رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احتياطي مصر من القمح آمن

رغيف العيش تحت رحمة روسيا

احتياطى القمح
احتياطى القمح

مخاوف من تأثير الانسحاب من اتفاقية الحبوب على إمدادات القمح

 

عقب إعلان روسيا عدم تجديد اتفاقية الحبوب الأسبوع الماضى قامت الدنيا ولم تقعد.. فقد أصبحت هى المتحكم فى اقماح العالم.

ولمن لا يعلم فإن اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود هى وثيقة تم التوقيع عليها فى 22 يوليو 2022 فى إسطنبول «بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة فى الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود لمعالجة نقص الغذاء العالمى، شريطة إتاحة وصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى السوق.

وذلك بعد أن أعربت الكثير من دول العالم عن مخاوفها من حدوث مجاعة بسبب نقص الاقماح وارتفاع أسعار الغذاء عالميًا.

وتعد كييف «عاصمة أوكرانيا» واحدة من أكبر موردى الحبوب على مستوى العالم، حيث يعتمد 400 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم وفقًا لأرقام برنامج الغذاء العالمى.

وتعد أوكرانيا خامس أكبر مصدر للقمح على مستوى العالم، حيث كانت تمثل 10% من الصادرات كما أنها من بين أكبر 3 دول مصدرة للشعير والذرة وزيت عباد الشمس، حيث إنها تصدر ٤٦% من استهلاك العالم وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.

وحتى الآن سمحت اتفاقية الحبوب بتصدير ما يقرب من 33 مليون طن من المواد الغذائية عبر الموانئ الأوكرانية، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. كان نصيب الدول مرتفعة الدخل 43.65% من صادرات تلك الحبوب، بينما كان نصيب الدول متوسطة الدخل 36.7% التى تضم الصين أكبر مستفيد من الاتفاقية– حصلت الصين على نحو 8 ملايين طن من الحبوب الأوكرانية التى تم تصديرها عبر الاتفاقية– بينما كان نصيب الدول فى الشريحة المنخفضة 17.15%، فيما حصلت الدول الفقيرة على 2.5% فقط من تلك الحبوب.

خالد حنفى: انسحاب روسيا انتكاسة عالمية كبرى ومصر لديها احتياطى آمن من القمح 

 

وجاءت مصر كأكبر مستفيد من الاتفاقية، إذ حصلت على ما يزيد على 1.55 مليون طن من الحبوب الأوكرانية منذ سبتمبر الماضى، فيما استوردت تونس ما يزيد على 713 ألف طن من الحبوب الأوكرانية. بينما كانت ليبيا ثالث أكبر مستفيد بواقع 558 ألف طن، تليها اليمن بواقع 260 ألف طن من خلال برنامج المساعدات الخاص بالأمم المتحدة، بينما استورد العراق 146 ألف طن عبر الاتفاقية، والجزائر 212 ألف طن، والمغرب 111 ألف طن، ولبنان 98 ألف طن، وعمان 86 ألف طن، والسودان 95 ألف طن، والسعودية 246 ألف طن، والإمارات 65 ألف طن.

سألت الدكتور خالد حنفى أمين عام اتحاد الغرف العربية عن تأثير انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب على إمدادات الحبوب قال فى حديث خاص «لـ«الوفد»» إن هذا الانسحاب شكل انتكاسة عالمية كبرى، حيث منذ انتهاء اتفاقية الحبوب فى 17 يوليو الجارى. شنت روسيا سلسلة من الغارات على موانئ أوكرانية، ما أدى إلى إفساد حوالى 60 ألف طن من الحبوب، الأمر الذى أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الحبوب العالمية، إذ وفقًا لمركز التنسيق الأممى المشترك، ذهبت 57% من الصادرات الغذائية الأوكرانية على مدار العام الماضى إلى دول نامية، فيما ذهبت 43% من تلك الصادرات إلى دول متقدمة.

وتشكل هذه الاتفاقية منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا أهمية بالغة لا بد من العودة إليها فى اقرب فرصة ممكنة، حيث بموجب هذه الاتفاقية، جرى شحن نحو 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية، كما تراجعت أسعار الغذاء العالمية بنحو 20 % نتيجة لذلك، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وكان لانتهاء اتفاقية الحبوب أثر كبير على أسواق الغذاء العالمية؛ حيث سجلت أسعار القمح ارتفاعًا حادًا فى أسواق الجملة الأوروبية والأمريكية على السواء. وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 50 مليون شخص فى كل من الصومال وكينيا وإثيوبيا وجنوب السودان هم الآن فى حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية بعد سنوات من الجفاف.

