رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

إذا أردت أن تحسد إسرائيل – والحسد هنا جائز وليس مكروهًا – فلك أن تحسدها على أنها لا تكل ولا تمل من أجل تحقيق أهدافها. تضع الهدف وبتؤدة وأناة ولف ودوران وشد وجذب تسعى لأن يجد هذا الهدف طريقه إلى أرض الواقع. من بين هذه الأهداف التطبيع مع السعودية، وهو الأمر الذى لو تم فسيعتبر حدثا جللا نظرا للمكانة الكبيرة التى تحتلها السعودية فى العالم الإسلامى باعتبارها أرض الحرمين. وقد نشر موقع «بى بى سي» مؤخرا تقريرا نقلا عن صحيفة فايننشيال تايمز يكشف جانبا من هذه المساعى والتى تتحمس لها الإدارة الأمريكية حماس الأم لزواج ابنها من فتاة جميلة فى عمر الزهور! وهو ما يبدو فى جهود مختلفة آخرها ما يكشف عنه الخبر الذى يشير إلى أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أرسل أحد أقرب مستشاريه إلى العاصمة السعودية الأسبوع الماضى لمناقشة الموضوع.

رغم أن السعودية تعتبر فى منظور البعض من دول الاعتدال العربى، ذلك المصطلح الذى يعتبر من مخلفات حقبة السبعينيات، إلا أن لها من القضية الفلسطينية موقفا يثير حفيظة الإسرائليين ويبدو بالنسبة لهم صلبا ومتشددا. من ملامح هذا الموقف وأهمها ونتمنى لو أنها واصلت الإصرار عليه ونجحت فى فرضه أن تقدم إسرائيل تعهدا بعدم ضم الضفة الغربية التى يسعى الفلسطينيون لأن تكون قلب دولتهم المستقلة، إلى جانب وقف التوسع الاستيطانى فى الأراضى المحتلة. ويأتى هذا الموقف فى إطار الرؤية السعودية العامة والمعلنة منذ أكثر من عشرين عاما والمتمثلة فى المبادرة التى طرحها الملك عبد الله عام 2002 وتتضمن اعترافا اسرائيليا بوجود إسرائيل مقابل السماح بقيام دولة فلسطينية، وهو الموقف الذى ما زال يعكس ويمثل السياسة السعودية الرسمية حتى الآن.

هذا على المستوى القومى العربى أما على المستوى الخاص فحسب ما نقله تقرير بى بى سى تسعى السعودية للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة بما فى ذلك ضمانات أمنية ودعم لبرنامج نووى مدنى والحصول على أسلحة مقابل التطبيع مع إسرائيل. 

وفى إطار عمليات إطلاق بالونات الاختبار السياسية ومحاولة طرح الموضوع على مائدة الأخبار وكأنه موضوع لا يمضى يوم إلا ويكون موضع نقاش فى الخارجية الإسرائيلية تروج إسرائيل من خلال مسئوليها لمواقف تشوش الرؤية بشأن طبيعة رد فعل تل أبيب كجزء من عملية تفاوض غير رسمية فتخرج علينا من توصف بوزيرة المهمات الوطنية لتؤكد أن الحكومة الإسرائيلية لن تقدم أى تنازلات فى الضفة وأن نتنياهو لن يبيع أرض إسرائيل، متناسية أن تلك الأرض ليست سوى أرض مغتصبة من أصحابها الأصليين وهم الفلسطينيون. 

شئت أم أبيت، فرحت أم حزنت، فإن الواقع يقرر أن إسرائيل، لم تترك دولة عربية أو حتى إسلامية إلا واخترقتها، ليس عن قدرة صهيونية خارقة، وإنما انعكاس لواقع عربى إسلامى مخز، باستثناء السعودية التى تعتبر فى المنظور الإسرائيلى الجائزة الكبرى، أما بالنسبة للممانعة من قبل إيران فهذا له ملابسات أخرى.

من منظور العاطفة ومن منظور الحق العربى العام، وفى حدود ما هو معلن، فإن الموقف السعودى هو الموقف العملى الذى كان وينبغى أن تتبناه بقية الدول العربية، ونحن فى ذلك لا نطمع ولا نأمل فى الكثير.. حقوق اغتصبت لشعب عربى هو الشعب الفلسطينى نصر ونسعى لأن نستعيد جانبا منها وليس كلها إقرارًا بتغير الظروف والأحوال. ولأن المواقف السياسية بين أيدى القائمين على شئونها، كما القلوب بين أيدى الرحمن يقلبها كيف يشاء، فإننا ندعو الله ليل نهار أن تظل تلك المواقف على ما هى عليه دون أن تتبدل أو تتغير . اللهم آمين!

 

[email protected]