عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قال القلقشندي–٨٢١ هـ–فى «صبح الأعشى» فى حديثه عن الألفاظ المبتذلة العامية: فالشطار جمع شاطر، وهو فى أصل اللغة: اسم لمن أعيا أهله خبثًا، ومعنى الشاطر قاطع الطريق والخبيث الفاجر. شاطر من شطر، والجزء المشطور أى المنبوذ من الأصل، وبذلك يكون الشاطر كل من دلت عليه الصفات الخبيثة. ومن أشهر الكتب التى تناولت تاريخ الشطار فى الدولة العباسية كتاب (العيارون والشطار) لمؤلفه على منصور شهاب.. ومن شطار الدولة العباسية أنتقل وإياكم إلى الشاطر الأكبر مؤسس جماعة الشطار حسن البنا.

(أيها الإخوان.. إن الأمة التى تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة يهب لها الله الحياة العزيزة فى الدنيا والنعيم الخالد فى الآخرة، وما الوهم الذى أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت – فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة). هذا الكلام للشيخ حسن البنا ضمن مجموعة رسائله الشهيرة (الطبعة الشرعية – الإسكندرية – دار الدعوة).

وأبسط تحليل لمضمون الخطاب الدينى السلفى فى مصر يجعلنا نجزم بأن مختلف تيارات الإسلام السياسى المعاصره قد خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وبعضها قد يكون أكثر تطرفًا وخطرًا على الدولة المصرية من الجماعة نفسها.

ولنتوقف أمام ظاهرة حزب النور السلفى الذى لم يشارك لا فى 25 يناير ولا 30 يونية، ولكن اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين الطامحة للسلطة على حزب النور لتنفيذ مخططها الشيطانى، وذلك بالتنسيق مع كافة التيارات السلفية على الدعاية الدينية الفجة للتصويت بنعم لاستفتاء مارس 2011 على اعتبار أن نعم تفتح لصاحبها أبواب الجنة وتبطل عمل الشيطان. بعد ذلك وبخبث إخوانى ومراهقة سلفية أقنع الإخوان حزب النور بترشيح كوادره فى انتخابات البرلمان وتعاون قطبا العمل فى المتاجرة بالدين، واستطاعا معًا الاستحواذ على 42% من مقاعد البرلمان الذى أبطل بحكم قضائى فيما بعد.

لا يمكن نسيان المشهد المشين والمتخلف لكتلة الإخوان والسلفيين عند أداء القسم فى أول جلسة للبرلمان «اللقيط» التى بدت فيها مصر «مصرستان»، حيث انطفأت أنوار التاريخ أمام عتمة القبور الإخوانية والسلفية، ثم كان تكاتف النور والإخوان فى الانتخابات الرئاسية التى أتت بالرئيس الأسبق محمد مرسى لقصر الاتحادية فى 30 يونية 2012، والحقيقة أنه لو كان الإخوان المسلمون الخيار الأسوأ فى تاريخ مصر المعاصر فإن القوى السلفية والأصولية وعلى رأسها حزب النور السلفى تمثل الخيار «جهنم» بالنسبة لمصر، وإذا كنا نتطلع لدولة حديثة وعصرية تأخذ بكل أسباب العلم والتطور والمدنية دون تفريط فى هويتها فإن حتميات التاريخ تفرض علينا أن نرفض تديين السياسة، أو تسييس الدين، وأن يظل الولاء الأول لفكرة الوطن والمواطنة، وليس لفكرة دينية أو مؤسسة أو عرق.

يجب الفصل التام بين الدين والسلطة– الدين عامل ثابت والسلطة عنصر متغير، ولا يمكن الجمع بينهما إلا بغرض التجارة الفاسدة، وادعاء الحمل الكاذب للفضيلة، وإذا كانت مصر تقترب من موعد استحقاق انتخابات رئاسية، فإن هذا البلد الكبير يستحق أن يكون له مستقبل يليق بتاريخه العريق، مستقبل تتجدد فيه قواعد وأصول الحكم، ويكون فيه الشعب هو الحارس الأول للديمقراطية وليس ضحية غيابها أو تجاهلها. ويظل من أهم قواعد الحكم الجديدة، والجمهوورية الجديدة التى يتم الحديث عنها أن يظل الدين خارج السياسة، أما كونه داخل الحياة وفاعلًا بها فهذا أمر طبيعى وقائم فى أكثر الدول تقدمًا وديمقراطية. الخطورة ليست فى الأديان ولكن فى الفكر الدينى الذى يتحدث نيابة عن الأديان وبدون صك من الخالق، ليحول البشرى من الأمور إلى مقدس ومطلق. تخيلوا لو أن بريطانيا هى مصر عقب الحرب العالمية الثانية، وجاء بهلول إنجليزى ولبس عباءة الفضيلة وترشح لمنصب الرئيس ودارت آلة التجارة بالدين لتروج له -هذا البهلول ربما يكسب الانتخابات أمام العبدلله تشرشل بطل الحرب العالمية الثانية- المسألة إذن ليست موقفًا مخاصمًا للأديان، ولكن الكارثة أن يسرقنا لصوص التدين و«عناتلة» الدعوة الجدد، ومدعو الغيرة على الدين والدنيا. إذن يا سادة القضية ترتبط بالفكر الاجتماعى السائد، والذى تمكن «الشطار» من تدجينه وضبط موجاته على وهم التدين الشكلى، وعصبية الجماعة ضد هوية الأوطان.