رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر.. على مائدة اللئام

بوابة الوفد الإلكترونية

طوال العام الذي حكم فيه الإخوان مصر، صرخت كل وسائل الإعلام من «أخونة الدولة» أي إحلال العناصر الإخوانية في كل مفاصل الدولة بدءاً من المناصب السياسية العليا وحتي موظفي الإدارات الفرعية،

وذلك كان أحد أكبر أخطاء الإخوان إذ إن الاستئثار بكل شيء آفة تصيب جذع الحكم فتقضي عليه، وأعراضها أن يرغب الفصيل الحاكم في الاستئثار بكل شيء واستبعاد الغالبية حتي من المشاركة بالرأي، فيتحول ذلك الاستئثار بمرور الوقت إلي مرض عضال، وتبدأ تتداعي أجزاء الجسد، المصري للقضاء عليه، فتطيح الأغلبية بنظام الحكم.
حدث ذلك مع الحزب الوطني وأحرقت مقراته ومؤخراً مع الإخوان وأحرق مكتب الإرشاد في المقطم.

أصل الداء
بالطبع هي ليست سنة كونية ولا تقليداً أو شعيرة دينية، بل هي سنة ديكتاتورية خالصة تقضي بأن يستبعد من يصل لكرسي الحكم في مصر كل من ليسوا علي شاكلته الفكرية، وكل من لا ينتمي لجماعته القابضة علي السلطة.
والقابع علي كرسي الحكم يعتبر ويعتقد أن له حقاً أصيلاً في استبعاد هؤلاء من كافة خطوط السلطة والمسئولية، وتلك بالطبع من كوارث السياسة في مصر قديماً وحديثاً، بدءاً من محو الفرعون الذي اعتلي الحكم كل آثار الفرعون السابق له واضطهاد أتباعه وحتي قيام الإخوان بعملية الأخونة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
وفي دولة ما بعد 1952 اعتمد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علي أهل الثقة، خصوصاً رجال الاتحاد الاشتراكي، واستبعد، بل واضطهد كل المعارضين من الإخوان والشيوعيين، وقبلهم قيادات حزب الوفد الذي التفت حوله الأمة المصرية منذ ثورة 1919.
وفي الحقبة الساداتية، سادت آلية الاستبعاد والتهميش بتصرف بسيط، فبذكاء شديد أفسح السادات ساحة لظهور ما يسمي بالمنابر، ثم الأحزاب، لكنه لم يستطع الصبر علي المعارضة طويلاً، فسرعان ما أعلن الوفد عن تجميد نشاطه وانفجر غضب السادات في اعتقالات سبتمبر الشهيرة.
وتستمر لعبة الإقصاء في صورها المختلفة وتأتي أكثر تنظيماً و«هندسة» أيام الرئيس السابق حسني مبارك، وكانت القشة التي قصمت ظهر الحزب الوطني بعد عقود من السيطرة، هي محاولته السيطرة الكاملة، وارتكاب جريمة الإقصاء التام، مما كان سبباً مباشراً في اندلاع ثورة 25 يناير.. وحرقت مقرات الوطني بيد الأغلبية الحقيقية التي استبعدها أحمد عز وحزبه، وسقط «الوطني» وذهب «عز» و«مبارك» إلي سجن طره.
إذن.. ماذا نفعل؟.. هل هناك ضوابط قانونية أو دستورية تمنع ذلك التكويش؟.. وما روشتة العلاج من داء اختطاف الدولة؟

الشعب هو الرادع
يقول المفكر الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: إن الاستئثار جزء من إغواء وإغراء السلطة، والرادع الأساسي له هو الشعب، وعندما أسقط الشعب الإخوان عندما استأثروا بالسلطة، سطر درساً في الردع الشعبي، يظل مرجعية لكل حاكم يحاول تكرار ذلك.
فما حدث في 30 يونية هو درس يجب أن يترك أثره الكبير علي الحياة السياسية فالشعب المصري بلغ رشده السياسي، وأصبح غير قابل للإخضاع والخداع، وبه الآن أجيال جديدة، قدرتها تفوق قدرة أي حاكم علي الغش والتدليس ولا يمكن لأي حاكم أن يهمشها كما كان في السابق، وتلك هي الكفالة الوحيدة الضامنة لعدم تكرار استئثار مبارك وحزبه، أو استئثار الإخوان أو أي فصيل سيصعد إلي مصاف الحكم بالسلطات والتصرف كما يشاء.
ويقول الدكتور مصطفي علوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد: إن هناك مستويين للحديث عن الاستئثار، الأول هو الاستئثار بالمناصب السياسية، والثاني الوظائف والمستويات الإدارية المختلفة.. وإذا كانت أدبيات السياسة تسمح بأن يكون الوزراء ورجال الحكومة والمحافظون علي نفس شاكلة الحزب الحاكم أو حتي من داخل رجال هذا الحزب، فربما يفهم ذلك وله أحياناً مبرراته علي هذه القاعدة والعبرة بالأصلح والأكفأ.
ولكن ما يجب ملاحظته أن تغيير الحكومات أو الوزراء لا يعني صبغة كل الوظائف والإداريين بصبغة الحكومة الجديدة، أو إحلال الفصيل الحاكم رجاله محل الموظفين الموجودين بالفعل، وإلا نصبح أمام مسرحية هزلية ونغير موظفين وإداريين كل عدة أشهر.
ويضيف «علوي» أن الجهاز الإداري ليس له هوي أو توجه سياسي أو حزبي وإنما يقوم علي موظفين ذوي كفاءة وخبرة، ولا يجب أن تتلون المؤسسات بلون الحزب الحاكم.. في بريطانيا مثلاً يتناوب حزبا العمال والمحافظين الحكم ولا يتغير سوي الوزراء وربما بعضهم فقط، وبالمثل في الولايات المتحدة التي يتناوب عليها الديمقراطيون والجمهوريون.
وكم مرة رأينا الحزب الحاكم يختار وزراء

