رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تهجير سكان غزة إلى سيناء.. مخطط صهيونى أفسده وعى القيادة السياسية المصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ اندلاع الأحداث الأخيرة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى عقب هجوم السابع من أكتوبر الذى أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الإسرائيليين، واستشهاد آلاف الفلسطينيين، كثر الحديث داخل إسرائيل وفى وسائل الإعلام الدولية عن فكرة تهجير سكان غزة من القطاع إلى مصر وخاصة شبه جزيرة سيناء. 

وأثارت هذه الفكرة الكثير من الجدل فى الأوساط السياسية والمجتمعية، ونزل المصريون فى تظاهرات عارمة ملأت الشوارع رفضاً لهذه الفكرة، وتأكيداً على أنها تعنى كتابة كلمة النهاية للقضية الفلسطينية. 

كما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعنى نقل القتال إليها وأنها ستكون قاعدة لضرب إسرائيل، مشيراً إلى أن حصار قطاع غزة هدفه فى النهاية نقل الفلسطينيين إلى مصر. 

وأوضح الرئيس أن الأمر لن يقتصر على تهجير الفلسطينيين من غزة، بل سيمتد إلى تهجيرهم أيضاً من الضفة الغربية إلى الأردن، لافتاً إلى أنه من الممكن نقل الفلسطينيين إلى صحراء النقب حتى تنهى إسرائيل عملياتها العسكرية فى غزة، ومؤكداً أن تهجير السكان من غزة والضفة يقضى على حل الدولتين. 

ومع ذلك إلا أن الإعلام الإسرائيلى لم يتوقف عن تناول الفكرة، وكشف معهد «ميسجاف» الإسرائيلى لبحوث الأمن القومى والاستراتيجية الصهيونية عن أدق التفاصيل للخطة الإسرائيلية المرتقبة لتهجير كل سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء بمصر.

ونشر المعهد الخطة عبر دراسة تحت عنوان «خطة التوطين والتأهيل النهائى فى مصر لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية».  

وشملت الدراسة التى أعدها المحلل الاستراتيجى أمير ويتمان عدة نقاط رئيسية تعتمد عليها إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر، وأهمها: استغلال أزمة مصر الاقتصادية بتهجير هؤلاء الفلسطينيين إلى سيناء مقابل امتيازات مادية ضخمة.

ووفق الخطة، فإن هناك فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بالكامل بالتنسيق مع الحكومة المصرية، حيث إن هناك حاجة إلى خطة فورية وواقعية ومستدامة لإعادة التوطين وإعادة التأهيل الإنسانى لجميع السكان العرب فى قطاع غزة فى سيناء، والتى تتوافق بشكل جيد مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل ومصر والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وأشارت الدراسة إلى أنه فى عام 2017، أشارت التقارير إلى أن هناك نحو 10 ملايين وحدة سكنية خالية فى مصر، نصفها تقريباً قيد الإنشاء والنصف الآخر تحت الإنشاء، وفى أكبر مدينتين بالقرب من القاهرة، وهما السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان، هناك كمية هائلة من الشقق المبنية والفارغة المملوكة للحكومة والقطاع الخاص ومساحات البناء تكفى لإيواء نحوأشخاص فى الوحدة السكنية الواحدة ما يعنى أنها قد تكفى مليون نسمة.

وأضافت الدراسة أن متوسط تكلفة شقة مكونة من 3 غرف بمساحة 95 متراً مربعاً فى إحدى المدينتين نحو 19 ألف دولار، ويبلغ عدد السكان الذين يعيشون فى قطاع غزة نحو 2,2 مليون نسمة، ويمكن التقدير أن إجمالى المبلغ المطلوب تحويله إلى مصر لتمويل المشروع سيكون فى حدود 5 إلى 8 مليارات دولار.

وتعتمد الخطة الإسرائيلية على تقديم حوافز مالية فورية على هذا المستوى للاقتصاد المصرى من شأنه أن يوفر فائدة هائلة وفورية للحكومة المصرية، وأن هذه المبالغ المالية بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلى ضئيلة للغاية حيث إن استثمار بضعة مليارات من الدولارات حتى لو كانت 20 أو30 مليار دولار لحل هذه القضية الصعبة هو حل مبتكر ورخيص ومستدام.

