رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

ظلت العولمة، على مدى أكثر من 50 عامًا، عاملًا محفزًا للتنمية الاقتصادية، والتكامل التجارى. كما ساعدت فى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، أصبحت مسارًا للشركات فى الاقتصادات الصاعدة لدخول سلاسل القيمة العالمية ومضاعفة حصتها من الصادرات. ومن ناحية أخرى، يلقى البعض، خاصة فى الاقتصاديات المتقدمة باللوم على العولمة نظرًا لفقدان الوظائف فى قطاع الصناعات التحويلية، وتمثل أيضًا مصدرًا لانبعاثات غازات الدفيئة.. وفى الآونة الأخيرة، دفعت جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية، والتوترات الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة، وأخيرًا اشتعال فتيل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، الدول والشركات إلى إعادة التفكير فى الاستراتيجيات العالمية. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: إلى أى مدى تتراجع العولمة فعليا؟ فالعالم الآن يشهد تحولًا فى هيكل العلاقات الاقتصادية للدول، بما فى ذلك حركة السلع، وحركة الأيدى العاملة، وحركة رؤوس الأموال عبر الحدود الدولية، وما إلى ذلك من أبعاد. وقد تناول منتدى دافوس الأخير هذا الأمر، حيث ذكر أن التحولات التى يشهدها الاقتصاد العالمى الآن ليست إلا موجة جديدة من العولمة، وأطلق عليها اسم «الموجة الرابعة من العولمة Globalization». وما يشهده العالم الآن نتيجة الأزمات العالمية المتلاحقة يؤذن بانتهاء مرحلة فى تاريخ النظام الاقتصادى العالمي، وبداية مرحلة جديدة، ذات خصائص ومميزات جديدة. وفى هذه المرحلة المهمة من مراحل نشر العولمة تحـاول المنظومـة الرأسمالية التركيز على إبعاد دور الدولة عن إدارة الشؤون الاقتصادية، وتقليص مساحة تـدخلها فى إدارة علاقاتها الاقتصادية الخارجية وترك كل المهام للآليات الأخرى كمنظمة التجارة العالمية والبنك والصندوق الدوليين، وهو ما قد أدركته القيادة المصرية عبر الإصرار على برنامج إصلاح اقتصادى برؤية مصرية خالصة، بدأت فى نوفمبر 2016 كمرحلة أولى ونوفمبر 2021 كمرحلة ثانية، وقد عكست هاتان المرحلتان احتياجات الدولة المصرية، ففى المرحلة الأولى تضمنت إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة، ووضع حلول جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية، أما المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادى فقد ارتكزت على زيادة الوزن النسبى لقطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من 26%، إلى 30-35% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2023/ 2024, وتم استكمال ذلك بالبرنامج القطرى لمصر الذى يضم محاور رئيسية تتمثل في: النمو الاقتصادى الشامل والمستدام، والابتكار والتحول الرقمي، والحوكمة ومكافحة الفساد، والإحصاءات والمتابعة، والتنمية المستدامة المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، لتحقيق رؤية مصر 2030. ما نؤكد عليه هو إدراك القيادة السياسية التام لمجريات الأمور الاقتصادية التى أنتجتها العولمة، فقد أدى تضخم أسعار الأصول خلال العقدين الماضيين إلى إنتاج «ثروة ورقية» تقارب قيمتها 160 تريليون دولار، فيما تراجع النمو الاقتصادى وازداد انعدام المساواة، وولد كل دولار مستثمر 1.90 دولار من الديون. فالمشهد الجيوسياسى الحالى خاصة بعد فوران الصراع الفلسطينى الاسرائيلى يحفز الاستثمارات المتعلقة بالسياسة الصناعية وسلاسل الإمدادات والدفاع، مع نتائج متفاوتة بالنسبة للإنتاجية. فتسريع نمو الإنتاجية هو الوسيلة الوحيدة لدعم النمو الاقتصادى على المدى الطويل، وهو ما تدركه القيادة السياسية جيدًا.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام