رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

إسرائيل تقتل الصحفيين الفسلطينيين وعائلاتهم لطمس القضية والتغطية على جرائمها البشعة التى طالت كل شىء فى غزة من أطفال ونساء وشيوخ وعجائز.

فى مشهد أبكى الملايين يوم الأربعاء الماضى 25 أكتوبر ظهر الصحفى الفلسطينى، وائل حمدان الدحدوح عبر فيديو انتشر على نطاق واسع وهو يحتضن جثتى زوجته وابنته، ثم ظهر فى مشهد آخر وهو يحمل جثة ابنه الصغير! وهو يقول: أنا لله وأنا إليه راجعون»، بينما ازدادت الصرخات والنحيب من حوله، وحاول البعض تهدئته وتقديم العزاء له ومواساته فى مصابه الأليم.

آخر كلمات الدحدوح فور معرفته بالنبأ الحزين وقصف منزله فى مخيم النصيرات، وهو الذى لجأت إليه عائلته قادمة من تل الهوى بعد دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو لسكان الجزء الشمالى من قطاع غزة للنزوح جنوبا: الحمد لله، هذا هو جيش الاحتلال وهذه دموع الإنسانية وليست دموع الخوف والجبن!

وقع الحادث الجبان بينما كان وائل الدحدوح مدير مكتب الجزيرة فى غزة على الهواء يغطى السفارات الإسرائيلية المتواصلة فى غزة، ووجد أفراد عائلته هو الخبر الذى ينقله للمشاهد بقتل زوجته آمنه، وابنه محمود «16 عاما» وابنته شام «6 سنوات» وحفيده آدم «45 يوما» حيث استهدفهم قوات الاحتلال الإسرائيلى عبر غارة جوية شنتها على المخيم الذى كان به نحو 50 من عائلة الدحدوح.

ولد الصحفى الفلسطينى وائل حمدان الدحدوح فى حى الزيتون أقدم أحياء مدينة غزة، فى 30 أبريل 1970، وعاش طفولته فى كنف أسرة غزِّيَة ممتدة مسيورة الحال، وقضى شبابه فى سجون الاحتلال الإسرائيلية لمدة سبعة أعوام بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عام 1988، وبعد التحرر حصل مجددا على شهادة الثانوية العامة فى السجن الإسرائيلى، ثم حصل على بكالوريوس فى الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية فى غزة عام 1998، بعد أن منعه الاحتلال من السفر للدراسة فى الخارج، فحصل على درجة الماجستير فى الدراسات الإقليمية من جامعة القدس أبوديس عام 2007.

يعتبر الصحفى وائل الدحدوح هو مدير مكتب الجزيرة الفضائية فى قطاع غزة، وبدأ عمله منذ 25 عاما، سخرها لتغطية أحداث فلسطين وجيش الاحتلال الإسرائيلى، حيث بدأ عام 1998 بين عدد محدود من الصحفيين فى غزة، حتى اندلعت انتفاضة الاقصى عام 2000.

كانت البداية الحقيقية لاهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية بغزة، هى انتفاضة الأقصى، فبدأ وائل الدحدوح حياته المهنية مراسلا لصحيفة القدس الفلسطينية، واشتغل لصالح وسائل إعلام أخرى قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة عام 2004.

اعتاد وائل الدحدوح على الجلوس مع أولاده وأفراد أسرته حول حلقة النار فى الشتاء للحصول على التدفئة والغناء لوطنهم فلسطين، زرع داخل أبنائه حب الوطن، كانوا يغنون: «باكتب اسمك يا بلادى.. ع الشمس ألما بتغيب لا مالى ولا أولادى على حبك ما فى حبيب.. يا دار الأوفى دار بيلبقلك الأشعار».

ما لم يكن يعلمه «وائل» هو تحول كلمات الأغنية فى أحد الأيام إلى حقيقة، انتهت أيام الغناء وبدأت أيام الاستشهاد، حيث صدق وائل برفقة مئات الأشخاص دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلى بالانتقال بعيدا عن مناطق القصف، إلا أن الغارة ضربت منزله وعائلة أخرى.

إذا كان الدحدوح على قيد الحياة بعد فقده زوجته وابنه وابنته وحفيده، فإن الاحتلال الإسرائيلى قتل عددا من الصحفيين فى حرب الإبادة التى يشنها على غزة.

وأعلن أنه غير مسئول عن حماية الصحفيين، وذلك يخالف القانون الدولى الإنسانى الذى ينص على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهامهم فى النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد.

ويؤمن القانون الدولى الإنسانى للصحفيين المدنيين الحماية المكفولة للمدنيين طالما أنهم لا يشاركون مباشرة فى الأعمال العدائية، كما تنص المادة 79 من البروتوكول الأول الإضافى إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949 على: يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطيرة فى مناطقة النزاعات المسلحة أشخاصا مدنيين، ويجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا الحق شريطة ألا يقوم بعمل يسىء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين.

لقد اثبت الاحتلال الإسرائيلى من خلال جرائمه ضد الشعب الفلسطينى بكل فئاته أنه عدو لا يعرف رحمة أو دينا، ولكن رغم هذه البشاعة والمجازر التى يتعرض لها الفلسطينيون، سيبقى على هذه الأرض ما يستحق الكفاح، ولن يغلق ملف قضية فلسطين إلا بوجود دولة فلسطين المستقلة، ولن يتوقف الفلسطينيون عن الاستشهاد طالما وطنهم فى قبضة القردة والخنازير.