سألته وما الذى يجب على الدولة المصرية القيام به خاصة أنها أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم أجاب «حنفى» بوجه عام من السابق لأوانه أن نحكم على هذا الأمر، لأن أى إضطرابات تحدث فى سلاسل الامداد بشكل سلبى يكون لها أثر على الأسعار وحدث زيادة فى أسعار القمح فى البورصات العالمية بنسبة 2.7 %. فى الموازاة فإن الكثير من الدول عقدت اتفاقيات لاستيراد القمح بعيدًا عن روسيا وأوكرانيا تحسبًا لخروج روسيا من اتفاق تجميد الحبوب. بينما بالنسبة إلى مصر ومنذ جائحة كورونا استوعبت المتغيرات العالمية التى أدت لاضطراب سلاسل الإمداد وحتى الحرب الروسية الأوكرانية وعملت على زيادة المخزون الاستراتيجى من السلع وزيادة السعات الاستيعابية، حيث لدى مصر حاليًا احتياطات أمنة من عدد من السلع الاستراتيجية على رأسها القمح إذ لدى مصر احتياطى يغطى مدة ٦ أشهر.

د أحمد أبو اليزيد: بدائل الاتفاقية متاحة ولكن التكلفة ستكون عالية للغاية

أضف إلى ذلك كله فإن مصر وضعت خطة الاستصلاح فى الأراضى، لكن الحصول على نتائج ملموسة منه ستحتاج وقتًا لأن الزراعة تحتاج لآليات كثيرة ومصر كانت تستعد لتأمين نفسها عندما لاح ظهور أزمة فى الحبوب جميعها، مما يجعلنا دائمًا منذ بداية الحرب لدينا الاستعداد الدائم فى هذه الأزمات لتوفير احتياجاتنا من خلال تحديد 2 مليون فدان فى الدلتا الجديدة. وبالتالى فى ظل هذا الوضع وفى ظل تنويع مصر سلاسل الإمداد، فإنه من المقدّر أن يكون لانسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب تأثير محدود على مصر التى لديها احتياطات أمنة وسعات تخزينية كبيرة لاستيعاب تلك الاحتياطات.

وعن تأثير الانسحاب على أسعار المواد الغذائية وتكلفة النقل قال أمين عام اتحاد الغرف العربية منذ تنفيذ اتفاقية الحبوب سمحت مبادرة الحبوب بتصدير ما يقرب من 33 مليون طن مترى من المواد الغذائية من أوكرانيا، من خلال عبور نحو 1600 سفينة عبر البحر الأسود، كما شحن برنامج الأغذية العالمى نحو 725 ألف طن لدعم العمليات الإنسانية فى بعض المناطق الأكثر تضرراً فى العالم، بما فى ذلك أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن، ومن ثم أسهمت الاتفاقية وممرات التضامن الأوروبية الداعمة للصادرات الأوكرانية، فى خفض أسعار المواد الغذائية بنحو 20%؛ حيث وصلت أسعار القمح إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو 2021.

وبالتالى أمام هذا الواقع سيتسبَّب القرار الروسى فى توقف شركات الشحن العالمية عن نقل الحبوب الأوكرانية من موانئها الحيوية على البحر الأسود إذا لم تحصل على موافقة روسية؛ ما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة تأمين السفن الأوكرانية، فى ظل ارتفاع المخاطر التى تواجهها مع وجود السفن الحربية الروسية فى البحر الأسود والألغام البحرية العائمة. وينعكس ارتفاع تكلفة الشحن على ارتفاع أسعار الحبوب، وقد انخفضت الصادرات الغذائية الإجمالية بموجب الاتفاقية بنحو ثلاثة أرباع فى مايو 2023 مقارنةً بمعدلات أكتوبر 2022. ويُعزَى ذلك إلى تجنُّب شركات الشحن لخطر إرسال سفن عبر طرق محفوفة بالمخاطر؛ ما يؤدى إلى نقص الإمدادات من الحبوب الغذائية، واستمرار ارتفاع أسعارها.

كما يسهم توقف صادرات الحبوب فى اضطراب الإمدادات العالمية من الحبوب والمنتجات الغذائية، ومن ثم أسهم فى رفع أسعارها عالمياً، وارتفاع أسعار المواد والمنتجات الغذائية، ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم، خاصةً فى الدول التى تعتمد على الواردات الغذائية من أوكرانيا. وقد ارتفعت أسعار القمح والذرة فى أسواق السلع العالمية بعد القرار الروسى بإيقاف الاتفاقية روسيا، وارتفعت العقود الأجلة للقمح بنسبة 3٪ لتصل إلى 6.80 دولار للبوشل، كما ارتفعت العقود الأجلة للذرة بنسبة 0.94% لتصل إلى 5.11 دولار للبوشل؛ حيث يخشى التجار من أزمة وشيكة فى المعروض من المواد الغذائية الأساسية.

