عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

نتكلم كثيرًا ونسرد الحكايات المرتبطة بشعار «يحيا الهلال مع الصليب» ولكننا لم نسأل باهتمام: من أين انطلق الشعار ومن هو صاحبه؟ الإجابة نجدها عند القطب الوفدى الكبير والشهير، منير فخرى عبدالنور، سكرتير عام الوفد الأسبق، ووزير التجارة والصناعة الأسبق الذى قال بوضوح: «جدى فخرى عبدالنور هو صاحب شعار عاش الهلال مع الصليب عقب مطالبته بمشاركة الأقباط فى ثورة 1919 وهو أول قبطى يطالب بدخول الأقباط السياسة والنضال ضد الاحتلال، وهو أحد ثلاثة ذهبوا لسعد زغلول عند إنشاء الوفد، لمطالبته بضم الأقباط لـ«الوفد» الذى كان يخلو من الأقباط آنذاك. ليقول له إن الوطنية ليست حكرًا على المسلمين. ويجب أن يشارك الأقباط فى الكيان العظيم الذى تم تأسيسه للمطالبة بالاستقلال».
أما السيد أمين فخرى عبدالنور، الذى رحل عن عالمنا منذ ما يقرب من 12 عامًا، وهو نجل الزعيم الوفدى فخرى عبدالنور، ووالد منير فخرى عبدالنور، كشف عن درجة محبة والده للزعيم الخالد سعد زغلول، وقال إن سبب تسمية شقيقه «سعد فخرى عبدالنور – سكرتير عام الوفد فيما بعد» بهذا الاسم كان تيمنًا باسم سعد باشا زغلول. ليصادف مولده زيارة الزعيم سعد زغلول لمنزلهم.. فقد كان الشخصية المحبة المقربة من سعد باشا.. ليثور التساؤل: من هو فخرى عبدالنور؟
الإجابة يقدمها لنا الكاتب الكبير الراحل مصطفى أمين أحد أقارب الزعيم سعد زغلول قائلًا: عرفت فخرى بك عبدالنور منذ كان عمرى أربع سنوات.. يدخل ويخرج من مكتب سعد زغلول وكأنه يعدو، بجسمه الضخم وصوته الجهورى. كان بيت الأمة فى ذلك الوقت أشبه بخلية نحل لا تنتهى، داخلون وخارجون، ذاهبون إلى السجن وخارجين منه، نساء يحملن منشورات، ورجال يخفون المسدسات، ووجوه مختلفة وسِحن متباينة. ولكن فخرى عبدالنور كان دائمًا الاسم المكرر بين الزائرين.. وكان سعد زغلول معجبًا بصراحته وخفة ظله، وبقدرته العجيبة على تذكر الأحداث والتواريخ.
صحيفة الوفد، قامت بعرض تفاصيل مهمة من مذكرات فخرى عبدالنور، من إعداد زميلنا أحمد السكرى، نعرف منها من أين بدأ ارتباط الأقباط بالوفد، وارتباط الوفد بالأقباط، فقد كان فخرى عبدالنور وشقيقه لبيب عبدالنور بك عضوين فى نادى «رمسيس». وهو نادٍ يضم كبار الأقباط وقد زار النادى فخرى عبدالنور فى مساء يوم قابل فيه على شعراوى باشا، وروى للحاضرين فيه ما سمعه من على شعراوى عن الوفد ومقابلة السير ونجت ودار الحديث حول هذه الحركة التى أخذت تثير اهتمام الرأى العام على الرغم من الرقابة والأحكام العرفية.. وكان الحاضرون من أعيان الأقباط ومثقفيهم ومفكريهم، فلاحظوا أن أسماء أعضاء الوفد التى ذكرت بعرائض التوكيلات التى توزّع فى البلاد. ليس بينها اسم أحد من الأقباط ورأوا أن هذا لا ينبغى أن يكون، وأنه لا بد من استكمال هذا النقص.. وقرروا انتداب ثلاثة من الحاضرين للذهاب إلى سعد باشا وعرض هذا الموضوع عليه واختير الثلاثة فعلًا وكان فخرى عبدالنور أحدهم، أما الآخران فهما الأستاذ ويصا واصف المحامى وعضو الحزب الوطنى وتوفيق أندراوس من أعيان الأقصر. وطلب الثلاثة تحديد موعد لمقابلة سعد باشا فى بيت الأمة للتحدث معه فى هذا الأمر وتحدد الموعد بالفعل، فذهبوا للقاء سعد، ورأوا حركة التوقيع بتوكيل الوفد قائمة على قدم وساق وعلم الثلاثة من علوبة باشا أن سعد باشا خرج لحضور اجتماع «مجلس إدارة الجامعة المصرية» وأنه سيحضر بعد قليل، فانتظروا حتى حضر وقابلهم، وكان معه على شعراوى باشا ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على بك ومحمود أبوالنصر بك من أعضاء الوفد وقد رحّب بهم سعد باشا ترحيبًا كبيرًا.. وأعرب عن اغتباطه بالفكرة التى حضروا من أجلها ودار الحديث حول اختيار عضو أو أكثر من الأقباط فى الوفد وأكد توفيق أندراوس «أن الوطنية ليست حكرًا على المسلمين وحدهم» فسرّ سعد باشا وقبّله على هذه الكلمة. وعاد الأستاذ توفيق فأكد أن العنصرين اللذين تتألف منهما الأمة المسلمين والأقباط، وكان مما قاله سعد زغلول فى هذه اللقاءات إن للأقباط ما لنا من الحقوق، وعليهم ما علينا من الواجبات، على قدم المساواة.. ويقول فخرى عبدالنور إنهم عندما تركوا سعد وعادوا إلى نادى رمسيس حملوا معهم نسخًا من التوكيلات، فانهالت عليها التوقيعات من جميع الأقباط. كانت هذه البداية الحقيقية للثورة التى ضمت كل أطياف الأمة، ووحدتهم، وجعلتهم نسيجًا واحدًا. فتمكنوا من مواجهة المحتل بكل القوة المستمدة من وحدة الأمة.