يبدو أن مستقبل الصراع فى جمهورية الكونغو الديمقراطية (DRC) لا يزال معقدًا وغير مؤكد، على الرغم من الجهود الدبلوماسية الأخيرة. تتشابك عوامل داخلية وإقليمية، مما يجعل التوصل إلى حل دائم تحديًا كبيرًا.
يعود العنف والصراع العرقى فى جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى مجموعة معقدة من العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية، ولا يقتصر على سبب واحد. على الرغم من أن العديد من النزاعات تبدو عرقية فى الظاهر، إلا أنها غالبًا ما تكون مدفوعة بالصراع على الموارد الطبيعية وضعف الدولة. إلى جانب ارث الاستعمار البلجيكى فقد تركت الحقبة الاستعمارية البلجيكية إرثًا من الانقسامات التى ساهمت فى النزاعات الحالية. استخدمت بلجيكا سياسة "فرق تسد"، حيث فضلت بعض المجموعات العرقية على أخرى. أدت هذه الممارسات إلى إثارة التوترات بين المجموعات المختلفة، والتى استمرت بعد الاستقلال.. هذا إلى جانب الصراع على الموارد الطبيعية، حيث تمتلك الكونغو الديمقراطية ثروة هائلة من المعادن مثل الكولتان، والكوبالت، والذهب، والماس. هذه الثروات، بدلًا من أن تعود بالنفع على الشعب، أصبحت لعنة، تتنافس المئات من الميليشيات والجماعات المسلحة على السيطرة على مناطق التعدين، ويتم استخدام الأموال الناتجة عن بيع هذه المعادن لتمويل أنشطتها العسكرية، ما يغذى العنف ويخلد الصراع. وقد كان للإبادة الجماعية فى رواندا عام 1994 تأثير كبير على استقرار الكونغو الديمقراطية. فرّ ملايين اللاجئين، بما فى ذلك أفراد الميليشيات المسؤولة عن المذابح، إلى شرق الكونغو. أدى هذا التدفق إلى إثارة توترات عرقية بين المجموعات المحلية، مثل البانيامولينجى (توتسى الكونغو)، واللاجئين الهوتو. أسهمت هذه التوترات فى اندلاع حربى الكونغو الأولى والثانية، والتى شاركت فيها عدة دول إقليمية. وأسهم فى تأجيج الصراع افتقار الحكومة المركزية فى كينشاسا إلى السيطرة على مساحات شاسعة من البلاد، خاصة فى المناطق الشرقية. هذا الفراغ فى السلطة سمح للجماعات المسلحة بالازدهار والعمل بحرية. كما أن الفساد المستشرى يمنع فوائد الموارد الطبيعية من الوصول إلى الشعب، ما يزيد من الإحباط ويغذى التجنيد فى صفوف الميليشيات. هذا بالإضافة إلى مشاركة العديد من الجماعات العرقية فى النزاعات، وغالبًا ما تكون الصراعات معقدة ومتغيرة. من أبرز هذه الجماعات:
< هوتو وتوتسي: يعود الصراع بينهما فى شرق الكونغو بشكل كبير إلى تداعيات الإبادة الجماعية فى رواندا.
< هيما وليندو: فى مقاطعة إيتورى، تجدد الصراع بين هاتين المجموعتين حول ملكية الأراضى والوصول إلى الموارد، ما أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف.
والى الآن لا يزال الغموض يسيطر على مستقبل الكونغو ، اما أن تنجح الجهود الدبلوماسية الأخيرة، مثل اتفاقية السلام التى توسطت فيها الولايات المتحدة، فى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. أو أن الصراع قد يستمر فى التفاقم، ما يؤدى إلى مزيد من النزوح البشرى، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وتفتيت الدولة. إذا لم يتم حل الأسباب الجذرية للعنف، فقد تستمر الميليشيات فى الازدهار، وقد تنزلق البلاد إلى «حرب أبدية» يصعب إنهاؤها.
أمين سر لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب