علاقة تاريخية وروحية تجمع الكنيسة المصرية وطائفة الروم الأرثوذكس

منذ ساعات فتحت كاتدرائية القديس نيقولاوس، التابعة لطائفة الروم الأرثوذكس بمنطقة الحمزاوي، أبوابها ودقت أجراسها لتعلن بدء احتفالها الرسمي بذكرى ميلاد السيد المسيح، وأداء مراسمها الخاصة في هذا العيد.
وعلى الرغم من وجود اختلافات فرضتها العوامل الجغرافية والتقويم الذي تتبعه الطائفة جعلتها تحتفل بعيد الملاد وقبل نظيرتها المصرية بعدة أيام، الا أنها تجتمع مع الكنيسة القبطية من حيث العقيدة الأرثوذكسية الواحدة وهدفهما المشترك في نشر ما أوصى به المسيح من اجل سلام العالم ورفع قيم الإنسانية.

تتفرد كنيسة الروم الأرثوذكس بنكهتها الأوروبية الممزوجة بالطابع العربي في بعض الجوانب، فعندما تعبر من بين أبوابها وتشاهد تصميمها الخشبي المميز وإضاءة الثريا الكبيرة والشموع في جنابات الكاتدرائية تشعر بدخولك في واحدة من أساطير التاريخ بالعصر الروماني، وتعد هذه الكنيسة مثالًا قويًا لعراقة هذه الطائفة التي تحرص على أداء الصلوات بلغتين العربية واليونانية حتى تشعر أنك فردًا منها حتى وإن كنت مختلفًا من حيث المذهب أو الطائفة، فهي تخاطب الجانب الروحي للإنسان بصورة مباشرة بعيدة كل البعد عن الجانب العقائدي.
وهو ما تتميز به أيضاً الكنيسة القبطية من حيث تأثرها بالحضارة الفرعونية التي جعلها ذات مذاق متفرد في كثير من الطقوس والمناسبات ووسائل الاحتفال المرتبطة بحياة المصريين القدماء.

وينتظر العديد لحظات المحبة التي تظهر في العلاقة القوية التاريخية التي تجمع قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك ثيوذوروس الثاني، بابا الإسكندرية، وسائر بلاد إفريقيا للروم الأرثوذكسن وتبادل الرسائل والكلمات والهدايا، ومن المقرر أن يشارك بطريرك الأقباط في هذه الاحتفالية بدءًا من الساعة الثانية عشرة ظهرًا.

تعكس علاقة هؤلاء البطاركة مدى تناغم العقيدة لدى الكنيستين، إذ تربطهما صلة كبيرة ويتشاركا في عدة جوانب حيث منها انهم بطاركة يتبع اسماءهما (الثاني) وايضا يسعيان في نشر التعاليم الأرثوذكسية في ذات الأرض ويتشاركا في رحلتهما من أجل نشر كلمة السيد المسيح والدعوة للسلام في العالم.
تأتي الزيارة عقب انتهاء البطريرك ثيوذوروس الثاني، بابا الإسكندرية وسائر بلاد إفريقيا للروم الأرثوذكس، من مراسم القداس الالهي الاحتفالي الذي يقام بلغتين اليونانية والعربية.
احتفالية الروم الأرثوذكس بمناسبة عيد الميلاد:
بدأت الكنيسة الطقوس الارثوذكسية الخاصة بالقداس الإلهي، ومن المقرر أن يعقبها استقبال المهنئين من ممثلي الأحزاب والمجتمع المصري وفي زيارة رعوية متواصلة يشارك البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، في الفعاليات، بدءًا من الساعة الثانية عشرة ظهرًا.
شهدت الطوائف الكاثوليكية والسريان الأرثوذكس والأسقفية احتفالية عيد الميلاد المجيد أمس الأحد، وتخللت الفعاليات مراسم متنوعة وألقى جميع الآباء بكافة الطوائف كلمات روحية حول معاني السلام وأهمية احتكام لغة العقل ووقف النزاعات.
أسباب اختلاف موعد الاحتفالات:
تختلف الكنائس فيما بينها فى جوانب عدة ترجعها عوامل جغرافية وغيرها تاريخية، ولعل من أبرز هذه المظاهر التى تظهر اختلافات طفيفة غير جوهرية بين الطوائف توقيت وتواريخ الأعياد حتى تلك الكنائس التى تتحد فى عقيدة واحدة رغم اختلافها الشرقى والغربي، قد تتشابه المظاهر كصوم الميلاد الذى يسبق احتفال العيد ولكنه بدأ فى الكنيسة الغربية مثل «الكاثوليكية وروم الارثوذكس» يوم 10 ديسمبر وتخللت أنشطة روحية متنوعة، وهو ما حدث فى الكنيسة القبطية بعد أيام وعاشت أجواء روحية متشابهة خلال التسبحة الكيهكية، وأيضًا تحتفل كل من كنيسة السريان والروم الأرثوذكس والكاثوليك فى ذكرى مولد المسيح على غرار نظريتها الغربية يوم 25 ديسمبر سنويًا، بينما تحتفل الكنيسة الإنجيلية 5 يناير والأرثوذكسية 7 يناير.
ولا توجد علاقة فى هذا الاختلاف بتاريخ ميلاد المسيح الفعلي، بل بحسابات فلكية والتقاويم التى تتبعها الكنائس منذ نشأة المسيحية الأولى وتعود القياس الأشهر والفصول على مر العصور، وهناك عدة أسباب تتعلق بالتقويم والفرق الجغرافي، فقد اعتمدت الكنائس الشرقية على التقويم اليوليانى المأخوذ عن التقويم القبطى الموروث من المصريين القدماء وعصر الفراعنة وهو ما أقرته الكنيسة المصرية الأرثوذكسية حتى القرن الـعشرين واستمرت باتباع التقويم اليوليانى المعدل، وبعدما لاحظت الكنيسة فى عهد البابا غريغورويس الثالث عشر وجود فرق واضح بين موعد الاحتفالات الثابتة بمعدل عشرة أيام فرق أثناء الاعتدال الربيعى فى أيام مجمع نيقية عام 325م.