رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

16 جنيهًا تكلفة إنتاج الكيلو فى المصانع ويباع فى الأسواق بـ 40 جنيها:

السكر المُر.. لغز حير المصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

 

السكر المُر.. لغز حير المصريين

«الحيتان» هربوا الإنتاج للخارج وتسببوا فى قلة المعروض

شركات التعبئة الرابح الأكبر فى الصناعة وتسرق المستهلك بشكل علني

100% ارتفاعًا فى سعر الطن خلال شهرين رغم الاكتفاء الذاتى بنسبة 90%

 

تشهد الأسواق المصرية حاليا موجة من الارتفاعات الجنونية فى أسعار بعض السلع وصفها الكثيرون بأنها غير مبررة وليس لها سبب واضح، وكان السكر واحدا من أهم هذه السلع، حيث وصل سعره فى بعض المناطق إلى 40 جنيها. 

 

وما يثير الدهشة فى هذا الأمر أن سلعة السكر لا يدخل فى تصنيعها مستلزمات إنتاج مستوردة من الخارج، ويتم تصنيعها محليا ونحقق منها اكتفاء ذاتيا يصل إلى 85 و90%، ما يعنى أنها لا تتأثر بارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصرى، ولذلك أثيرت تساؤلات كثيرة حول أسباب هذا الارتفاع الجنونى فى أسعارها. 

وحتى يوليو الماضى كان سعر طن السكر بـ 16 ألف جنيه، لكنه خلال شهرين فقط ارتفع بنسبة 100% ليصل حاليا إلى 33 و35 ألف جنيه للطن، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره فى الأسواق ليصل إلى 35 و40 جنيها حسب كل منطقة، بعدما كان بـ 18 و20 جنيها. 

يأتى ذلك فى الوقت الذى قرر وزير التجارة والصناعة تمديد حظر تصدير السكر، لمدة 3 أشهر بداية من أكتوبر، إلا للكميات الفائضة عن احتياجات السوق المحلى. 

وتنتج مصر نحو 2.8 مليون طن من السكر، بينما تستهلك نحو 3.2 و3.4 مليون طن سنويا، حيث تستورد الكميات المتبقية من الخارج سكر خام، وتقوم المصانع بتكريره محليا.  

فى هذا السياق، قال حسن الفندى، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن ارتفاع الأسعار بالشكل الذى نراه حاليا غير واضح وليس له تفسير أو مبرر. 

 

وأضاف الفندى، أن البورصة السلعية أدرجت السكر مؤخرا ضمن أعمالها، وفى آخر إغلاق لها كان الطن بـ 24.3 ألف جنيه، وهذا السعر لا يشمل النقل والتعبئة، وبالتالى إذا أضفنا تكلفة النقل والتعبئة فإن السعر سيصل إلى 28 ألف جنيه أو أقل، ولذلك فإن السعر العادل لبيع كيلو السكر فى أى مكان هو 28 جنيها أو أقل. 

وأشار رئيس شعبة السكر  إلى أن أى زيادة فى السعر عن هذا الحد غير مبررة وليس لها أى سبب، خاصة وأن هناك عدة إجراءات تم اتخاذها من المفترض أنها تؤدى إلى خفض السعر وليس ارتفاعه كما نشاهد حاليا. 

وأوضح الفندى، أن هذه الإجراءات تتمثل فى قرار وقف تصدير السكر لمدة 3 أشهر حتى نهاية العام، فضلا عن تصريحات وزير التموين بأن مخزون السكر يكفى حتى إبريل المقبل، أى مع بداية الموسم الجديد، قائلا، «الكلام ده المفروض يخلى سعر السكر ينزل مش يطلع .. لكن اللى بنشوفه دلوقتى ملوش أى مبرر».   

وأشار إلى أن مصر تستهلك نحو 3.2 مليون طن سكر تنتج منها 2.8 مليون طن، ويتم استيراد الباقى عن طريق هيئة السلع التموينية على هيئة سكر خام، تقوم المصانع بتكريره بعد انتهاء أعمالها فى تصنيع السكر المحلى من محصول القصب والبنجر.  

وتابع، «هذا العام تم استيراد 351 ألف طن سكر خام وفقا لتصريحات وزير التموين، وصلت كميات منهم بالفعل والكميات الباقية فى طريقها إلى مصر وستصل قريبا». 

