رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خبراء: الدولة والمواطن «إيد واحدة» في مواجهة الظاهرة وتطبيق القانون

من الأغذية والأدوية إلى قطع غيار السيارات.. «مافيا» السلع المغشوشة

بوابة الوفد الإلكترونية

أدوية منتهية الصلاحية.. وأطعمة فاسدة تباع فى الأسواق بعد تغيير تاريخ الصلاحية

الإنترنت ساحة لتوزيع السلع المقلدة والفاسدة.. والأسواق الشعبية ومحطات المترو سوق مفتوح لها

الحبس من سنة لـ5 سنوات.. وغرامة من عشرة إلى 30 ألف جنيه «عقوبة الغشاشين»

 

أصبح الغش التجارى ظاهرة تؤرق المجتمع المصرى، فكل يوم نشاهد العشرات من حالات الغش التى يتعرض لها المواطنون سواء فى الأسواق أو من خلال شبكة الإنترنت، هذه الحالات لا تقتصر على السلع الاستهلاكية فقط، ولكنها أيضاً تمتد للأجهزة الكهربائية والأدوية وقطع غيار السيارات مما يهدد حياة الآلاف بالخطر.

ورغم أن القانون يجرم هذه الظاهرة ويعاقب مرتكبيها بالحبس والغرامة فإنها ترتكب كل يوم، والأكثر من ذلك أن أجهزة الرقابة الحكومية وجمعيات حماية المستهلك عجزت جميعًا عن مواجهتها، خاصة بعد أن تفنن مرتكبو هذه الجريمة فى التحايل على المواطنين وجعلهم غير قادرين على التفريق بين السلعة الأصلية والتقليد، ومع انخفاض أسعار هذه السلع المقلدة يلجأ الكثيرون لشرائها، لذلك وجدت سوقًا رائجة، بينما يدفع المواطن الثمن من صحته وحياته أحياناً.

وتتمثل عمليات الغش التجارى فى البيع والشراء فى محاولة عدم إظهار العيب فى السلعة والتلاعب فى الأوزان أو صفات السلعة الرئيسية أو مقر صناعتها أو تاريخ انتهاء صلاحيتها أو محتواها من المواد الضارة بالصحة.

ومع الانتشار غير الطبيعى لمنافذ بيع السلع والبضائع الرديئة بأسعار مخفضة لا يمكن تصديقها زاد الإقبال على شرائها، فمثلًا فى المواد الغذائية، نجد السلع الغذائية المنتهية الصلاحية واللحوم الفاسدة وخلط بعض السلع الغذائية بالماء أو بمواد أخرى، وهذه المنتجات تباع فى الشوارع وأمام محطات مترو الأنفاق وفى الأسواق والمحلات المنتشرة فى المناطق الشعبية.

الأخطر من ذلك أن الغش وصل للأجهزة الكهربائية وأسلاك الكهرباء التى تتسبب فى كثير من الكوارث والحرائق بالمنازل والشركات مما يؤدى إلى وقوع وفيات وإصابات بين المواطنين.

ويدخل فى إطار الغش التجارى، عرض إعلانات بعض منتجات مستحضرات التجميل والرشاقة، حيث تقدم بعض الشركات نوعيات مختلفة منها وموجهة إلى شريحة معينة من الزبائن الحالمين بتخفيض الوزن أو تحسين أداء بعض أعضاء الجسم، أو المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل السكر وآلام المفاصل والعظام، ولكن نتائج استعمال مثل هذه المنتجات قد تكون أخطر من المرض نفسه.

ومن أشهر قضايا الغش فى مصر استخدام بودرة السيراميك لإنتاج الطحينة، حيث تم ضبط مصنعين غير مرخصين يقلدان العلامة التجارية لمنتجات الشاى والنسكافيه والـ«بيكنج بودر»، باستخدام مواد مجهولة المصدر يتم إنتاجها من «بودرة بلاط السيراميك» و«الأسمنت الأبيض» المستخدم فى عمليات البناء.

كما تم استعمال الملامين لتصنيع حليب الأطفال، وذلك لغش المحتوى البروتينى فى الحليب إذ تؤدى هذه المادة إلى تضليل فحص البروتين وتجعله يعطى تركيز أعلى، ولكن التحاليل أثبتت أن هذه المادة مضرة ومن أهم أضرارها زيادة الاحتمالية للإصابة بحصوات الكلى.