كما أسهمت مبادرة حبوب البحر الأسود فى التخفيف من حدة أزمة الأمن الغذائى العالمي؛ حيث نجحت فى منع 100 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم من الوقوع فى فقر مدقع، ومن ثم فإن توقفها سيحول دون تصدير الحبوب والأسمدة الأوكرانية التى تشتد الحاجة إليها لمعالجة أزمة الغذاء العالمية؛ ما يتسبب فى نقص حاد فى الإمدادات الغذائية فى الأسواق العالمية، ويزيد من الفجوة الغذائية عالمياً؛ ما قد ينذر بأزمة غذاء عالمية، خاصةً فى الدول الأفريقية، ويزيد من حدة أزمة الجوع وانعدام الأمن الغذائى التى طالت نحو 258 مليون شخص فى 58 دولة حول العالم، بالإضافة إلى إمكانية معاناة نحو 47 مليون شخص من أزمة انعدام الأمن الغذائى الحاد بحسب تصريحات منظمة الأغذية والزراعة «الفاو». وبحسب التقرير السنوى للأمم المتحدة عن حالة الأمن الغذائى والتغذية فى العالم، فإن ما يقرب من 725 مليون شخص واجهوا الجوع المزمن فى عام 2022، مقارنةً بنحو 613 مليون فى عام 2019، ويُتوقَّع أن يعانى ما يقرب من 600 مليون شخص من نقص التغذية المزمن فى عام 2030.

الدكتور أحمد أبو اليزيد أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس ورئيس الهيئة الاستشارية العليا للأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أكد أن القمة المنعقدة بالأمم المتحدة وتتعلق بنظم الأغذية فى روما لمناقشة بدائل اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، تعد مهمة بسبب الأزمة الكبيرة فى النزاع بين روسيا وأوكرانيا، حيث قامت الاتفاقية بسيولة الحبوب على مستوى العالم، لأن روسيا وأوكرانيا يمثلان 20% من الإنتاج العالمى من الحبوب للدول، كما خفضت هذه الاتفاقية 23% من سعر الغذاء بعدما ارتفع عالميًا وقت الأزمة، كما وفرت هذه الاتفاقية 33 مليون طن من الحبوب، فعندما حدث إيقاف للاتفاقية فإن البدائل ستكون صعبة لأن روسيا تعانى من ضغوط من الغرب فى شكل عقوبات مفروضة.

وأضاف «أبو اليزيد» فى تصريحات أن إيقاف اتفاقية الحبوب الأوكرانية بعد قرار روسيا الانسحاب منها، يضع العالم أمام بدائل صعبة، حيث إن الحلول البديلة من الممكن أن تؤمن استمرار خروج الحبوب للعالم، لكن التكلفة ستكون عالية جدًا، وإن لم تطبق هذه البدائل لن يكون أمام العالم سوى الضغط على روسيا لتنفيذ هذه الاتفاقية، لافتًا إلى هذه أن البدائل لهذه الاتفاقية يجب تنازلات بين الطرفين سواء الجانب الروسى أو الأوكرانى الذى ينضم معه الجانب الأوروبى، حيث نجد روسيا تضغط لتخفيض الضغوط الواقعة عليها ورفع العقوبات الخاصة بتصدير المنتجات الزراعية والأسمدة، وأوكرانيا فى نفس الوقت تطمح فى كسب جزء من هذه المفاوضات، لكن ما يفاقم هذه الأزمة أنه عقب وقف هذه الاتفاقية الخاصة بالحبوب بدأت روسيا تهدد إذا حدث أى تصرف خاص بالحبوب الموجوده فى أوكرانيا يمكن أن تضرب الموانئ مما سيؤدى لأزمة كبيرة.

وأشار «أبو اليزيد» إلى البدائل وهى تحمل سعر الغذاء الذى سيصل لمستويات عالية، حيث إن 23% التى انخفضت من سعر الغذاء ستعود مرة أخرى بشكل متفاقم وبالأخص الحبوب مثل القمح والذرة، والتى لها علاقة بالإنتاج الحيوانى وأزمة أعلاف وثروة داجنة ومنتجات ذات صلة بالحبوب مثل عباد الشمس وارتفاع أسعار الزيوت على المستوى العالمى، لافتًا إلى أن الأزمة لا تتعلق بالحبوب فقط لكنها تتضمن حبوب وزيت وأعلاف، وبالتالى لا بد من تدخل فورى وإيجاد بدائل لهذه الأزمة، حيث توجد سيناريوهات تدرس حاليًا وهى أن أوروبا مثلًا تدرس بالتعاون مع جمعية الحبوب الأوكرانية كيفية وجود موانئ بديلة للتصدير، لكن أسعار الشحن ستكون مرتفعة وستأخذ وقتًا طويلًا مما سيرفع تكلفة الغذاء، لذلك أوكرانيا تدرس تصدير الحبوب من خلال ليتوانيا وبولندا وموانئ مثل كونستانتسا من خلال موانئ بحر البلطيق، لكن التكلفة ستكون مرتفعة وتؤثر على الغذاء، ولذلك يجب تدخل فورى من الأمم المتحدة وكل المنظمات ذات الصلة بالغذاء لإيجاد صورة توافقية مرة أخرى لتنفيذ اتفاقية الحبوب.