رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار

ما بعد الهدنة، ربما كان اليوم الخميس، هو ما نقصده، وربما كنا قد دخلنا هدنة جديدة فى الحرب على غزة، حتى كتابة هذه السطور لم يكن هناك إعلان لمد ثالث للهدنة الإنسانية «4+2»، وعلى كل حال فحديثنا اليوم عما بعد الهدنة، سيناريوهات محتملة ربما وضع بعضها المنطقة بأسرها على فوهة بركان.

بداية نشير إلى تصريحات قادة الاحتلال خلال 48 ساعة قبل سريان الهدنة، حيث هدد وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف إيتمار بن عفير، بأنه سوف يقدم استقالته فورا من الحكومة إذا لم تستأنف الحرب على قطاع غزة مباشرة فور انتهاء الهدنة، وشدد خلال مقابلة مع القناة 14 التابعة لليمين الإسرائيلى قبل دخول صفقة تبادل الأسرى حيز التنفيذ، قائلا: القتال سيستأنف.

ولم يكن نتنياهو فى معزل عن تلك التصريحات العنترية، فقد تعهد بالاستمرار فى الحرب فور انتهاء الهدنة حتى تحقق أهدافها كاملة، وبالطبع وفقا لهذه الأهداف من قبل دراكولا العصر فالأمر يعنى أن قوة الحرب قبل الهدنة شىء وبعدها شىء آخر تماما.

الأمر هنا يدفعنا للتذكرة وحتى لا ننسى فى عجالة سوف نترك الأرقام تتحدث عن الفاتورة الباهظة التى دفعتها غزة قبل الهدنة خلال 48 يوما لم يذق فيها أشقاؤنا الفلسطينيون طعم الراحة ولم يعرف النوم طريقه لجفونهم إلا من رحم ربى وارتقى إلى المولى عز وجل شهيدا.

الأرقام تكشف أكثر من 15 ألف شهيد بينهم 6150 طفلا و4000 امرأة، وأكثر من 36 ألف مصاب بالإضافة إلى 7 آلاف مفقود مصيرهم مجهول حتى الآن، بينهم 4700 امرأة وطفل.

ووفقا للإعلام الحكومى فى غزة بلغ عدد ضحايا الكوادر الطبية 207 شهداء وطواقم الدفاع المدنى 26 شهيدا، فيما بلغ عدد الشهداء من الصحفيين 70 شهيدا.

ولم تكن المنشآت بمنأى عن الاستهداف فقد دمر جيش الاحتلال 103 مقرات حكومية، و266 مدرسة منها 67 مدرسة دمرت بالكامل وخرجت من الخدمة، وتدمير 88 مسجدا بصورة كلية، و174 أخرى تدميرا جزئيا، بالإضافة إلى استهداف 7 كنائس.. وبالنسبة للمبانى السكنية فقد تعرضت 50 ألف وحدة لهدم كلى و240 ألف وحدة لهدم جزئى، وخرج 26 مستشفى و55 مركزا صحيا عن الخدمة ودمرت 56 سيارة إسعاف.

ما سبق أهم ملامح الدمار الذى تعرضت له غزة قبل الهدنة، أما بعدها فهناك أكثر من سيناريو، الأول أن تتجدد الهدنة لأكثر من مرة، لأن إحصاء الخسائر للطرفين يتطلب العقل والحكمة فى وضع حد للحرب فى أسرع وقت، والأمر يتعلق بمدى قوة أوراق الضغط التى يملكها الرعاة مصر وأمريكا وقطر على طرفى الصراع فى محاولات جادة لتكون هذه الهدنة بوابة للجلوس على طاولة المفاوضات ووضع حلول جذرية للصراع وأهمها بالطبع حل الدولتين، والذى يعد بمثابة الحلم الذى طال انتظاره.

السيناريو الثانى هو العودة إلى الحرب، وهذا الأمر فى غاية الخطورة لأنه سوف يؤدى إلى تعدد الجبهات واتساع رقعة حدود الصراع بين المحتل وبعض دول الجوار، الأمر الذى يعنى أن إسرائيل ستعود لاحتلال قطاع غزة ولكن هذه المرة سيتم التصدى لها بقوة من قبل المقاومة الأمر الذى سيكبد الطرفين خسائر لا طاقة لهما بها.

السيناريو الثالث هو نشر قوات دولية للفصل بين طرفى الصراع مثلما حدث بعد حربى 48، و67، إلا أن الأمر مختلف الآن، فسابقا كان الاحتلال هو القوة الوحيدة، وقوات حفظ السلام تمنعه عن الفلسطينيين العزل، أما الآن فالأمر مختلف، فرجال المقاومة أشداء أولو بأس، ورغم تفوق الاحتلال عسكريا إلا أن الحقيقة على أرض المعركة وخاصة من النقطة صفر أثبتت أن رجال المقاومة أشداء مؤيدون بنصر الله وعزته.

باختصار.. الاحتلال الإسرائيلى الغاشم بات لديه قناعة كبرى أن حكاية تحقيق الحرب وهدفها أمر بات مستحيلًا، لأنه تيقن أن العمليات العسكرية لن تعيد له الأسرى ولن تقضى على حماس، فلجأ للهدنة وتبادل الأسرى رضوخا لضغوط الجبهة الداخلية.

والأهم من ذلك فى قضية الصراع، حيث كان يأمل أبالسة العصر اليهود ومعاونوهم أن حرب الإبادة التى استهدفوا بها أهل غزة سوف تسفر عن تهجير الأشقاء إلى الأردن ومصر بهدف تصفية القضية، لكنهم وجدوا كتلة صلبة تحطمت عليها أحلامهم، فالفلسطينيون متمسكون بأرضهم ويواجهون العدو بصدورهم، ولن يبرحوا أرضهم إلا إذا ارتقوا إلى السماء.

ومصر والأردن مواقفهما ثابتة منذ اللحظة الأولى للصراع، بل على امتداد عقود طالت أنه لا تهجير على حساب تصفية القضية الفلسطينية ولا بديل عن الدولة المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. عاشت فلسطين عربية ومهما كانت سيناريوهات بعد الهدنة ستبقى عربية وقلب العروبة النابض على أرض مهبط الأنبياء.

 

[email protected]