ومن أخطر حالات الغش التجارى أيضاً حقن الفواكه بمواد سامة ومسرطنة للحفاظ على شكلها الجذاب، وهو ما نلاحظه دائمًا فى الخوخ والبطيخ فى الصيف والموز والبرتقال فى الشتاء.

محمود العسقلانى رئيس 

وفى هذا السياق قال محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إنه لابد من تشديد آليات معاقبة مرتكبى جريمة الغش التجارى فى السوق المصرى، حيث لا تتعدى العقوبة الغرامة البسيطة أو الحبس مع الإيقاف.

وأضاف العسقلانى، أن هناك الكثير من الثغرات القانونية التى يلجأ إليها المتلاعبون فى السوق والمتهمين فى قضايا الغش، ولذا لا بد من حماية المستهلك بتضافر كافة الجهود وليست الحكومة منفردة، مشيرًا إلى أن الرقابة على الأسواق فى بريطانيا ذاتية ولا توجد هيئة للرقابة عليها، وذلك نتيجة الثقافة التى يتمتع بها المواطنون والتى تعد نجاحًا لأى منظومة وليس الرقابة فقط.

وأشار العسقلانى إلى أن تجارة السكر بمصر أصبحت تأتى بأرباح خرافية تفوق تجارة المخدرات وأننا أمام«مافيا» تجار إخفاء السلع الآن، موضحًا أن الكثير من المنتجين يتلاعبون فى الأوزان ويكتبون على المنتج فى حدود 900 جرام، أو «ما يقترب من كيلو» وهذا الـ«ما يقترب» يمكن أن يصبح 700 جرام فقط، رغم أن الموازين الحديثة تستطيع أن تزن الملى جرام، مضيفًا أن المادة 3 من قانون حماية المستهلك تنص على أن يكتب الوزن الصافى على المنتج.

وطالب العسقلانى الحكومة بضرورة غلق باب التلاعب بالأوزان بوضع تشريع يقول إن السلعة تكون نصف كيلو أو كيلو، ويمنع منعًا باتًا البيع بالأوزان الأخرى، إلا فى بعض الحالات التى تحتاج أوزان الربع كيلو وهنا يتم عمل الربع كيلو ويكتب بخط كبير ربع كيلو، مضيفًا أن ما يحدث هو خداع للمواطنين، ولا بد أن يكون كل مواطن رقيبًا، وعليه الإبلاغ عن التجار الذين يتلاعبون بتلك الأوزان.

وأكد رئيس جمعية مواطنين ضد الغلاء، أن كافة المصريين أعضاء فى جهاز حماية المستهلك، الذى لا يستطيع أن يؤدى دوره على الوجه الأكمل دون التكامل ومشاركة المواطنين بالإبلاغ عن أى انتهاك أو غش بالأسواق.

 

خطر على الاقتصاد

الدكتور على الإدريسى 

قال الدكتور على الإدريسى أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحرى إن مشكلة الغش التجارى مشكلة كبيرة تتطلب جهودًا كبيرة من الدولة والمستهلك للقضاء عليها، وذلك لأنها تشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد ولا بد من تشديد الرقابة من خلال الجهات الرقابية على الأسواق وما يتم إنتاجه من سلع وخدمات تُقدم للمستهلكين.

كما أكد الإدريسى أن أزمة الغش التجارى ومصانع بئر السلم تخل بمعايير الجودة، لأنها تقدم منتجًا دون مستوى الجودة ودون رقابة، وكذلك لا تضمن أى حقوق للمستهلك بعد شراء هذه المنتجات لأنها لا تمنح ضمانات ولا يستدل على مكان المنتج. وأشار إلى أن شراء هذه المنتجات يساعد مصانع بئر السلم وتجار الأزمات على استغلال أزمات المجتمع مما يسهم فى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتعزيز نمو الاقتصاد غير الرسمى، والذى لا يضمن حقوق العمالة ولا التأمين عليهم، بالإضافة إلى أنه يسهم فى زيادة حالات الغش التجارى، لأن الاقتصاد غير الرسمى قد يعتمد على مدخلات إنتاج دون مستوى الجودة، وقد يكون قد تم الحصول عليها بأساليب وطرق غير مشروعة، والأخطر فى هذا أن منتجات بئر السلم تنافس المنتج الأصلى منافسة غير شرعية، بحيث تحد من انتشار النوع الأول وتحقق خسائر له ولحقوق الملكية الفكرية وحق الامتياز والتصنيع، ما يجعل الكثير من المنتجين يحجمون عن الحصول على علامات تجارية أصلية فتكون النتيجة النزول بالمستوى العام للجودة.

