رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معركة الإسماعيلية.. ملحمة صارت عيدًا

بوابة الوفد الإلكترونية

حماية السيادة الوطنية وتحقيق الأمن الداخلى.. تلك هى عقيدة الشرطة المصرية طوال تاريخها، وإيمانا بهذه العقيدة ووفاء للوطن، قدمت الشرطة المصرية تضحيات خالدة، وكانت تضحيات الشرطة عام 1952، سببا فى اختيار الخامس والعشرين من يناير عيدا للشرطة، ففى هذا اليوم قدمت الشرطة خمسين من رجالها فى سبيل الوطن..

ولأن رجال الشرطة المصرية أبطال جيلاً بعد جيل لم تتوقف تضحياتهم، وخلال السنوات الثمانى الأخيرة قدموا قرابة 22 ألف شهيد ومصاب حتى تستعيد الدولة المصرية هيبتها وأمنها واستقرارها.

المعركة التى صارت عيدا للشرطة بدأت صباح يوم الجمعة 25 يناير عام 1952، حيث قام القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير إكسهام» باستدعاء ضابط الاتصال المصرى المقدم شريف العبد وسلمه إنذارًا بضرورة أن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة؛ ورفضت قوات الشرطة الإنذار البريطانى وأبلغت به فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى ذلك الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

وانطلقت شرارة هذه المعركة بعد اتصال هاتفى بين وزير الداخلية حينها فؤاد سراج الدين وقائد قوات الشرطة فى الإسماعيلية اللواء أحمد رائف، كان نصها :

اللواء أحمد رائف: «آلو.. حولنى على فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية..

< صوت على الطرف الآخر للمكالة التليفونية: مين يا فندم؟

< اللواء أحمد رائف: أنا اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام فى الإسماعيلية:

< نفس الصوت على الطرف الثانى للمكالمة التليفونية:

حاضر يا فندم معالى الوزير هيرد على حضرتك حالا..

مرت ثوان، وبدأت المكالمة بين فؤاد باشا سراج واللواء أحمد..

اللواء أحمد رائف: معالى الوزير صباح الخير يا أفندم..

فؤاد باشا سراج الدين:صباح النور؟

اللواء أحمد رائف: يا أفندم قوات الاحتلال البريطانى وجهت لنا إنذارا برحيل قوات البوليس عن مدينة الإسماعيلية، وإحنا يافندم رافضين وقررنا المقاومة ومنتظرين تعليمات سعادتك..

فؤاد باشا سراج الدين: حتقدروا يا أحمد؟

اللواء أحمد رائف: يا أفندم مش حنسيب الإسماعيلية حتى لو ضحينا بآخر نفس فينا..

فؤاد باشا سراج الدين:ربنا معاكم.. استمروا فى المقاومة».

وبدأت المجزرة الوحشية الساعة السابعة صباحا وانطلقت مدافع الميدان من عيار ‏25‏ رطلا ومدافع الدبابات ‏(السنتوريون‏)‏ الضخمة من عيار‏ 100‏ ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة، وبعد أن انهارت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة‏.‏

وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة، لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات‏: لن تتسلمونا إلا جثثاً هامدة، واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء‏ الطاهرة. ‏

ورغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز ‏(لى أنفيلد‏)‏ ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة ‏56‏ شهيدا و‏80‏ جريحا، ‏‏ بينما سقط من الضباط البريطانيين ‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير‏ 1952.

ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏: «لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف»، وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريماً لهم وتقديراً لشجاعتهم‏.. وصار هذا اليوم عيدًا للشرطة المصرية.