رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

كنت أتمنى أن تشحذ كل الجهود النقابية والرسمية لمساعدة فنان بحجم إيمان البحر درويش، وحفزه على الحضور الدائم فى ساحة الغناء والطرب، التى اختفى عنها لأسباب غير معروفة، قبل نحو سبع سنوات، فى أعقاب الأزمة النفسية التى تعرض لها، بعد تجميد عضويته فى نقابة الموسيقيين التى كان نقيبا لها، وانتهت به إلى السقوط مريضًا بنزيف فى المخ. وترافق ذلك مع تجاهل مؤسف لأخباره فى وسائل الإعلام الرسمية، وغياب صوته عن الفضائيات ومحطات الإذاعة المعنية بالموسيقى والغناء. ولأننى اعتدت على أن  كل ما أتمناه فى الشأن العام لا يحدث غالبا، فقد تلقيت بتقدير بالغ إعلان الشركة المتحدة عزمها على تولى مسئولية علاجه، فى أعقاب الصورة المؤلمة التى نشرتها له مؤخرا ابنته على وسائل التواصل الاجتماعى، ربما كنوع من الاستغاثة، التى تنطوى على دلالة لا تخطئها العين: أن الأبواب كانت قد أوصدت أمام طلبات سابقة لعلاجه، لم يتم الاستجابة لها. 

ولد إيمان البحر درويش فى الإسكندرية عام 1955 ونشأ وشب عن الطوق فى بيت الموسيقى والغناء ملء أرجائه، وبدأ مشواره الفنى بتجارب فى التمثيل السينمائى والمسرحى والتليفزيونى، لكن الغناء كان حاضرا بقوة فى كل تلك المجالات. وكان غناؤه لونًا جديدًا لافتًا للنظر فى الساحة الغنائية، يحظى بجماهيرية غير محدودة، فى مجال الغناء الوطنى والسياسى والعاطفى، منذ ظهوره فى بدايات الثمانينيات من القرن الماضى. وكانت ظاهرته الغنائية تستند إلى قاعدة راسخة شكلها ميراث جده سيد درويش، عميق الجذور فى التاريخ الوطنى والموسيقى والغنائى المصرى، وقد جمع محبة وإعجابًا واسعين من عاشقى ذلك التراث حين أعاده بتوزيع جديد وفى قالب جذاب، بدا أكثر عصرية مما جاوره من أشكال غنائية رائجة، فضلا عن حرصه الشديد على اختيار كلمات للأغانى تتسم بسهولة المعانى وعمق الدلالات التى تعكس صورة حقيقية للروح المصرية، يتم استخلاصها من واقعها السياسى والاجتماعى والاقتصادى، ويجرى التعبير عنها بجمال سلسل أخاذ، يبتعد عن المباشرة والخطابية التى طالما لازمت الأغانى الوطنية والسياسية. 

حفلت معظم أغانيه بثراء فى الدلالات وغنى فى الإيحاءات، فضلا عما انطوت عليه من معان ورسائل شملت حتى أغانيه العاطفية التى عبر عنها بصوته الناعم الحنون وبخفة الروح المصرية الغنائية التى تعلمها من تراث سيد درويش، المثقل بنقد بنائى لأشكال الظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى، وتوق لا حدود له للحرية. 

وفى أغنياته كانت مصر دائما هى الحاضرة، وفى أغنية نفسى يشدو: يا بلدنا يا بلد، هو من إمتى الولد بيخاف من أمه، لما فى الضلمة تضمه، إيدى واحدة وانت إيدك برضه واحدة، مدى إيدك ويا إيدى، امسحى دمعة وليدى، عايز أصرخلك وعاجز أسمعك أو تسمعينى، نفسى أقولك ألف حاجة، بس آه لو تفهمينى. وفى أغنيته قول يا قلم يحفز الضمائر على مقاومة أشكال الظلم: قول يا قلم قول، إياك تخاف لحظة ندم، واصرخ ولم الناس، وافتح لنا الكراس، صفحة قصاد عينا، نقرا ضمايرنا، اجعل كلامى أنامل تمسح جبين العرقانيين، وازرع سطورى سنابل تطرح فى أرض الفلاحين، عدى من الأبواب، أكيد هناك أحباب، خدهم معاك للنور، خدهم وعدى بحور ، واصرخ ولم الناس وافتح لنا الكراس، قول يا قلم.