وتابع أستاذ الاقتصاد أن الغش التجارى لم يعد مقتصرًا على المواد الغذائية فقط، بل شمل الأدوات الكهربائية والمنزلية والملابس، وحتى مستحضرات التجميل.

وأوضح أن هناك بعض الأسباب لزيادة عمليات الغش التجارى منها: عدم توعية المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم، وارتفاع أسعار السلع مما أدى إلى إقبال المستهلك على السلع المقلدة، وعدم الالتزام بالمواصفات القياسية المعتمدة، وانتشار بعض الإعلانات التجارية المضللة، وقلة الوعى لدى بعض التجار بالمواصفات القياسية والأنظمة المعتمدة.

العقوبة

مؤمن مرقص 

وعن عقوبة مرتكبى جرائم الغش التجارى قال المستشار القانونى مؤمن مرقص إنه فى البداية يجب التفرقة بين جريمتين، الأولى هى جريمة بيع أو عرض سلع منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك الآدمى أو فاسدة، والثانية هى جريمة بيع أو عرض سلع مجهولة المصدر أو ليس لها فواتير أو بيانات وفى الحالتين تعتبر جريمة غش تجارى، ولكن تكون عقوبة الجريمة الأولى أشد نظرًا لخطورة هذه الجريمة على الصحة العامة للمواطنين.

وأشار المستشار القانونى إلى بعض الحالات التى يكون فيها التاجر متورطًا فى عمليات غش تجارى ومنها:

< إذا كانت المادة غير مطابقة للمواصفات.

< إذا خلطت المادة أو مزجت بمادة أخرى تغير من طبيعتها أو من جودة تصنيعها.

< إذا استعيض جزئيًا عن إحدى المواد الداخلة فى تركيب المنتج بمواد أخرى تقل عنها

< إذا نزع جزئيًا أو كليًا أحد عناصرها.

< إذا قصد إخفاء فسادها أو تلفها بأى طريقة كانت.

< إذا احتوت على أى مواد أو إضافات ضارة أو غير ضارة بالصحة لم ترد فى المواصفة المطابقة لهذا المنتج.

< إذا كانت البيانات الموجودة على العبوة تخالف حقيقة تركيبها، مما يؤدى إلى خداع المستهلك أو الإضرار به دينيًا أو صحيًا أو اقتصاديًا.

وأوضح أن قانون العقوبات تصدى لجريمة غش الأغذية، حيث نص على الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات أو غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه لكل من غش أو شرع فى غش أغذية إنسان أو حيوان أو كانت فاسدة وغير صالحة، كما نص قانون العقوبات فى مادته 116 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 أو بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 30 ألفًا، كل من حاز عن طريق الشراء سلعة مدعمة لغير الاستعمال الشخصى أو إعادة بيعها وخلطها بمواد أخرى بقصد الاتجار.

واستكمل مرقص حديثه قائلًا: إن قانون مكافحة الغش والتدليس تصدى لجريمة غش الأغذية، حيث حددت المادة رقم 48 لسنة 1941 والمعدلة بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك، حيث نصت على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق، كما نص القانون فى مادته الثانية بذات العقوبات على كل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما يستعمل فى غش أغذية الإنسان». كما صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 45 لسنة 2022 بشأن حظر تداول السلع الغذائية مجهولة المصدر ويحظر القرار فى مادته الرابعة تداول السلع الغذائية مجهولة المصدر بأى صورة من الصور وعلى الأخص عرضها للبيع أو حيازتها بقصد الاتجار، وأن القانون يعاقب على مخالفة القرار بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفى جميع الأحوال تضبط السلع الغذائية موضوع المخالفة ويحكم بمصادرتها.

واختتم المستشار مؤمن مرقص حديثه مشيرًا إلى أن مباحث التموين تبذل جهدًا كبيرًا فى مكافحة جرائم الغش التجارى بحملات المداهمة والتفتيش الدائمة للمحلات والمخازن لضبط السلع منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر أو الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمى وهى المعروفة بجرائم «الغش التجارى».