة بفارغ الصبر للتنزه والسفر، إلا أنه ما باليد حيلة، فارتفاع الأسعار جعلنا غير قادرين على الخروج للتنزه حتى فى الحدائق القريبة منا وليس السفر فحسب، فقد أصبحنا نعانى لتوفير السلع الغذائية ومصروفات الدراسة.

وأضافت «منى» ربة منزل أنها وزوجها وأطفالها الثلاثة كانوا يسافرون فى الإجازة فى رحلات داخل البلاد الأمر الذى أصبح مستحيلًا الآن وأثر أيضاً على نفسية أطفالهما، ولكنها استدركت قائلة: «الأولويات أهم والطعام والدراسة هما أهم أولوياتنا الآن». 

فيما قال محمد موظف بإحدى المصالح الحكومية «أجازة إيه وفسحة إيه إحنا عارفين نأكلهم فى الأيام الصعبة ديه». 

وقالت ماجدة صاحبة الـ50 عامًا: أسرتى مكونة من 5 أفراد أنا وزوجى وأبنائنا الثلاثة فكرنا فى عروض الرحلات التى تقدمها شركات السياحة ووجدنا أن تكلفة الفرد الواحد لا تقل عن 1500 جنيه ذهاب وإقامة فقط غير وجبات الطعام، وأقل رحلة داخل البلاد سوف تكلفنا 10000 جنيه على الأقل، لذلك قررنا إلغاء السفر والتنزه رغم أننى أعمل أنا وزوجى ولكن رواتبنا معاً لا تكفى لسد احتياجات أبنائنا الأساسية.

بدايات جديدة

وفى هذا الصدد، قال الدكتور مصطفى كامل استشارى تدريب وتطوير دولى وخبير تربوى عن أهمية الأجازة على الصحة النفسية للأبناء أنه من المؤكد أن العطلات لها دور هام جدًا فى حياة البشر خاصة الأبناء سواء فى مرحلة التعليم قبل الجامعى أو التعليم الجامعى، خصوصًا بعد فترة دراسة، وامتحانات مليئة بالكثير من المصاعب والضغط النفسى، فقضاء أجازة يعنى الكثير حيث إنها تبنى رابطة قوية فى الأسرة، وتترك ذكريات سعيدة ترتبط بتفاعلات أكثر إيجابية عندما يكبر الأطفال، وتمنحهم الشعور بالانتماء للأسرة وتساعدهم على بدايات أخرى جديد بشكل أفضل ونشاط قوى متجدد. 

ولكن للأسف الشديد فى ظل الظروف العصيبة التى تواجه البلد حالياً خصوصًا ارتفاع الأسعار الجنونى فى جميع السلع الغذائية والمواصلات أصبح من الصعب بل من المستحيل على معظم الأسر اتخاذ قرار بالقيام برحلة ترفيهية والاستغناء عن احتياجاتهم الضرورية والأساسية من مآكل وملبس ومصروفات دراسة. 

وأضاف الخبير التربوى أنه ما زال الأمل قائماً للاستمتاع بالأجازة من خلال القيام برحلات اليوم الواحد للحدائق ومراكز الشباب والنوادى والزيارات العائلية والاجتماعية، ومن المؤكد أنها لن تؤثر على ميزانية الأسرة بشكل كبير، بل سوف تساعد على الترابط الأسرى والعائلى وتقوى لغة الحوار بين الأبناء والأباء.

وهناك أيضاً دور مهم يجب أن تقوم به المدارس والجامعات من خلال فتح أبوابها للطلاب لممارسة الأنشطة المختلفة والقيام برحلات بأسعار مخفضة، وبذلك تساهم فى مساعدة الطلاب على استكمال باقى العام الدراسى بنشاط.

إجازة بدون ضغط

وأوضحت الدكتورة نادية جمال استشارى العلاقات الأسرية والصحة النفسية، كيفية استغلال الاجازة للأولاد بدون ضغوط مادية على الأباء والأمهات، مشيرة إلى أنه يجب أولاً أن نعرف احتياجات أبنائنا فى الاجازة، فلا بد أن يشعروا بالراحة النفسية بعد فترة الدراسة التى مروا بها بالكثير من الضغوط، ولابد أن يعرف الجميع لأن هذه الإجازة مخصصة ليستعيد الطلاب طاقتهم فيها ويحسنوا من حالتهم النفسية حتى يعودوا للفصل الدراسى الثانى بنشاط وحيوية وطاقة تساعدهم على التعلم.