مراحل التصنيع

وقال مصدر بشركة السكر والصناعات التكاملية، إن عملية تصنيع السكر لها مراحل متعددة بداية من استلام المحصول من المزارعين حتى وصول السكر إلى المستهلك الأخير، مشيرا إلى أن عملية التصنيع تبدأ من نقل المحصول من المزارع إلى المصانع عن طريق سكك حديد خاصة وعربات معينة، ويتم التنبيه على المزارع أن يكون القصب نظيفا وخاليا من الشوائب، ثم يتم وضعه فى دوائر العصارات التى تتكون من 9 أسهم وكل سهم وزنه 28 إلى 30 طنا. 

وتابع، «ثم يدخل القصب فى مرحلة التقطيع ويكون شبيها بالنخالة لتجهيزه لدخوله إلى شريدر القصب أو المفرمة ويصبح كالشعر، ثم يدخل على العصارات لاستخلاص العصير فى المرحلة الأولى له حيث يستخلص منه كل العصير الحلو المتاح، ثم يتم سحب مصاص القصب إلى جهاز آخر وإلقاء مياه ساخنة عليه بدرجة حرارة 350 درجة مئوية لإحداث تشبع للمصاص، وبعدها يدخل على مرحلة العصير الثانية لاستخلاص نسبة حلاوة أخرى، ولكن العصير فى المرحلة الأولى يكون صافيا، أما هذا العصير فيكون محملا بالمياه، ثم يتكرر نفس الأمر فى المرحلة الثالثة للعصير، وهنا ينتهى التعامل مع القصب داخل العصارات، ثم يدخل هذا العصير إلى مرحلة الإنتاج ثم إلى رحيق». 

وأوضح المصدر، أن هذا الرحيق عبارة عن مادة شبيهة بالعسل الأسود الذى يتحول فيما بعد إلى مولاس « سائل بنى لزج غامق»، ثم يتم سحبه عن طريق النوارج ويدخل إلى «قزانات» الطبخ وفيها يتم إدخال هواء ساخن وبخار عليه لتخليق بذرة السكر، مشيرا إلى أن سعة هذه «القزانات» تصل إلى 40 طنا، وهذه المرحلة يتم فيها التحكم بحجم حبة السكر سواء كانت ناعمة أو خشنة. 

وبعد ذلك يتم استقبال الكميات المنتجة فى مرحلة نفض السكر لفصل العسل الأسود عن السكر، وهذا العسل يتم نقله لمصانع أخرى لإنتاج الكحول، أما السكر فيتم إضافة بعض المواد عليه ليتحول إلى اللون الأبيض أهمها لبن الجير وحمض الفورمالين وكبريت أصفر، وهذه الإضافات مهمتها قتل البكتيريا وعدم تخمر عصير السكر، والحفاظ على صلاحية السكر لشهور طويلة، وهذه المواد لا يتم استيرادها من الخارج عدا حمض الفورمالين. 

وتابع، «بعدها يتم إجراء معالجة للسكر للتخلص من الجير والكبريت والفورمالين ليكون سكر صافيا بدون أى إضافات»، موضحا أن طن السكر الواحد يتم استخراجه من 5 إلى 9 أطنان من القصب حسب نوع وحجم القصب نفسه. 

16 جنيها

وكشف المصدر، أن تكلفة صناعة كيلو السكر الواحد تصل حاليا إلى 16 جنيها، بداية من استلام القصب حتى خروجه من المصنع، وهذه التكلفة تشمل الأجور ومستلزمات الإنتاج والكهرباء والضرائب وغيرها من التكاليف، ثم بعد خروج السكر من المصنع يتم حساب تكلفة النقل والتعبئة حتى يصل إلى المستهلك، كما أن تكلفة النقل تختلف حسب المكان والمحافظة التى ينقل إليها، أما شركات التعبئة فلها تكلفتها الخاصة حسب المواد المستخدمة فيها، لكن هذه الشركات قد تحدث فيها بعض التحايل والنصب على المستهلكين من خلال تعبئة الكيلو 900 أو 950 جراما فقط، وليس 1000 جرام لكل كيلو، أى أنها تكسب 100 جرام فى كل كيلو، ولو تم حساب ذلك على كل طن فإن المكسب يكون كبيرا. 

سكر البنجر

أما مراحل تصنيع السكر من البنجر فتختلف عن القصب، وله معاملة خاصة فى التصنيع، حيث يتم غسل البنجر فى البداية للتخلص من كل الشوائب ثم تأتى مرحلة القاطعات التى تفتت البنجر إلى قطع صغيرة جدا تشبه عيدان الكبريت، وبعدها يدخل على جهاز الانتشار ليتشبع بالمياه الساخنة، ثم المكابس للحصول على الحلاوة الموجودة فى البنجر، وترسلها إلى خطوط الإنتاج التى تحولها إلى رحيق ثم عسل، ويتم تحويله إلى سكر ومولاس ليتم فصلهما عن بعضهما كما حدث فى القصب.

