رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

فى العام الماضى، أعلن نجم الاسكواش المصرى العالمى محمد الشوربجى عن تمثيل إنجلترا فى البطولات الدولية، واستغنائه عن تمثيل مصر، فى واحدة من أكثر الصدمات التى تلقتها الرياضة المصرية، خاصة أن لعبة الاسكواش تخضع لسيطرة الفراعنة منذ سنوات طويلة، وتحديدًا منذ صعود اللاعب الشهير أحمد برادة لمنصات التتويج فى البطولات الكبرى، منذ ما يقرب من عشرين عامًا.

عقب صدمة تجنيس محمد الشوربجى وتحديدًا يوم 7 يونيو عام 2022 علق رئيس الاتحاد المصرى للاسكواش عاصم خليفة على احتمالات تكرار مروان (شقيق محمد الشوربجي) تجربة شقيقه بتمثيل إنجلترا قائلًا: مروان الشوربجى «حاجة تانية».. شخصية مختلفة تمامًا عن شقيقه.. وقال لى «يا أونكل أنا غير محمد»!

وتمر الأيام، ويمر عام وحيد، ويتضح أن مروان هو محمد ولكن قيادات اتحاد الاسكواش لا يعلمون! وواضح أن المشكلة ليست مادية فقط، فلاعبو الإسكواش يتمتعون بإمكانيات مادية لأنهم ينتمون لعائلات لديها القدرة على تحمل تكاليف اللعبة، كما أنهم يحصلون على مكافآت فوز كبيرة فى البطولات، ولكن يبدو أن هناك سببًا آخر وراء تجنيس آل شوربجى، وقد يكون سببًا له علاقة بمنح تعليمية أو وعود بمستقبل أفضل عمليًا واقتصاديًا.. وهى الأسباب التى يجب أن نبحث عن مصدرها حتى نتعرف على الظروف التى تجعل لاعبين كبارًا وأبطالًا- يحصلون على مكافآت كبيرة مقابل فوزهم بالبطولات تحت العلم المصري– يقدمون على التجنس والانتماء لدولة أخرى.

هذه هى بداية السعى لحل المشكلة قبل أن تتفاقم فى دائرة لعبة مهمة مثل الاسكواش نسيطر على بطولاتها وألقابها فى مواجهة دول كبرى.

ولكن هل قيادات اتحاد الإسكواش فقط هم المغيبون والبعيدون عن الواقع؟ الحقيقة المؤلمة أن معظم قيادات الاتحادات الرياضية فى مصر لا يريدون العمل بجدية فى ملف تجنيس أصحاب مقومات البطولة من اللاعبين المصريين لصالح دول أخرى.

منذ عدة أشهر، اختفى أحمد فؤاد بغدودة، لاعب المنتخب الوطنى للمصارعة، عقب ساعات من تتويجه بالميدالية الفضية والمركز الثانى بالبطولة الأفريقية المقامة بتونس.

فؤاد بَغدودة، والد اللاعب، خرج فى مداخلة تليفونية مع الإعلامية لميس الحديدى، وقال كلامًا خطيرًا يستوجب محاسبة اتحاد المصارعة.

قال والد اللاعب: «مَنعرفش أى حد فى فرنسا عشان يسافر لهم ابنى هناك، أنا راجل فقير على قدى شغال على توك توك لا أعرف حد فى فرنسا ولا فى حتة تانية.. أنا كنت بحاول أحافظ على كرامة ابنى فى وسط اللعيبة، وابنى كان بيشحت الجزمة بتاعته من زمايله عشان يلعب بيها المباريات، ورغم كده اتحاد المصارعة بيقول إنه بيصرف وبيعمل كل حاجة للاعبين».

منذ سبع سنوات تقريبًا، حاولت التنبيه إلى مخاطر إهمال لاعبينا الأولمبيين، وتركهم فريسة الإغراءات التى يتم تقديمها لهم لتمثيل دول أخرى أوليمبيًا، مقابل الاهتمام بهم تدريبيًا وماليًا ومعيشيًا.

كتبت -هنا- يوم 24 أغسطس 2016 عن خطورة ملف هروب الرياضيين المصريين واتجاههم للتجنيس مقابل المال. وتساءلت فى المقال: هل تابعت البطل المصرى محمد إيهاب صاحب برونزية الأوليمبياد فى رفع الأثقال وهو يتحدث عن معاناته من أجل التدريب والإنفاق على الطعام الخاص والمكملات الغذائية والسفر للاحتكاك بأبطال العالم؟ هل سمعت حديثه عن خصم جزء كبير من مكافآته التى حصل عليها مقابل إنجازاته البطولية فى المحافل الدولية؟ هل رأيت دموعه عندما سمع صوت أمه تتحدث إليه فتحول صوته إلى «نحيب» مُعبر عن حجم تضحيات أم مصرية بسيطة لم تطلب سوى شقة لابنها حتى يتزوج؟

الحوارات التى أجراها البطل الأوليمبى محمد إيهاب لم تكن الأولى التى يتحدث فيها عن أزمات الرياضيين مع القوانين واللوائح التى تنظم علاقات الأبطال بالاتحادات الرياضية، ولكنه كان كاشفًا بالصوت والصورة لما سبق أن قاله البطل الأوليمبى لصحيفة «الوطن» عقب عودته مباشرة من أوليمبياد «ريو دى جانيرو» وعبر خلاله عن أزمة تواجه الأبطال المميزين مع الخصومات والضرائب والرسوم المفروضة على الميداليات والجوائز التى حصلوا عليها بـ«ذراعهم» ودفعوا ثمنها جهدًا وعرقًا وألمًا!

سمعت محمد إيهاب يقول كلامًا موجعًا: «هناك خصومات على الفوز، وليس الضريبة فقط، رغم أننا لم نحصل حتى الآن على مكافآت الفوز، التى تقدر بـــ500 ألف جنيه للبرونزية، وكانت لـى تجربة سابقة مع هذه المعاناة، عندما أحرزت بطولة العالم فى 2014، وتوجت بـثلاث ميداليات «فضية وبرونزيتين»، وخصموا 25% من مستحقاتى عن الميداليتين البرونزيتين، و10% ضريبة عن كل ميدالية حققتها. أتمنى تعديل اللوائح بشأن الخصومات والضرائب على اللاعبين، الذين يعانون الأمرين من أجل تحقيق ميدالية.. إحنا زى شباب مصر كلهم، بنعانى، مكافأة الميدالية دى يا دوب أجيب بيها شقة. لكن أصعب الكلمات وقعًا على الأسماع ما قاله حول محاولته الحصول على جنسية دولة قطر ليلعب باسمها حتى يتمكن من تجاوز أزمات تكاليف التدريب والتجهيز! وبالفعل بدأ خطواته العملية للحصول على الجنسية مثلما فعل نجل المدرب المصرى إبراهيم حسونة الذى لعب باسم قطر فى أوليمبياد البرازيل مع أربعة لاعبين آخرين فى لعبات فردية وجماعية!

المأساة متكررة.. ولم تعد الأسباب مادية فقط.. وخسارة أبطالنا أصبحت أسبابها مختلفة.. والاتحادات لا تبذل جهدًا كافيًا لمعرفة الأسباب، لمنعهم من التجنيس.