رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

ارتبطت الجريمة والعقوبة فى مصر القديمة بعوامل أخلاقية وعرفية ودينية، استندت جميعها إلى مفهوم «ماعت» الذى يشير إلى «الحقيقة والعدالة»، وهما فضيلتان لا تنفصمان وضروريتان لحسن تدبير أمور المجتمع والعالم الذى ألههما المصري القديم.

وحسب النصوص المصرية القديمة فإن الجريمة انقسمت قديمًا إلى جرائم ترتكب «بحق المجتمع»، كالقتل والزنا وسرقة ممتلكات الأفراد، وجرائم ترتكب «بحق الدولة»، كالرشوة والخيانة العظمى وسرقة الممتلكات العامة وجرائم ترتكب «بحق المؤسسات الدينية» كسرقة المقابر والمعابد.

نظر المصرى القديم إلى حياته باحترام وقدسية جعلته يشدد عقوبة القتل حفاظًا على عدم انتهاك حرمتها، لكنه فرق فى العقوبة بين «القتل العمد» و«القتل الخطأ».

فعقوبة الاعدام كانت جزاء من ارتكب القتل العمد، الذى يتوفر فيه القصد الجنائى بالمفهوم المعاصر، بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية للجانى والمجنى عليه، كما لجأ المصرى فى حالات معينة إلى توقيع عقوبات نفسية اعتبرها أشد وطأة من الاعدام.

فقد كان الابن الذى يقتل أحد أبويه يتعرض لتعذيب قبل إعدامه حرقًا على الأشواك، أما فى حالة قتل أحد الآباء ابنه أو ابنته، فلم يكن الجزاء عقوبة الاعدام، فقد كان يتم تطبيق عقوبة نفسية تمثلت فى إجبار القاتل، الأب أو الأم، على احتضان جثة الابن أو الابنة وربطهما معًا لثلاثة أيام (حتى تبدأ فى التحلل وسط حراسة).

كما كان يتم تطبيق طريقة أخرى لعقوبة الإعدام، وهى إلقاء المذنب فريسة للتماسيح، وكان الانتحار منة تمنح للمحكوم عليهم بالاعدام من علية القوم.

واعتبر المصرى القديم التهديد بالقتل جريمة بحسب نص فى بردية يقول: «اتهام بخصوص قوله لرئيس العمال «حاى» أنا سوف أهجم عليك فى الصحراء وأقتلك. وتشير بعض النصوص إلى أن القانون كان يكتفى فى هذه الحالة بالانذار فقط، ويبدو أن العقوبة قد اختلفت فى حالة ثبوت القتل الخطأ، ولم تكن الإعدام، ولم تتفق النصوص على عقوبة محددة، وهناك نص يعود إلى عصر الدولة القديمة، نقلاً عن «الجريمة والعقاب فى مصر القديمة» يقول: إن كل من يقتل شخصا بطريق الخطأ: «لم يكن يستطيع أن يدخل منزله قبل أن يتطهر من الإثم الذى ارتكبه ويقدم قربانًا عند مقبرة القتيل»، فى إشارة ربما إلى تصالح مبرم بين أسرتى الجانى والمجنى عليه، ودفع تعويض مناسب.

ولم يغفل المصرى القديم عقوبة التستر على جريمة قتل، أو عدم الإدلاء بمعلومات تفيد احتمال ارتكابها لمنع وقوعها، واعتبر كل من امتنع عن الإبلاغ شريكًا فى الجريمة ويعاقب بنفس عقوبة الجانى، أما من قتل حيوانًا له صفة دينية رمزية، فقد اعتدى على طبيعة مقدسة، يستحق الإعدام فى حالة ثبوت تعمده ذلك، أو الغرامة فى حالة القتل الخطأ.

حرص المصرى القديم على عدم ارتكاب الزنا، واعتبره جريمة دينية يتبرأ منها المتوفى فى اعترافاته الإنكارية أمام مجمع الآلهة فى العالم الآخر، كما ورد فى نص بردية «الخروج فى النهار» المعروفة اصطلاحًا باسم «كتاب الموتى»: «أنا لم أرتكب الزنا، وأنا لم أرتكب الزنا مع امرأة متزوجة».

تصدى المصرى بحزم لهذه الجريمة وجعل عقوبتها تصل إلى حد الاعدام منعًا للانفلات الأخلاقى فى المجتمع، ويوصى الوزير بتاح- حتب فى تعاليمه ابنه بعدم الافتتان بالمرأة نقلاً عن باحثة فرنسية: «إذا أردت أن تحافظ على الصداقة فى بيت ندخله سيدًا أو صاحبًا أو أى مكان ندخل إليه، فاحذر الاقتراب من النساء، فإن المكان الذى هن فيه ليس بالحسن، من أجل هذا يذهب ألف «رجل» إلى الهلاك والموت يأتى فى النهاية».

كانت عقوبة من يسرق ممتلكات أفراد هى دفع غرامة تصل إلى الضعفين، أو ثلاثة أضعاف الشىء المسروق، وهى عقوبة تغاير عقوبة سرقة ممتلكات الدولة التى وصلت إلى حد دفع السارق غرامة تصل إلى 180 ضعفًا. وكان المتهم يتعهد بإعادة المسروقات بعد اعترافه، ويخضع لعقوبة الضربة مائة ضربة باليد، وإجباره على حلف يمين لا يحنثه، وإلا يلقى فى النهر للتماسيح، وكانت العقوبة تنفذ فى مشهد عام أمام الناس.

تصدى المصرى القديم لجرائم العمل الإدارى فى الدولة وعلى رأسها الرشوة، التى لم تسلم منها الهيئات المهمة، وكانت عقوبتها العزل من المنصب وإنزال الشخص إلى درجة عامل زراعة!