رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

قيمة المؤتمرات الأدبية العامة والإقليمية هى أنها تكشف لنا واقع الإبداع والثقافة. تتيح لنا نظرة طائر على ما يجرى فى هذه الأنهار والروافد التى نحسن الظن بها بالأساس، فإيجابياتها أكثر. نظرت إلى بحيرة قارون الشهيرة فى الفيوم فإذا هى تبدو لى أعمق وأعرض من الفعل الثقافى عموما فى مصر. شاسعة توسع الأفق، لكن على الرغم من أنها تستقى مياهها من النهر الخالد (أو الذى كان هكذا!) إلا أن مثقفًا مستنيرًا مثل عصام الزهيرى قال -ردًا على سؤال مجموعة من الأصدقاء الذين حضروا فعاليات المؤتمر الأدبى الثالث والعشرين المنعقد فى الفيوم (دورة الأديب الراحل حمدى أبوجُلَّيِّل): ليست عذبة بالتأكيد، بل مالحة بفعل الصرف غير الصحى لعشرات المصانع! قارون بحيرة مالحة، وكذلك الوسط الثقافى المصرى، بكل ما فيه من شخصنة مقيتة، وصراعات على مكانة متوهمة ونفوذ ثقافى يجعل من كل شيء -حتى الموت- «سبوبة للعايشين». و«الموت سبوبة للعايشين»، هو أحدث دواوين الشاعر مسعود شومان، الذى تجرى أعمال المؤتمر تحت هيمنة وبمقدرات هيئة قصور الثقافة، التى يترأس إدارتها المركزية للشئون الثقافية. شومان يحاول أن يضيء الأقاليم بثقافة متنوعة، مدفوعا بيقينه أن الضوء كامن هناك،ويأتى من هذه الأخاديد البعيدة التى خبرها فى رحلات سفره الأنثروبولوجى الطويلة اليها، فخبرها شبرًا شبرًا، وهو أحد العارفين ب»موبقات» الفعل الثقافى فى مصر، ومشكلات عناصره، وأحقادهم الدفينة على بعضهم البعض، فى ظل تراجعهم الإبداعى نفسه، واجترار الأدباء والشعراء–إلا قليلا- صيغهم الإبداعية، بحيث أنه لا جديد فيها ولا ابتكار،فلا اتجاه يحدث ثورة فى الإبداع أو انقلابا فى الأدب!

- «فوق الحياة إلا قليلا والحالة دايت» رواية كاشفة عن هذه الموبقات، كتبها قبل ربع قرن الروائى سيد الوكيل، الذى قال لى فى حضور الشاعر محمود الحلوانى (وهو أحد أبطال الرواية المذكورة) أنه توقف حاليًا عن الإبداع الروائى، وخصص وقته وجهده -مختارًا- للنقد الأدبى.. يريد أن ينجز فيه بعضًا من الأعمال التى يتصدى لها بالنقد والتفسير.والتحليل والتفسير كان سمة رواية سيد الوكيل، التى تطل بنا على جوانب من الوسط الثقافى وأزماته وصراعاته. كنت قد لفت الانتباه إلى أن هذا الفراغ الإبداعى والثقافى وهذه الموبقات الثقافية ستغرى بعض الكتاب «اللابدين فى الدرة» بالتعبير الدارج، إلى تأريخ هذه الحقبة بأشخاصها ومهازلها ومعاركها الصغيرة التى لاتصب فى نهر الثقافة، بل تجعل منه بحيرة مالحة أخرى. وربما جذب ما كتبته انتباه الصحفى والشاعر حمدى عابدين، الذين أعلن أنه بصدد تدوين سيرة للمهازل التى تلوكها ألسن الجميع.. والمستقاة من تصرفات وسلوكيات من يُعْتَقد أنهم نجوم لامعة، وفى الحقيقة هى «مِصَدِية»بأكثر مما ينبغى.

-فى مقابل هذه النماذج الشنيعة التى رصدناها، كانت هناك إضاءات أخرى حقيقية من قبل نقاد لا شك أنهم بجهدهم وإصرارهم على الفعل الثقافى الحقيقى اعتبرتهم فى كلمة لى فى مؤتمر أدباء الفيوم الأخير هم صوت القارئ الذى يحتفى بالمبدع ويعيده إلى الحياة، لأنهم بجهدهم وإسهامهم أكبر من المؤسسة الثقافية نفسها. يتجلى هذا فى الناقد الدكتور يسرى عبدالله بكل قيمته، كما أن السيد الوكيل وشريف الجيار ومحمد السيد إسماعيل من هذه الفصيلة. للمقال بقية.