رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 فى كتاب مهم للباحثة الأمريكية «كيت ايكورن» صدر مترجمًا ضمن سلسلة «عالم المعرفة» بعنوان «نهاية النسيان» تتناول بالدراسة والبحث سهولة طمس الذكريات الموجعة قبل عصر الإنترنت، واستحالة ذلك بعد الإنترنت، حيث منحت الذاكرة البصرية والسمعية فرصة نادرة للبقاء حية وطويلة حتى آخر نفس. ترى الباحثة الأمريكية أنه ما أسهل قبل الإنترنت أن نمزق صورة لنا فى طفولتنا لأنها لا تعجبنا،

 واليوم أصبح من المستحيل على المرء ترك طفولته وسنوات المراهقة خلفه، وأن احتمالية نسيان الآخرين لنا أصبح ضربا من ضروب الخيال. الأمر ببساطة أننا نشرنا كل غسيلنا وبكل الألوان على حبال مواقع التواصل الاجتماعى من فيس بوك وتويتر وانستجرام.. هذا الغسيل هو صورنا ومواقفنا وتسجيل تام وكامل الأركان لحياتنا وآرائنا، وإذا كانت الذاكرة هى مخزن العمر الذى نحفظ به ما مر بنا من أيام وأحداث، وإذا كنا نُظهر ونخفى حسب الحاجة والهوى من هذه الذاكرة ما نريد، فقد ولى هذا الزمن بعد أن تحول الصندوق الأسود الذى كنا نملك مفاتيحه وأسراره إلى بضاعة معروضة بأسواق مواقع التواصل الاجتماعى. هل الأمر خطير أن نفقد نعمة النسيان؟ ربما يكون الأمر كذلك حين نجد أنفسنا فى عصر جديد نجلد فيه ذواتنا ليل نهار بالصوت والصورة، ونمطر الصفحات بالصور التى نتوهم أننا تحكمنا فى التقاطها، 

ونجهل أنه بمجرد سقوطها على حسابك فقد أضيفت فى اللحظة والتو لحسابات كل أصدقائك «الوهميين طبعا»، وأصدقاء أصدقائك «وخصومك بالطبع». تقول الباحثة الأمريكية فى مؤلفها  «بينما لايزال الشباب يحاولون – ربما سرا – حذف صورهم من الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الكومبيوتر التى بحوزة أقاربهم وذويهم، فإن هذا العمل لا يقارن بتمزيق صورة من ألبوم وإلقائها فى الموقد». يكاد يكون مستحيلا فى حال مطاردة صورة على الإنترنت للقبض عليها ومحوها أنها قد اختفت للأبد، الحقيقة أنك قد تقبض على الصورة فى هذا الركن من الفيسبوك، ولكنك ستفاجأ أنها توالدت ك « أرنبة فوتوغرافية «، وانتشرت وتسللت من تحت عقب باب احتمالاتك ومخاوفك لكل الشوارع والحارات الفيسبوكية. هى الآن فى حضن كل أصدقائك وخصومك، هى الآن وكل ذكرياتك المسجلة – صوتًا وصورة – ملكية عامة لكل الناس، لمن يريد أن يشترى أو يبيع أو لا يعيرها أى اهتمام، أنا وأنت وكل من نزعوا أبواب وشبابيك ذاكرتهم أمام رياح الإنترنت والعالم التناظرى قد قبلنا أن نعرض بضاعتنا على الرصيف بلا ثمن، بل ويتسول البعض أحيانا من أجل جلب زبائن «فيسبوكيين» ليمنحوه من اهتمامهم العابر والسرابى «حتة لايك» على الماشى.