وأضافت أنه نظرًا للظروف المادية والاقتصادية والغلاء المبالغ فيه، والتى أثرت على معظم الأسر خاصة محدودى الدخل، يجب على الأب والأم البحث عن بدائل تشعر أبنائهم بالراحة والسعادة، على سبيل المثال الأولاد الذين يريدون الذهاب للسينما علينا أن نعوض ذلك بالتجمع فى المنزل ونغير الأجواء بمشاهدة فيلم جديد وتحضيرات تشعرهم بأجواء السينما، وإعداد المسليات التى يحبونها، وبدلاً من السفر إلى إحدى المحافظات والإقامة فى أحد الفنادق يمكن إعداد خروجة بسيطة والتنزه فى شوارع وسط البلد، وليس بالضرورة شراء أشياء ولكن التجول مع تناول العصائر أو الآيس كريم، فهذا سيشعرهم بالسعادة ويغير من حالتهم النفسية فى الإجازة، كما يمكن مقابلة الأصدقاء وزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وأيضًا مشاركتهم فى ترتيب المنزل وملابسهم واستغلال الملابس الصغيرة وتنظيفها ووضعها فى حافظة شيك وإعطاؤها لدار أيام على سبيل المثال أو أحد المعارف أبنائهم أصغر أو أى محتاج نعرفه، وبذلك نساعد فى تعليمهم ترتب أشياءهم وأيضاً نعلمهم حب الصدقة، فضلًا عن ملء أوقات فراغهم بأشياء مفيدة تساهم فى تشكيل سلوكهم الدينى والتربوى ورفع وعيهم.

وأضافت على الأب والأم مع التركيز على الأم لأنها تتواجد مع الأبناء لفترة أطول، لذلك عليها مشاركتهم فى الألعاب المختلفة والترفيه عنهم والتركيز على الألعاب التى تنمى ذكائهم، وهذه كلها أشياء سهلة وبسيطة وغير مُكلفة ماديًا وتساعد الأبناء على تغيير الأجواء والإحساس بالاجازة وتحسين حالتهم النفسية وتجديد طاقتهم، وكسر روتين الدراسة حتى يعودا للفصل الدراسى الثانى بطاقة جديدة وشغف للعلم.

وأضافت أنه يمكن أيضا زيارة الأماكن السياحية فهناك أماكن عديدة غير مكلفة ماديًا، كالمتاحف أو القاهرة التاريخية وعلينا خلال الجولة أن نروى لهم تاريخ المكان ونحكى لهم عن عظمة الأثر خلال الزيارة، فعلى سبيل المثال شارع المعز مكان غير مكلف ماديًا والكثير يحبون زيارته والآثار الإسلامية الرائعة الموجودة به، وبذلك نكون أسعدناهم وأضفنا لهم معلومات عن تاريخ آثارنا الإسلامية.

انكماش السياحة الداخلية

والتقط أطراف الحديث الدكتور عاطف عبداللطيف الخبير السياحى موضحاً أن السياحة الداخلية تأثرت بشدة وحدث لها حالة انكماش والأعداد قليلة جدًا فى هذه الأجازة، نظراً لعزوف الكثير من الأسر عن القيام برحلات خلال أجازة نصف العام، بسبب ارتفاع الاسعار المبالغ فيه والأزمات الاقتصادية التى تواجه الأسر المصرية، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الأسر المرتبطة بأقساط المدارس فى الفصل الدراسى الثانى، والتى زادت أيضًا زيادة خرافية، وبالإضافة إلى أن بعض الأسر تستعد أيضا لشهر رمضان الكريم والذى يأتينا بعد بداية التيرم الثانى بأسابيع قليلة، والأسر تستعد له فى ظل هذا الغلاء الفاحش، وبالتالى قامت الكثير من هذه الأسر بإلغاء السفر والتنزه خلال فترة الأجازة. 

وأشار الخبير إلى أهمية السياحة الداخلية، خاصة مع انكماش السياحة الخارجية التى تضررت بشكل كبير نظرًا للحروب التى تشهدها المنطقة، منوها إلى أن السياحة الداخلية كانت تقوم بتعويض الفنادق والأماكن السياحية، ولكنها تواجه مشكلة كبيرة الآن بسبب عزوف أغلب المواطنين عنها.

وأضاف «عبداللطيف» أننا جميعًا نتمنى تحسن الأمور وعودة السياحة الداخلية والخارجية أيضًا، لأنه عندما يكون هناك تباطؤ فى نمو السياحة الخارجية والداخلية يؤثر ذلك على الاقتصاد السياحى من فنادق ومراكز سياحية وحركة الأتوبيسات وشركات السياحة وعدد كبير من العاملين بها والمهن المرتبطة بها.

وأكد مطالبة الفنادق والأماكن السياحية والسكك الحديدية والطيران وشركات السياحة بعمل عروض مخفضة لتشجيع المواطنين على استئناف الرحلات، وعلى النقابات العامة والنوادى أيضاً المساهمة فى تنظيم رحلات مخفضة وعمل عروض لتنشيط حركة السياحة الداخلية، وعلى الفنادق تقديم عروض خاصة لتنشيط حركة السياحة والتى لها تأثير قوى على الاقتصاد والعُملة، والعمالة أيضا لأن شركات السياحة والفنادق تحتاج لعمالة كبيرة وتساهم بذلك فى توظيف الكثير من الأيدى العاملة.

وأخيرًا نتمنى انتهاء حرب فلسطين بحيث تعود حركة السياحة إلى ما كانت عليه، وهو ما ينعكس على الاقتصاد القومى ليصبح قادراً على مواجهة التحديات التى تواجهه.