رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

فكرت كثيرًا فى سبب تلك «التلافيف» المكتبية التى يجب أن يمر عليها المواطن للحصول على ورقة أو وثيقة أو مستند ما يخصه، وسر حفنة التوقيعات والأختام التى ستمتلئ بها الورقة إلى درجة تهدد النص المكتوب بها بالتشويه، ولم أجد إجابة مقنعة سوى عبارة «عدم ثقة».

نعم نحن نعانى من نظام إدارى يفتقد الثقة فى بعضه البعض، رئيس مجلس الإدارة فاقد الثقة فى المدير العام، وهذا الأخير فاقد الثقة فى الرئيس التنفيذى، وهذا بدوره فاقد الثقة فى مدير الإدارة، وهذا أيضا فاقد الثقة فى رئيس القسم أو الإدارة، وهذا بدوره فاقد الثقة فى كبير الموظفين، وهذا الأخير فاقد الثقة فى الموظف الذى يتعامل مباشرة مع الجمهور، هذا إن صح فهمى لدرجات السلم أو السلالم الوظيفية التى تضج بها المصالح والمؤسسات الحكومية ذات الصبغة الخدمية مع المواطن.

ومن هنا يبدأ الهرم الوظيفى فى التطبيق والترجمة حرفيًا وبيروقراطيا على أوراق المواطنين، وعلى المواطن بالطبع أن يبدأ الهرم من القاع، بل من تحت الأقدام إن صح التعبير، فمن الموظف العادى، لرئيس المكتب إلى كبير الموظفين، الخ..!، الخ..!، وذلك حتى يُصدق الأكبر على توقيع الأصغر فى الدرجة الوظيفية، وهكذا، وهو ما أسميه عدم ثقة وظيفة، ومركزية شديدة التعقيد فى تسيير الإجراءات وإنهاء الخدمات.

ومسكين هذا المواطن، كلما حصل على توقيع أو ختم على أوراقه، أطلق الشهادتين، إلى أن تنتهى جولته المكوكية، وسيكون محظوظًا إذا كانت تلك التوقيعات والأختام المطلوبة موجودة فى بناية واحدة، ولا يهم تعدد المكاتب التى سيطرقها، والتى سيقف متذللًا على أبواب الجالسين المنتفخين الأوداج كبرًا خلف المكاتب، أما سييء الحظ، فسيكون مطالبًا بأن يلف بأوراقه على أكثر من مبنى وقطاع خدمات فى مناطق وأحياء متباعدة من القاهرة الساحرة.

فى الواقع هو شيء غامض، معقد، لغز كالسحر الأسود هذا الذى يجب علينا فك طلاسمه لنفوز بورقة رسمية، ونحصل على طلب خدمى من مطالب حياتنا، يضاف إلى ذلك أشياء غير مفهومة على الإطلاق، حتى لو استعرنا لها خبيرًا أجنبيًا فى الإدارة ليفسرها لنا، فمثلًا لماذا نذهب إلى مكتب بريد لاستخراج شهادة مخالفات للسيارة قبل تجديد رخصتها، وندفع فى البريد قيمة المخالفات، لماذا لا يكون بمكتب المرور هذه الخدمة فى أكثر من شباك وليس شباكًا واحدًا لمواجهة الزحام وللحفاظ على وقت وجهد المواطنين، لأن تحصيل الأموال من المواطنين يستحق أن نفتح له الشبابيك ونيسر له الخدمات.

ولماذا عند تجديد رخصة السيارة أيضًا يتم المرور عبر أربعة أو خمسة شبابيك، وكل شباك يطلب منك طلبًا؟، لماذا لا يتم عمل كل المطلوب لتجديد الرخصة فى شباك خدمى واحد، على أن تتكرر نسخة هذا الشباك، بحيث يقف المواطن على شباك واحد، فيختم كل أوراقه، ويدفع كل المطلوب منه، ويخلص حاله فى سلاسة ومرونة.

ولماذا يضطر ولى الأمر إلى التوجه لمكتب البريد أيضا؟ لدفع مبلغ صغير تافه فى حوالة بريدية مشفوعة بالرقم القومى للابن المراد نقله من مدرسة لأخرى، وبصورة بطاقة ولى الأمر، لماذا لا يتم فتح شباك لهذه الخدمة أو شبابيك بالإدارة التعليمية أو حتى بالمدرسة، على أن تقوم وزارة المالية بفتح هذه الشبابيك، لأن هذه الأموال خاصة بالدولة، وتوجه للمالية، ويتم التيسير بذلك على أولياء الأمور.

التفكير السلبى يخبرنى أن الإبقاء على تعدد الشبابيك لقضاء خدمة أو إنهاء ورقة أو طلب واحد للمواطن، ليس هدفه الحفاظ على بيروقراطية عقيمة متعفنة موروثة من عهود الاستعمار لمصر وصولا إلى الاستعمار التركى القديم حتى، وليس هدفه تعقيد حياة المواطن وإرهاقه، وشغله بأموره الشخصية عما سواها، بل أرى أن هدفه استمرار فتح شبابيك للفساد والرشوة، وأتحدى أن مواطنا عاديا فى مصر أنجز خدمة ما دون أن يسقى أحدًا ما «شاي بالياسمين».. وللحديث بقية.

[email protected]