رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

لا حديث للناس خارج إلا عن الدولار والأسعار والتحديات العظمى التى تواجه الوطن وتكاد تقصم ظهر البسطاء المشغولين بقوت أولادهم اليومى وتدبير أمورهم المعيشية، فى ظل جنون الأسعار الذى طال حتى البصل!

مصر التى خارج القاعات المكيفة مختلفة تمامًا: تكتوى بنار الظروف والأوضاع الدولية، المؤثرة على مشروعات التنمية، وتئن من فجر وجشع تجار، ومن فساد محتكرى السلع الأساسية، ومن المتلاعبين  بالأسعار، والمتعايشين على المقامرات والمضاربات فى الدولار، فضلًا عن ذلك أولئك الذين يهيلون التراب على أى عمل ولو كان جيدًا، والمتآمرين فى الخارج الذين يدفعون دفعًا لكى لا تنجح فكرة أو مشروع، أو يتقدم الوطن قيد أنملة!

مصر داخل القاعات المكيفة، وبعيون أخرى.. عربية أو عجمية، تجعل أعيننا تلمع فرحا. بعض النقاد يرون أن فى تقديرنا وإنصاتنا باهتمام لكلمات الآخرين عنا هو نوع من الشعور بالنقص وربما بالدونية! قد يصح هذا مع دول بلا حضارة أو تاريخ، أما مصر فوضعها يختلف،  لكن قيمة الاهتمام بمصر فى عيون الآخرين، إنما تنبع من فكرة أن الذين أنهكت وطنهم وشعوبهم ظروف جعلتهم يتخلفون عن قطار المقدمة لطالما استقر مقامهم فيها، أو يتزحزحون عن مواقع ريادة كانت دوما لهم باعتراف الجميع، لا يستطيعون فى هذه الحالة أن يروا الصورة الكاملة للوطن، ولا يستطيعون أن يزيحوا كم الركام والغبار الذى يبدو على جسده. من هنا فإن أي  كلمات تقدير وعرفان يوجهها لهم أشقاؤهم أو حتى الأغراب عنهم،  فإنما تكون مضمدًا لجراحهم، وبلسمًا  لنزيفهم الدامى. كم كنت مأخوذًا بكلمات الأستاذ الدكتور هنرى العويط المدير العام لمؤسسة الفكر العربى (يرأسها الأمير خالد الفيصل) فى حفل افتتاح إطلاق تقريرها المعنون ب» الفكر العربى فى عقدين ٢٠٠٠-٢٠٢٠»، وبحديث الكاتب والمفكر الإماراتى يوسف الحسن عن مصر، لدى ترؤسه الجلسة الأولى فى المؤتمر، الذى يقام بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، ممثلة فى المجلس الأعلى للثقافة، بإطلاق التقرير العربى الثانى عشر للتنمية الثقافية، وتقريره المهم بعنوان الفكر العربى فى عقدين: التحولات/ التحديات/ الآفاق/ (٢٠٠٠-٢٠٢٠).حيا د. هنرى العويط الثقافة المصرية وروادها ومبدعيها ومفكريها، وكذلك الدكتور الحسن، بكلمات مكتوبة  بمداد يليق بمصر وتاريخها وثقافتها.

    التقرير المهم المحتفى بإطلاقه تناول فى محاوره الفكر السياسى العربى فى عقدين، وحول التفكر الفلسفى العربى الجديد، والعرب والعلوم الاجتماعية والتربوية، والعرب والثورة الرقمية، والاقتصاد والتنمية فى العالم العربى. كلها محاور ثرية جدا، وتستدعى الحوار والمناقشة بين المثقفين والمفكرين وعلى مستوى الجامعات.

    لا أعرف إن كان لدى مكتبة الأسرة الآن ميزانيات تسمح بطباعة كتب مخفضة كما فى السابق، لكنى أعرف أن هيئة الكتاب، وعلى رأسها الدكتور هيثم الحاج، والأعلى للثقافة ورئيسه الدكتور هشام عزمى، يستطيعان أن يقدما للقارئ المصرى هذا التقرير الدسم، الوليمة بحق، ويمكن التعاون مع جامعتى القاهرة وعين شمس، فتطبع  نسخة «مكثفة» من التقرير، يعدها كتاب ومراجعون مقتدرون يستطيعون اختصار  هذا السفر الضخم فى كتاب يمكن للمصريين شراؤه، من منافذ الهيئة والمجلس، بأسعار فى متناول الأيدى، كما هى حال كتب الهيئة. فهل يفعلها كبار المسئولين عن الثقافة؟