وأشار إلى أن تكلفة إنتاج كيلو السكر من البنجر تصل إلى 13 و14 جنيها، لكن الطن يباع فى النهاية بنفس سعر طن سكر القصب ويكون ناعما وأبيض جدا، لكن الأفضل أن يتم استخدام سكر البنجر فى تصنيع الحلويات، أما سكر القصب فيفضل استخدامه فى المنازل. 

المصانع بريئة

وأكد المسئول بشركة السكر أن المصانع ليست السبب فى رفع الأسعار حاليا، لأنها لا تتاجر فيه وتقوم بتسليم إنتاجها إلى وزارة التموين، ولا يوجد مبرر حاليا لارتفاع أسعار السكر، مشيرا إلى أن الغرف التجارية هى المتحكمة والمسيطرة على أسعار المواد الغذائية، وهى السبب الرئيسى فى رفع الأسعار بالاتفاق مع بعض المسئولين الحكوميين، على حد تعبيره.   

التصدير

كما أن هناك سببا آخر لارتفاع الأسعار وهو تصدير السكر للبلاد الفقيرة التى تحتاج إليه عن طريق حيتان السكر، الذين يقومون بتهريب أو تصدير السكر إلى الخارج وخاصة السودان بدلا من توريده إلى السوق المحلى ليستفيدوا من فارق الأسعار.

واختتم المصدر تصريحاته قائلا، «المزارع هو المستفيد الأقل فى عملية تصنيع السكر، لأنه يحصل على ثمن المحصول وينتهى دوره عند هذا الحد، أما مصانع السكر فتستفيد من كل مراحل تصنيع السكر ولا تقتصر أرباحها على بيع الكيلو بـ 16 أو 17 جنيها، لأنها تستفيد من استخدام مصاص القصب فى توليد الطاقة الكهربائية للمصنع، والمولاس فى تصنيع الكحول والخل والمستحضرات الطبية وغيرها من الصناعات التكاملية، بالإضافة إلى أن مصانع التعبئة تحصل على ربح عالٍ من كل طن». 

ارتفاع غير مبرر 

يأتى ذلك فى الوقت الذى انتقدت فيه الغرف التجارية ارتفاع سعر السكر، مؤكدة أنها ارتفاعات غير مبررة، حيث قال حازم المنوفى عضو شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن السكر يشهد ارتفاعات غير مبررة، خاصة أن الإنتاج منه وفير ولا توجد أى دواع لمزيد من الارتفاع فى الأسعار.

 

وأضاف المنوفى، أن السكر شهد ارتفاعات متتالية بشكل كبير حيث ارتفع الطن من 18 ألف إلى نحو 32 ألف جنيه، وتراوح سعر الكيلو للمستهلك بين 33 و35 جنيها، مشيرا إلى أن التاجر يعتبر وسيطا بين المنتج والمستهلك ويحصل على هامش ربح ثابت فى كل سلعة، وأن ما يتم فى سلعة السكر من ارتفاع فى الأسعار بهذا الشكل شبه الدائم يتطلب تدخلا حكوميا عاجلا حتى لا تنفلت الأسعار أكثر ويحصل المواطن على السلعة بسعر مبالغ فيه.

وطالب عضو شعبة المواد الغذائية، بضرورة كتابه السعر على المنتجات حتى يتم ضبط الأسعار مستقبلا ولا يتيح فرصة للتلاعب فى الأسعار فى حاله التذبذب، حيث إنه لا يمكن بيع السلعة المكتوب عليها سعر إلا بعد نفاد الكميات المكتوب عليها السعر القديم.

وأوضح المنوفى، أنه يجب تشديد الرقابة على الأسواق بشكل أكبر وتنفيذ قرارات وزير التموين والتجارة الداخلية بكتابة الأسعار على المنتجات، حيث ألزم القرار الجهات والشركات المنتجة والمستوردة والمصنعة والمعبئة والموردة للسلع الغذائية بإصدار فواتير بيعية ضريبية متضمنة البيانات التى توضح سعر بيع المصنع والسعر المقترح للمستهلك وحقيقة السلعة وكميتها طبقا للقوانين الصادرة بشأن الفواتير الضريبية، لافتا إلى أن كتابة السعر على العبوات يساهم فى وقف الاحتكار وانفلات الأسعار، ويحد من الارتفاعات المتوالية للأسعار، وخلق تنافس حقيقى بين المنتجات الغذائية.