رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى سبتمبر عام 1932 بعث عالم النفس الكبير سيجموند فرويد برسالة إلى عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، ضمن حوار متصل بين قمتين عالميتين حول مستقبل العالم فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية مطلع ثلاثينيات القرن الماضى.. المتأمل للأفكار المطروحة برسالة فرويد سيجد ارتباطًا كبيرًا بين فكر هذا العالم، وبين ما نعيشه اليوم بعد قرابة القرن من رسالته لأينشتاين.

يرى فرويد أن العالم المشغول فى هذا الوقت «قبل مائة عام تقريبا»  بإنشاء عصبة الأمم حماية للبشرية من الحرب والدمار، هو فى الحقيقة عالم سيتجه أكثر وأكثر نحو مزيد من الحروب المدمرة. وقد بدأت رسالة فرويد بسؤال حول العلاقة بين الحق والقوة، وقال إنه من الصواب أن نصحح السؤال بأن يكون عن العلاقة بين الحق والعنف. ويرى فرويد أنه لا تناقض بين الحق والعنف لأن كليهما كمعنيين قد انبثق من الآخر. الناس تلجأ لاستخدام العنف لحل النزاعات من بدايات التاريخ حتى اليوم، والفارق فقط فى أدوات العنف التى تطورت من استخدام العضلات وصولا اليوم لكل أدوات الدمار.

وهنا يشرح فرويد لصديقه أينشتاين أن رحلة الإنسان عبر التاريخ قد يتصورها البعض رحلة من أزمنة العنف إلى عصر الحق والقانون، ولكنها فى حقيقتها تحول من عنف الفرد والقبيلة إلى عنف الدولة والتجمعات الدولية – إننا حسب وصف فرويد نعيش زمن سيادة العنف وليس سيادة القانون.

الحقيقة أن ما كتبه وسجله فرويد فى رسالته لصديقه أينشتاين «وثيقة تاريخية» تؤكد تطور الفكر الاستعمارى الغربى من عنف الدولة، إلى عنف الجماعة. لقد ظلت أوروبا من القرن الخامس عشر الميلادى تتصارع فيها الدول على السيطرة باستخدام العنف ضد بعضها البعض حينا، وضد الآخرين من خارج أوروبا أحيانا أخرى.

وبعد حروب وصراعات أكلت قلب أوروبا، بدأ التفكير المنظم فى استخدام «العنف» بديلا عن الحق لفرض السيطرة ومنطق الاستغلال.. إسرائيل أو الكيان الصهيونى كمكون أوروبى بالأساس والذى تم فرضه على فلسطين هو مرحلة من مراحل توظيف العنف الأوروبى لفرض السيطرة.. أمريكا والغرب عموما يتحدثون لغة واحدة عن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس، ثم تطور المفهوم إلى دعوة إسرائيل باحترام قوانين الحرب. المعنى الحقيقى المستقر فى الفكر الغربى الاستعمارى، هو مساعدة إسرائيل بتنظيم عمليات القتل إمعانا نحو مزيد من السيطرة على فلسطين.

ويرى فرويد فى موضع من رسالته أن التوسع فى استخدام العنف، يؤكد أن الحروب لم ولن تكن يومًا وسيلة للسلام، ولكنها تفتح شهية تجار العنف لمزيد من التدمير. إنها حلقة جهنمية لا يمكن السيطرة على قوانينها، حيث لا قانون للدمار سوى الدمار.