رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

لدى العديد من البشر قدرات فائقة فى فعل التسويق.. هؤلاء يستطيعون التسويق لأى شىء وكل شىء.. وكما يقول المثل الدارج «يبيعون الهوا فى أزايز».

هؤلاء قادرون على الترويج لكل تافه.. وبإلحاح حتى يحسبه الجاهل شيئا.. هؤلاء يسوقون الأفكار التافهة والقصص الفارغة والمشاريع الفاشلة والكتب الخاوية والخطط الفاسدة.. والأخطر من كل ذلك الترويج لـ«الأشباه».. شبه عالم، شبه مفكر، شبه فقيه، شبه فنان، وشبه موهوب وشبه كاتب وشبه إعلامى وشبه مناضل.. حتى امتلأت حياتنا بالأشباه.

وخطورة الأشباه.. أنها تملأ المكان.. تطرد الحقيقى.. تدعى أنها أنجزت المهمة وتحصل على التصفيق والمديح والشهرة والمكافآت.. تسبق الجميع لالتقاط الصور فى الصفوف الأمامية.. والمحصلة لا شىء.

ضجيج لا ينتج غير السراب.. لكن النتيجة الأكيدة هى أن المهمة انتهت، وتوارى القادرون على الإنجاز، ولن يفكر أحد فى المحاولة من جديد.. وتبقى الحقيقة، والمحصلة النهائية ما تم هنا لم يكن أكثر من «هوستا كوستا».

إن الترحيب بالأشباه وثقافة «الهوستا كوستا» قادر على تدمير أعتى الحضارات.. قادر على تشتيت أكثر المجتمعات أصالة.. فلهؤلاء قدرة غريبة على المزاحمة.. قدرة كبيرة على التشويش والجدل وإرباك، وتشويه كل ما هو جيد ونافع، واشغال المجتمع بكل خبيث وكل ما ليس منه طائل.. تجدهم فى كل المواقع وعلى كل المنصات.. الحديث منها والقديم.. ويرتكن هؤلاء بحرفية شديدة إلى المثل الشعبى الشهير «الصيت ولا الغنى».

«الهوستا كوستا» ملأت حياتنا.. صنعت نجوما وهمية.. أرهقتنا واستنزفت قدراتنا.. شتتنا وأضاعت الهدف من أمام أعيننا.. ملأت جيوب وحسابات كل تافه بالملايين بل بالمليارات.. أربكت المجتمع وشوهت القيم.. أصابت كثيرين بلوثة اللاشىء واللا قيمة.. أحبطت كل مجتهد وكل ذى رسالة.. بات من الصعب أن تقنع طفلا بضرورة الاجتهاد والمذاكرة من أجل مستقبل أفضل.. وهو يرى العلماء والمجتهدين والنابهين فى الطوابير يتسولون فرصة عمل أو هجرة إلى الخارج.. صار من المستحيل إقناع الشباب بقيمة العمل وهو يشاهد يوميا على منصات التواصل من حققوا الملايين لقاء تسجيلات تافهة وسمجة ومملة.. أما الحديث عن أهمية الثقافة وأصالة المعرفة فهو حديث سخيف بلا معنى فى أعين الأجيال الجديدة.. وهى ترى التافهين والأشباه يتصدرون المشهد.. وكثير من منصات الإعلام لا تحتفى إلا بمن له رصيد معتبر من الهزل أو الفضائح اللا أخلاقية.

الأغرب والأخطر من ثقافة «الهوستا كوستا» التى أوشكت أن تأتى على الأخضر واليابس.. هو تلك القوة الخفية الدافعة لها.. والقادرة على خلق ألف هوستا كوستا كل يوم لاشغالنا.. تلك الأيادى التى تتلقف كل تافه لتروج له وتفسح له الطريق.. فى تناسق وتناغم يصعب معهما التبرير بالمصادفة.. وكأنه عمل خطط له بدقة وأدير بنظام صارم.. القضية ليست قطاعا بعينة ولا فئة بعينها.. القضية فى تحول شغل «الهوستا كوستا» لثقافة عامة واقتربت من أن تكون سمة مجتمع.. فتقبل الضحالة والترحيب بالردىء من السلع للفنون للأفكار للأشخاص صار الأمر الطبيعى.. بات منطقيا أن نخطط ونحلم ونسعى ونجهد وتكون المحصلة صفرا.. صفرا كبيرا كبر تلك البروباجندا المصاحبة للهوستا كوستا.

أعلم جيدا أن هذا الحديث سيثير غضب مجتمع الهوستا كوستا.. ولهؤلاء أقول لا داعى للانزعاج هى مجرد كلمات ستمر كغيرها.. فأصواتكم أعلى.. ومكبراتكم فى كل مكان.. وأتباعكم أتفه من أن يقرأوا أو يتدبروا.. لا تقلقوا إنها بعض كلمات وسط صراخكم فلن تؤدى لأى رد فعل.. وإن كان فلن يكون أكثر من «هوستا كوستا».

[email protected]