رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يعد مفهوم المجتمع الدولى من أكثر المفاهيم السياسية استخدامًا حاليًا، ويستخدم بشكل يومى فى وسائل الإعلام العالمية عند ما تظهر تصريحات المسئولين فى الدول، ويدعون فيها «المجتمع الدولى إلى اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الاستقرار كما يحدث حاليًا فى الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة المجتمع الدولى الذى يتم الحديث عنه هنا؟

إن المجتمع الدولى اختصارا يقصد به كافة الدولة والمنظمات الاقليمية والدولية التى تتفاعل مع بعضها البعض فى العالم. والبعض له تصورات أخرى حول المجتمع الدولى كرؤية قانونية، إذ يرى أن  المقصود به كافة الدول الأعضاء ضمن منظومة الأمم المتحدة. إلا أن التعريف الأكثر شمولاً والأبسط هو الأول الذى يقصد به جميع الدول والمنظمات، مثل هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وغيرها من المنظمات التى أنشئت بموجب اتفاقيات ومعاهدات دولية.

هنا لابد من توضيح مسألة مهمة، وهى أن هناك فرقا كبيرا بين مفهوم النظام الدولى والمجتمع الدولى، فالنظام الدولى عبارة عن إطار نظرى طوره العلماء من أجل مفهوم القوة السياسية بين الدول والمنظمات فى العالم. فى حين أن المجتمع الدولى يضم كافة المكونات التى يشملها النظام الدولى لأنها الأطراف التى تكون النظام نفسه.

المجتمع الدولى وصل حاليا إلى درجة عالية من التعقيد، بحيث باتت العلاقات الإقليمية والدولية تتداخل مع بعضها لتكون شبكة معقدة من العلاقات والمصالح بسبب تطور التجارب الإنسانية فى بناء الدول، وكذلك التكنولوجيا الحديثة التى ساعدت على احداث تواصل وترابط ليس بين الدول فحسب، وإنما بين الشعوب ومؤسسات المجتمع المدنى أيضا.

ولكى نفهم المجتمع الدولى حاليا لابد من فهم تطوره عبر التاريخ، لأن تطوره ارتبط بالحضارات التى كانت موجودة فى العالم، وكذلك مختلف الدول التى تعاقبت وظهرت إلى أن وصلت إلى ما نحن عليه اليوم.

ففى عام 476 سقطت الامبراطورية الرومانية الغربية، وظهرت الحضارة الإسلامية التى ساهمت فى إدخال العديد من المبادئ والجوانب الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى العلاقات الدولية، ومن أهمها ترسيخ مبدأ السلام كمبدأ أساسى فى العلاقات الدولية يقوم على احترام العهود والالتزام بها.

وفى مقابل تطور الحضارة الإسلامية والمجتمع الإسلامى فى تلك الفترة، كان المجتمع الأوروبى بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية على يد القبائل الجرمانية قائماً على الصراعات، حيث انقسمت أوروبا إلى عدة ممالك وإمارات متصارعة حتى القرن الثامن الميلادى.

فى العام 1945 تأسست هيئة الأمم المتحدة وبعدها تطور المجتمع الدولى بشكل لم يسبق له مثيل، حيث شهد العالم حركة تحرر الشعوب من الاستعمار، وظهور الشركات متعددة الجنسيات كما تأسست المئات من المنظمات الاقليمية والدولية واستطاعت الأمم المتحدة القيام بدور ايجابى كبير فى ظهور الدول الجديدة من خلال دعم استقلال الدول، وبذلك صار المجتمع الدولى مجتمعا عالميا ومجتمعا أكثر تنظيما من أى وقت مضى، لكنه أيضا أصبح منحازا للسفاحين وانتهاج سياسة الكيل بمكيالين كما حدث من تجاهله المجازر التى ارتكبتها إسرائيل فى غزة رغم خروجها عن القانون الدولى الذى لا يفرق بين حياة المدنيين على أساس اللون أو العرق أو الجنسية.