انتماؤهم للحزب المنافس، ويبقي علي مناصب عليا وإن اختلفوا معه فكرياً.
وعلي سبيل المثال وزير الدفاع الأمريكي حالياً ليس ديمقراطياً، بل من الحزب الجمهوري، فالأمريكان ديمقراطيتهم تجعل المعيار للكفاءة والخبرة، وهو أمر يحسن صورة الحاكم بين الجماهير، لذلك - والكلام لعلوي - يجب أن يكون هناك مبدأ حاكم لحياتنا السياسية والديمقراطية ولا يجب أن نغير حتي في مستشاري الوزراء ونحل مكانهم إناساً لا كفاءة لهم بدعوي الثقة والانتماء.
ويضيف «علوي» أن العمل في الدولة في المستويات الإدارية الدنيا، وصغار الموظفين يمثلون أهمية بالنسبة للمواطن وربما عملهم أهم من عمل الوزراء ورئيس الوزراء، إذ إن المواطن يتعامل مع الموظفين والإداريين وجهاً لوجه، ولا يتعامل مع الوزراء أو رئيس الوزراء في الشأن اليومي، إذن مطلوب الاستقرار والخبرة والحكمة والكفاءة ولكن ليس معيار الثقة والانتماء.
وأخطر ما حدث في الماضي القريب أن خطاب الرئيس السابق محمد مرسي قبل الأخير أعطي للوزراء والمحافظين حق إقالة من يرونه من الموظفين لا يلبي مصالح الجماهير وهو باب واسع كان يمكن أن يضع سيفاً في يد الوزراء والمحافظين للإطاحة بأي موظف لا ينتمي سياسياً للإخوان، بدعوي عدم عرقلته لمصالح الجماهير، المهم أن النظام سقط ولا يجب أن يسقط أي نظام قادم في فخ التغيير والتبديل بناء علي الانتماءات الحزبية والفكرية وإلا أصبحنا فريسة للأهواء.
أما عن الضوابط الكفيلة بمنع ذلك فقال علوي: إن الضوابط موجودة في القانون وهي الخاصة بتعيين أو نقل أي موظف عمومي والقضاء الإداري هو الحكم والفيصل، لكن يجب أن تنفذ أحكام القضاء لا أن يضرب بها عرض الحائط، ولو وضعت مادة واحدة في الدستور تقول إن تغيير الوزير أو المحافظ لا يجب أن يتبعه تغيير الجهاز الإداري للدولة حتي يمكن أن نصل لمرحلة استقرار.

مبدأ المواطنة
أما القيادي بجبهة الإنقاذ جورج إسحاق، فأكد أن القضاء علي التهميش والاستئثار يتطلب منا أن نرفع مبدأ المواطنة، والمواطنة فقط التي تعني أن من يشغل منصباً أو عملاً يجب أن يكون مصرياً كفئاً ذا خبرة وقادراً علي العطاء، ويجب أن نجاوز مرحلة التغيير والتبديل والتنصيب والتوظيف علي أساس اعتبارات حزبية وانتماءات دينية أو مذهبية والانتماء الوحيد الذي يجب تحكيمه هو الوطنية والمصرية.
ويضيف إسحاق: صحيح أن المناصب السياسية العليا كالوزارات يمكن أن يشكلها الفصيل الحاكم صاحب الأغلبية بحسب رؤيته للأصلح، والأكفأ، غير أنه إذا كان هذا الفصيل أكثر ذكاء وحنكة لا يجب أن يحرم نفسه من تطعيم حكومته بالعناصر الأكفأ حتي من خارج حزبه وانتمائه السياسي بصفة خاصة، إذا كانت ستحقق له النجاح وتحل مشكلات قائمة بالفعل.
أما القطاعات الإدارية والوظيفية الأخري، فلا يجب أن يحتكرها الحزب الحاكم ويحتكر كل شاردة وواردة، فهو وضع غير صحي أضر بمصر كثيراً، ومن التفكير الجيد والصحي أن ينص تشريعياً علي منع ذلك.