وأكدت الدراسة أنه لتحقيق هذه الخطة لا بد من توافر شروط كثيرة فى نفس الوقت، فحاليا يتم استيفاء هذه الشروط، وليس من الواضح متى ستنشأ مثل هذه الفرصة مرة أخرى، إن وجدت.

وزعمت الدراسة أن الدائنين لمصر من الدول الأوروبية والعربية سوف يستفيدون من هذا المخطط، فبالنسبة للدول الأوروبية، وبشكل رئيسى دول أوروبا الغربية، فإن نقل جميع سكان غزة إلى مصر وإعادة تأهيلها سيحد بشكل كبير من خطر الهجرة غير الشرعية إلى أراضيهم، وستستفيد المملكة العربية السعودية بشكل كبير من هذه الخطوة لأن إخلاء قطاع غزة يعنى القضاء على حليف مهم لإيران ومساهمة كبيرة فى الاستقرار بالمنطقة. 

واختتمت الدراسة بالقول إنه من الممكن التوصل إلى هذه الصفقة بين مصر وإسرائيل خلال أيام قليلة بعد بدء تدفق المهاجرين من غزة إلى مصر عبر معبر رفح، واليوم هناك مئات الآلاف من سكان غزة الذين يرغبون فى مغادرة القطاع، وأنه يجب على الجيش الإسرائيلى أن ينتج الظروف المناسبة لهجرة سكان غزة إلى مصر، بالتعاون المصرى من الجانب الآخر من الحدود، بالإضافة إلى ذلك، فإن إغلاق قضية غزة سيضمن إمدادات مستقرة ومتزايدة من الغاز الإسرائيلى إلى مصر وتسييله وتعزيز سيطرة الشركات المصرية على احتياطيات الغاز الموجودة قبالة سواحل غزة مع نقل غزة وإفراغها من سكانها لصالح إسرائيل.

فى هذا الصدد، قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ما يقال فى إسرائيل عن مخطط تهجير الفلسطينيين إلى مصر وتوطينهم فيها لن يحدث على أرض الواقع، ولن يمكنهم أحد من ذلك وأولهم صاحبة الأرض وهى مصر التى لن تفرط فى شبر من أراضيها. 

وأضاف بيومى أننا سبق ورفضنا تمليك إسرائيل 600 متر فقط فى طابا عندما حاولوا تزوير الحدود معنا، وأصرت مصر على استعادة كل شبر من أراضيها، فكيف تقبل الآن بالتفريط فى جزء من سيناء؟ 

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه ليس هناك منطق فى تهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض، وأن نأتى بيهود قادمين من روسيا وأمريكا وشرق أوروبا ليحلوا محلهم رغم أن أجداد أجدادهم لا يعرفون هذه الأرض، متسائلاً: «من قال إن اليهودى الأمريكى صاحب أرض فلسطين»، هذا نوع من الكذب والإفتراء، والعالم لن يصدق ذلك. 

وأشار إلى أن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، وأن المخطط الإسرائيلى الأمريكى الذى يتم عن قصد بتهجير الفلسطينيين واستيلاء إسرائيل على الأرض كاملة لن يسمح بتنفيذه، مؤكداً أن الفلسطينيين لن يستطيعوا دخول سيناء، لأن مصر تسيطر على المعابر الخاصة بالدخول والخروج منها، كما أن إسرائيل لن تجرؤ على بناء معابر للدخول إلى سيناء دون التنسيق مع مصر، لأنهم بذلك يغامرون بأمنهم وهنا سنكون أمام تحدٍّ سافر لن تقبله مصر وقواتها المسلحة. 

ولفت إلى أن الأزمة الراهنة تحتاج إلى ضرورة الاتفاق على قرار بوقف إطلاق النار، وأن مصر حالياً فى موقف طيب من الأزمة على المستوى السياسى والدبلوماسى، ويجب أن نستمر فى ذلك ونضع العالم أمام مسئولياته، ونؤكد للإسرائيليين أنفسهم أن مصلحتهم فى السلام وليست فى احتلال أراضى الغير، لأنه لا مفر من قبول وجود الفلسطينيين على أرضهم واحترام الصمود الفلسطينى، متابعاً «سيظل الحق الفلسطينى قائماً ما دام وراءه مطالب من الفلسطينيين ومن يساندونهم وأولهم مصر». 

