رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبض الكلمات

«لمن الملك اليوم. لله الواحد القهار»..  بالرغم من الثمانية عشر عاماً التى قضاها عبدالناصر فى سدة الحكم منذ 1952 إلى 1970، وهى أكثر فترة تمتعت فيها مصر باستقلالها السياسى فى القرن العشرين بعد أن نجح فى إسقاط الملكية، إلا أن أمنها القومى تعرض لاستباحة مع احتلال إسرائيل لسيناء فى 67. لعدة أسباب قاتلة؛ منها غياب الأحزاب وسيطرة الفكر الواحد والرأى الواحد فى مواجهة ظروف دولية شديدة الخطورة.

ووفقاً لشهادات من عاصروا عهد «ناصر»  فإن أزمة مارس 1954 كانت تهدف لتحقيق النظام الديمقراطى بمؤسساته الانتخابية مع سعى لبناء مصر، ولكن ذلك لم يتحقق بسبب الصدام المبكر بين نجيب وعبدالناصر، وانتهت أوضاع الحكم غير الديمقراطى إلى ترسيخ سلطة الفرد الواحد التى ورثها السادات ثم الرئيس مبارك، والتى أسفرت عن تبدد كل منجزات الفترة الناصرية فى عهدى «السادات» و«مبارك» اللذين عارضاه وخالفاه فى كل سياساته الوطنية والاجتماعية، فلم يوافقاه إلا فى نظام الحكم الفردى الاستبدادى، واستخدما سلطات النظام الفردى القائم على فكرة الحزب الواحد الذى انتهى إلى الحزب الوطنى قبل ثورة يناير، وأيضاً فى تقويض كل إنجازات مصر فى العهد الناصرى وفى عهد ثورة 1919 الثورة الأم، التى بالرغم من أنها هزت عرش الاحتلال البريطانى وعلمت العالم كيف يكون للأمة كرامة، إلا أنها انتهت باستخفافه باعتبارها حركة من الحركات الوطنية المصرية وليست ثورة. 

بلا شك ارتبط المشروع الناصرى بالقومية العربية التى برزت فى أعقاب العدوان الثلاثى على مصر، كنتيجة لعدة عوامل داخلية وخارجية كان من بينها تأميم قناة السويس، إضافة إلى ذلك التحول الكبير فى مجال السياسة الخارجية المصرية والمشاركة فى تأسيس حركة عدم الانحياز، ودعم مصر للعديد من حركات التحرر الوطنى سواء بالبلدان العربية أو الإفريقية الذى وصف بحبيب الملايين.. ارتبط المشروع الناصرى بالاستقلال الوطنى وجلاء الإنجليز باعتبار أن القصر والملك حجر عثرة فى تحقيق ذلك.. للأسف كانت تطلعاته كزعيم عربى أكثر منه مصريا رغم انحيازه البسيط لطبقة الفقراء، لا يوجد بيت عربى ليس به صورة ناصر، تلك حقيقة لا يمكن إنكارها، حتى جاءت هزيمة 67 ليست فقط لضعف التسليح، أو عدم كفاءة إدارة الجيش حينذاك، بل توجد أبعاد أخرى تتعلق بالسلطوية السياسية و»غطرسة» النخبة، هذا حال مصر، وغياب المؤسسات وتضارب المصالح، والصراع المستمر بين أعضاء مجلس قيادة الثورة.. إلى جانب مركزية وعشوائية القرار السياسى، ثم جاءت حرب أكتوبر 73، لتمنح «السادات» شعبية، وبذكاء الثعالب مكنته من تمرير العديد من القرارات الاقتصادية، ومن ثم تبنى سياسة الانفتاح تحت دعوى إصلاح «العطب» الذى أصاب النظام الاقتصادى بعد حطام الحرب.. وفتح الباب للأحزاب لتتنفس كديكور جديد من أشكال الديمقراطية... سياسات عرفت بسياسة الباب المفتوح، وأفسح المجال لصعود طبقة جديدة فى المجتمع السياسى، لم تكن لها وجود من قبل، تلك الطبقة التى عرفت باسم الطبقة «الطفيلية» من أصحاب روؤس الأموال التى أنجبت «السياسى اللقيط»، وهو فى الأصل بعيد كل البعد عن السياسة، لكنها السطوة والنفوذ التى أصبحت مرتعا لأهل الثراء، للحق هناك القلة، لكن السيئة دائما تعم، أو تقريبا اللعبة «إحلوت»، بل وأصبحت سمة حياة «للنكبة» السياسية.. ومن هنا ظهر صعود طبقة رؤوس الأموال التى أفسدت السياسة، ومن خلال زواج المال والسلطة الذى ملأ أسماعنا منذ زمن، والذين مازالوا يعبثون ويعبثون مقابل المزيد والمزيد من التهميش للفئات الأكثر فقرا، فزدنا فقرا، وانهارت الطبقة المتوسطة.. ازدادت الأزمات بالرغم من دخول أموال بطريقة أو بأخرى. 

فإذا أردت إفساد مجتمع فما عليك إلا فتح الباب على مصراعيه لمزيد من الزواج غير الشرعى بين السلطة والمال؛ ليكون رجل سياسة سواء كان عضوا فى البرلمان أو وزيرا، ليشارك بذلك رجل الأعمال فى صنع القرارات المصيرية والتى غالبا ما تصب فى مصلحته الشخصية، والمزيد من الثراء الفاحش مقابل تراجع صعود ملحوظ للشخصيات الوطنية التى تأثر لها الشارع ولها خلفية شعبية.. والخطورة تكمن فى تحويل التاجر إلى سيد قراره، سقطة كل عهود مصر السابقة متمثلة فى النخبة، والحقيقة الكارثية أننا نبدع فى فن صناعة الفرعون أكثر من الفراعين نفسها.. وتمجيد الملك أكثر من الملكية نفسها. 

وبعد قيام أعظم ثورتين 25 يناير و 30 يونيو علينا أن نستوعب الدرس، وعلى ثقة بحكمة وذكاء النظام المصري  الحالى الذى مازال يحتفل بسحق جذور الإخوان وأعوان الشيطان فى منطقة الشرق الأوسط.

«هذه قراءة بسيطة لأهم سطور «ناصر»... الحقيقة لم أعش عهده، لكن شهود عيان على عصره ملأوا أسماعنا صخبا، ورأيت أيضا حب العرب، فقد عشت فى الكويت فترة الدراسة كلها ماعدا الجامعة، لاحظت حبا شديدا له أكثر من مصر نفسها.

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية

[email protected]