رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

نواصل حكاية الرئيس الجزائرى السابق الحبيب بورقيبة, بعد أن وصلت أخباره إلى صديقه الأمريكى هوكر دوليتل، ومنه إلى الخارجية المصرية, وفى الوقت نفسه، بدأ رموز الجالية التونسية فى القاهرة بالتحرك، وعلى رأسهم الشيخ محمد الخضر حسين، الذى سيصبح بعد ذلك شيخ الأزهر، وأبناء محمد بيرم الخامس، أحد رموز الحركة الإصلاحية التونسية والذى كان قد استقر فى القاهرة بعد الاستعمار.

وفى صباح التاسع والعشرين من أبريل، أفرجت وزارة الدفاع المصرية عن بورقيبة ورفيقه خليفة حواص ونُقلا إلى وزارة الداخلية حيث التقيا بوزير الداخلية حسن باشا رفعت ووقعاً على تعهد بعدم الدخول فى أى نشاط سياسى داخلى مصرى, بعد أن أيقنّا أن التعهد إجراء روتينى فقط لا يمنع من ممارسة السياسة فيما بعد.

استقر«بورقيبة» فى شقة صغيرة فى شارع نوال بحى العجوزة فى محافظة الجيزة، وبدأ يخطط لنشاطه السياسى من خلال التواصل مع قادة الحركات الوطنية المغاربية، وبدعوة رفاقه فى أوروبا للالتحاق به فى مصر وتأسيس مكتب للحزب الدستورى، كما فتح خطوط تواصل مع القوى السياسية المصرية، والتى لم تتحمس كثيراً له.

وفى القاهرة أيضا، وطّد «بورقيبة» علاقته بالنخب الشامية المهاجرة، وأبرزها الصحافى الفلسطينى محمد على الطاهر، الذى فتح له الكثير من الأبواب المغلقة فى العاصمة المصرية، والأمير شكيب أرسلان، ومفتى القدس أمين الحسينى، وتلقى دعماً مالياً وسياسياً من هؤلاء، وكذلك دعماً سخياً من أمين عام الجامعة العربية عبدالرحمن عزام، حتى نجح أخيراً فى تأسيس مكتب المغرب العربى مع علالة الفاسى والأمير عبدالكريم الخطابى من المغرب، والشيخ الفضيل الورتلانى من الجزائر، ليكون رافعة سياسية لجبهة مغاربية لتحرير تونس والمغرب والجزائر.

وفى رسالته إلى الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة, يقول «بورقيبة»: إن ما توطد بيننا من روابط الأخوة والتفاهم أثناء مقابلاتنا العديدة وبخاصة خلال زيارتى الأخيرة إلى الجمهورية العربية المتحدة ليجعلنى أعتقد أن الخلافات مهما تكن يمكن التغلب عليها بالمنطق السليم والنية الطاهرة والعزيمة الصادقة, وإن ما لقيته من شعب مصر ومن شعوب المشرق العربى عامة من إكرام وتبجيل لمرتسم فى نفسى ولن يُمحى أثره مهما تقلبت الأحوال وإن ذلك يضاف إلى واجبى كعربى فيملى علىّ أن أفعل كل ما فى وسعى لأجنب الشعوب العربية مغبة الانقسام والتناحر فى ظرف هم فيه أحوج ما يكونون إلى التكاتف والتضامن من أجل العمل الإيجابى.

مكث بورقيبة فى القاهرة إلى أوائل سبتمبر 1949، وخلال وجوده فيها سافر إلى الولايات المتحدة وجنيف وقام بجولات فى الهند وباكستان والحجاز وإندونيسيا وبلاد الشام، لحشد التأييد للقضية التونسية.

ويروى لنا الكاتب محمد حسنين هيكل خلال زيارة أمير الشارقة له فى الفندق الذى أقام فيه يوم زار الإمارات فى الثمانينات، وهى أن بورقيبة يوم كان يقيم فى القاهرة قبل استقلال تونس وتسلمه رئاسة الجمهورية وكانت أحواله المادية صعبة، اضطر الى استدانة 10 جنيهات من محمد حسنين هيكل. ومرت سنوات طوال أصبح بورقيبة بعدها رئيساً لتونس وعند زيارته للقاهرة رسمياً فى عهد الرئيس عبدالناصر، شاهد «هيكل» فقال له أمام الحضور: يا سى هيكل أنا لم أنس الـ10 جنيهات التى استدنتها منك وسأعيدها إليك الآن بهذه الهدية.. التى كانت عبارة عن الأوراق الأصلية التى تضمنت نص خطاب الرئيس بورقيبة بخط يده.

 وروى هيكل أن الخبر المهم فى هذه الوثيقة الجميلة أنها كانت تحمل على هامش نص الخطاب ملاحظات أيضاً بخط بورقيبة أمام كل فقرة حول كل حركة أو إشارة ينبغى أن يؤديها عند إلقاء الخطاب، وكانت كالتالى وعلى طريقة الإلقاء المسرحى: هنا يجب أن أحرك يدى اليمنى... هناك يجب أن أحنى رأسى قليلاً... هنا يجب أن أعبس بعض الشىء... هنا يجب أن أبتسم إلى حد ما.

حفظ الله مصر وأهلها.

 

[email protected]