مخطط قديم

وقال الدكتور مصطفى الفقى، الكاتب والمفكر السياسى إن مخطط توطين الفلسطينيين فى مصر ليس جديداً، وإنما هو تصور إسرائيلى دائم لإمكانية حل مشكلة الفلسطينيين على حساب الأرض المصرية. 

وأضاف الفقى أن حلم إسرائيل الأبدى هو توطين سكان غزة فى سيناء، ودائماً لديهم إحساس بفراغ سيناء، وأنها منطقة واسعة، وأن مصر ليست فى حاجة إليها، مشيراً إلى أن هذا المخطط جزء من المؤامرة التاريخية التى يشارك فيها اليهود بشدة والأمريكان أحياناً، وبعض الغربيين فى إمكانية سلخ سيناء أو جزء منها عن مصر، وفتح الباب لدخول الفلسطينيين إليها، بحجة أن الفلسطينيين يعيشون على 50 كيلو متراً فى غزة بينما سيناء خالية وواسعة. 

وأوضح الفقى أن غزة مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل وعندما انسحبت منها فى الماضى لم يكن ذلك تحت تأثير المقاومة وإنما تحت تأثير أن ذلك أفضل لها بعدم الضغط عليها، مؤكداً أن هناك مشكلة حقيقية أمام مصر وهى أن موقعها الجغرافى وضعها مباشرة بجوار غزة، وجعل كل منافذ غزة الأخرى مغلقة عدا معبر واحد كبير فقط يفتح لها طريق الحياة وهو معبر رفح. 

ولفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كان يتعامل مع الفلسطينيين خلال العشر سنوات الأخيرة كأنهم لا شىء، وأن كل ما فى وسعهم هو ضرب الإسرائيليين بالحجارة فقط، وسيتم قمعهم ومع الوقت ستنتهى القضية الفلسطينية، وكان يتصور أن القضية دخلت مرحلة التصفية، لكن ما حدث مؤخراً فى غزة أيقظ أسس القضية من جديد. 

وأكد الفقى أن الموقف الحالى صعب على كل الأطراف وخصوصاً الطرف المصرى، لأن مصر هى الجائزة الكبرى ومن يستطيع تصفية القضية الفلسطينية سيقوم بتصفيتها عن طريق مصر، وهذا أمر لن يحدث لأن المصريين ملتزمون بثوابت هذه القضية تاريخياً. 

هلاوس 

 

فيما أكد طارق البرديسى، خبير العلاقات الدولية، أن فكرة تهجير سكان غزة إلى سيناء وتناول وسائل الإعلام والسياسيين الإسرائيليين الأمر بالخرائط والمخططات، كلها أمور تعد من الهلاوس السمعية والبصرية. 

وتساءل البرديسى كيف لدولة عمرها 70 سنة أن ترسم الخريطة ومستقبل هذه المنطقة، وتعيد رسم خريطة مصر التى يزيد عمرها على 7 آلاف سنة، وعلى أى أساس قانونى يتم بناء هذه الخطط والمقترحات، مشيراً إلى أن مصر حدودها ثابتة وسيادتها وطنية ومؤسساتها قوية، والرئيس السيسى أكد على موقف مصر الثابت من هذا الأمر. 

وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن مصر لن تفرط فى سيناء بعدما دفعت أثماناً باهظة من أجل استردادها، ولذلك يجب ألا يأتى أى أحد ويفتئت على السيادة الوطنية والتراب المصرى، مضيفاً «مصر خاضت الكثير من الحروب والمفاوضات من أجل تثبيت سيادتها على آخر نقطة فى ترابنا الوطنى».  

وأضاف البرديسى أن مخططات تهجير الفلسطينيين إلى مصر كلام فارغ وكلها أحلام، وأن موقف مصر شعباً وقيادة وحكومة وتماسكها واعتراضها على تصفية القضية الفلسطينية خير دليل على ذلك، مشيراً إلى أنه فى كل الأحوال لا يمكن أن تكون تصفية القضية على حساب مصر والأمن القومى لها، لأن ذلك خط أحمر. 

ولفت إلى أن كل هذه السيناريوهات الموضوعة من الجانب الإسرائيلى ليس لها قيمة، ومصر ستتصدى لها، لكن حل هذه الأزمة يتمثل فى إقامة دولة فلسطينية على حدودها المتعارف عليها فى 5 يونيو 1967، كما هو منصوص عليه فى كل المرجعيات الدولية وكل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، لأن حل الدولتين هو الأنسب للجميع.