رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار

الانتهاكات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة وخصوصًا فى غزة، منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضي، فاقت فى ضراوتها كل المآسى والمحارق النازية والهولوكوست التى حدثت تاريخيًّا واستمرت آثارها السلبية تروى بصورة وحشية لتحكى حكايات وقصصًا مأساوية أشبه بالخيال، حيث تغولت فيها الرغبات الحيوانية لكائنات منزوعة العقل على كل قيم الإنسانية، وفى اختراق صارخ لكل المواثيق الدولية والقوانين الوضعية والأخلاقية وحقوق الإنسان وكرامته.

وما بين تتار الماضى والنازيين الجدد سمات مشتركة، أهما اللاقلب واللاوعي، واللاعقل، فما أقسى الحياة وما أشد الواقع بأسًا إذا تم التعامل مع البشر على أنهم قطيع من الجرذان يجب القضاء عليهم بأى وسيلة كانت محرمة أو مجرمة، حرقًا أو بالأسلحة المجرمة دوليًا أو بهدم المنازل فوق رؤوسهم أو بمواجهتهم بقوة القتل الثلاثية، جوًا وبرًا وبحرًا، المهم الإبادة والتطهير العرقى فى واحدة من أبشع المجازر التاريخية.

وبالطبع لم يفرق الاحتلال اليهودى خلال حربه الدموية بين الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، فجميعهم أهداف متحركة يجب القضاء عليها بأى وسيلة.. والأهم هو الانتهاء من الأطفال قتلا وتعذيبا وحرقا كمرحلة أولى فى محاولة للقضاء على الجذور ووقف تكاثر أصحاب الأرض والإرث وورثة الأنبياء وحراس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فى ظل موت الضمير العالمى وغيبوبة أمة ضحكت من جهلها الأمم، فالبعض باع، والبعض خان، والماسك على دينه ومبادئه وأخلاقه كالماسك على جمر.

وفى ظل الموت العربى تجوب المظاهرات الرافضة للعدوان الإسرائيلى على غزة أنحاء العالم بصورة غير مسبوقة، فالمواقف الشعبية الرافضة أعلى صوتًا من الحكومات المستسلمة والمطبعة التى باتت تتابع ما يحدث عبر شاشات التليفزيون كأنه فيلم سينمائى من أفلام الخيال العلمى.

وفى إطار ضمير الشعوب العالمى الحى وثقت مجموعة من الصحفيين الأستراليين فيلمًا عن تعذيب إسرائيل للأطفال الفلسطينيين، وهو الأمر الذى أثار غضبا دوليا ضد إسرائيل بعد أن عرض الفيلم انتهاكات حقوق الطفل فى غزة.

وثق الفيلم الذى أنتج تحت عنوان «العدالة الباردة الحجرية» كيف يتعرض الأطفال الفلسطينيون الذين تم اعتقالهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية واحتجازهم للإيذاء الجسدى والتعذيب وإجبارهم على الاعترافات الكاذبة ودفعهم لجمع معلومات استخباراتية عن النشطاء الفلسطينيين.

وعلى المستوى الدبلوماسى تحدثت وزيرة الخارجية الأسترالية جولى بيشوب، ضد استخدام إسرائيل للتعذيب قائلة: «إننى أشعر بقلق عميق إزاء مزاعم سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين»، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأسترالية، إيجال بالمور، انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة فى الفيلم بأنها «شيء لا يطاق».

باختصار.. التقارير المأساوية عن وضع الأطفال الفلسطينيين فى غزة كشفت أنه يتم استهدافهم بالاعتقالات الليلية ومداهمة منازلهم وأنهم يهددون بالقتل ويتعرضون للعنف الجسدى والحبس الانفرادى والاعتداء الجنسى.

لقد أثار الفيلم استنكارا دوليا بشأن معاملة إسرائيل للأطفال الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، ويبقى الجانب الآخر من الحكاية المأساوية التى لم يتعرض لها الفيلم وهى أن الأطفال الناجين من سجون الاحتلال رغم فظاعته وقسوته يواجهون مصيرًا محتومًا لا يقل ضراوة، وأيضا على يد المحتل الغاصب، وهو الموت قتلا بالرصاص أو حرقا بالقنابل الفسفورية أو خنقا تحت الأنقاض أو هدفا لرصاصات طائشة أو تحت عجلات المدرعات الحربية.

ما أقساها من حياة بائسة لأطفال بدلا من أن يذهبوا إلى مدارسهم أو يلعبوا مع ذويهم فإنهم يواجهون الموت كل لحظة من الزائر الوحيد الذى يخطف أرواح كل من يحبون وينتظرون قدومه فى كل لحظة وأحيانا يتمنونه وينتظرون قدومه بعد ما سبقهم إليه الأهل جميعا، فربما كان الموت الحقيقة الواحدة لوضع نهاية لمأساتهم ومعاناتهم التى فاقت كل احتمال.. الجرائم الإنسانية التى تحدث فى غزة ليس الاحتلال وحده المسئول عنها.. عموما عند الله تجتمع الخصوم.

 

[email protected]