عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتجاه

تفصلنا ثلاثة أيام، عن يوم 29 من هذا الشهر «نوفمبر»، وفيه تمضى 76 عاماً على تقسيم فلسطين، الذى جرى بخطة غربية مساندة لليهود، إنتهت بالقرار رقم 181، أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى مثل هذا اليوم، من العام 1947، ويجمع بين السم والعسل، حين ينهى الإنتداب البريطانى عن فلسطين، فى نفس الوقت الذى يفرض تقسيمها، بين أصحاب الأرض «العرب»، وبين يهود أوروبا، جمعاً مع أدعياء إسرائيل، الذين لم تكن نسبتهم تتعدى الـ7%، وقت أن منحهم التفسيم المساحة الأكبر من الأراضى الفلسطينية، فى سابقة رفضتها الدول العربية، فى حين حازت الدولة اليهودية، على المساندة المطلقة من الغرب، وكما المعتاد، من الولايات المتحدة الأمريكية. 

 ** القراءة الدقيقة لقرار التقسيم، تبدو كأنه أرسى مبدأ الانحياز لإسرائيل، الذى تبناه الغرب، ليس فى إطار تخصيص المزايا الاقتصادية، أو الأفضليات فى مجالات المنح والتنمىة الاجتماعية مثلا، لكن- وهو الأخطر- فى اتجاه شرعنة الاستيلاء على الأرض، والتهجير القسرى لسكانها الفلسطينيين، حتى يتوافر المكان لقيام دولة اليهود، وقد منحها قرار التقسيم 15 ألف كيلومتر، تشكل57,7%، بينما لم يخصص لدولة فلسطين العربية، سوى11 ألف كيلومتر، بنسبة 42,3%، على الرغم من أنها صاحبة الأرض، ودون الدولتين وضعت القدس وبيت لحم وما يجاورها من أراضٍ، تحت الوصاية الدولية، التى تنتهكها إسرائيل بغطاء غربى. 

 ** والتاريخ لايسقط المسئولية الأخلاقية عن الدولة البريطانية، فى حرمان الشعب الفلسطينى من السيادة على أرضه، وقت أن قررت إنهاء الانتداب عن فلسطين وتسليمها للصهاينة، بمخالفة اتفاقيات «جنيف»، وهى لاتجيز حتى لأصحاب الأرض التنازل عن حقوقهم- نص المادة رقم8 من الاتفاقية الرابعة- والتى تلزم دولة الإنتداب، حسب القوانين والتشريعات المتعارف عليها عالمياً، إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقيين، الأمر الذى وضع الأساس للصراع العربى- الإسرائيلى، إلى وقتنا الراهن، وأجبر الأمم المتحدة وبضغوط سياسية، أن تقبل بخطة التقسيم، وتفتح الأبواب أمام تدفقات اليهود، الذين كافأتهم بريطانيا بـ«وعد بلفور»، لتوطينهم فى فلسطين. 

 ** ومع الرفض المطلق لقرار التقسيم إلى اليوم، يظل هذا القرار،على الرغم من ظلمه للشعب العربى الفلسطينى، بتشريده وحرمانه من حق تقرير المصير، يوفرشروطاً للشرعية الدولية، تضمن حقه فى السيادة والاستقلال الوطنى، وقد تقيدت منظمة التحرير الفلسطينية بهذا الحق، مع نص المادة رقم 19 من ميثاقها الوطنى، المعلن فى شهر يوليو 1968، أن تقسيم فلسطين عام1947، وقيام دولة إسرائيل باطل من أساسه، مهما طال عليه الزمن، لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطينى، ومناقضته لميثاق الأمم المتحدة، وفى مقدمتها حق تقرير المصير، ومن ثم يبقى الصراع مفتوحاً، طالما هناك دولة محتلة، وإلى أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة. 

 ** الواقع وتوثيقه على الأرض يقول إن إسرائيل توسعت فى الاستيلاء على50% من الأراضى العربية، بمقتضى قرار التقسيم حتى العام2004، ونفس الواقع يؤكد سيطرتها التامة على الـ50% الباقية، وهو السبب فى اشتعال الصراع إلى اللحظة، وليس آخرها حرب «طوفان الأقصى» الجارية فى قطاع غزة.. وإذا كان العرب مهتمون بإنهاء المواجهة، عليهم استغلال الظروف التاريخية للأزمة، وأن يدفعوا بآليات عدة للترويج السياسى والإعلامى، إلى أن يقع الغرب- وبريطانيا خاصة- تحت ضغوط المسئولية الأخلاقية، ومراوحة الضمير الإنسانى لمن صنعوا هذه الأزمة، ولو على طريقة إسرائيل فى ابتزاز العالم، بما تزعمه عن محرقة لليهود..إلى اليوم. 

 [email protected]