رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بعد الموافقة على تعديلات القانون 72 لسنة 2017:

الاستثمار «عصا سحرية» لحل أزمة الدولار

بوابة الوفد الإلكترونية

 

تسعى مصر حالياً إلى إيجاد حلول لأزمة نقص العملة الأجنبية التى تعانى منها منذ فترة، خاصة بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار إلى 31 جنيهاً فى السوق الرسمى، ونحو 38 جنيهاً فى السوق السوداء، وعجز المستثمرين عن توفير العملة اللازمة لاستيراد المواد الخام من الخارج.

ولذلك بدأت الحكومة فى ترجمة وتنفيذ قرارات وتوصيات المجلس الأعلى للاستثمار الأخيرة لتحسين بيئة ومناخ الاستثمار، باعتباره أحد المفاتيح المهمة والسريعة لجذب العملة الصعبة إلى البلاد.

ومؤخراً وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، بهدف تعزيز مناخ الاستثمار فى مصر وتشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر، من خلال زيادة بعض الحوافز الخاصة الممنوحة للمشروعات الاستثمارية، ومعالجة آلية وضع الخريطة الاستثمارية، والتوسع فى نطاق الشركات الجائز منحها الموافقة الواحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته ما يساعد على إقامة مشروعات استثمارية أكبر.

كما وافق المجلس على إلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة فى الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، مع عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية المعمول بها مصر، والإعفاءات المقررة للأعمال والمهام العسكرية ومقتضيات الدفاع عن الدولة وحماية الأمن القومى وكذلك الإعفاءات المقررة عن أنشطة تقديم الخدمات المرفقية الأساسية.

ووفقاً لبيانات البنك المركزى فإن أرقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر خلال السنوات الماضية سجلت تناقصاً وتزايداً فى بعض الأعوام، ففى العام المالى 2016/2017 بلغت 7,9 مليار دولار، وفى 2017/2018 وصلت إلى 7,7 مليار دولار، وفى 2018/2019 ارتفعت إلى 8,2 مليار دولار، ثم عادت للانخفاض مرة أخرى إلى 7,5 مليار دولار فى 2019/2020، و5,2 مليار دولار فى 2020/2021، إلا أنها ارتفعت خلال العام المالى الماضى 2021/2022 لتسجل 8,9 مليار دولار، ووصلت إلى 5,7 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى 2022/2023. 

وتسعى مصر من خلال تعديلات قانون الاستثمار وإلغاء الإعفاءات الضريبية والرسوم إلى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات المقبلة.

 

العبرة بالتنفيذ

 

فى هذا الصدد، قال المهندس عبدالله الغزالى، عضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، إن التعديلات تأتى تنفيذاً لقرارات المجلس الأعلى للاستثمار التى كان من أهمها السماح للمشروعات القائمة على الغاز الطبيعى بالترخيص بعدما كان ذلك غير متاح، وتحديد 10 أيام حد أقصى للحصول على الترخيص، وسهولة وسرعة تخصيص الأراضى. 

وأوضح الغزالى، أن العبرة بالتنفيذ ولابد للحكومة من أن توضح الجديد فى مسألة إلغاء إعفاءات الرسوم والضرائب، لأن الشركات العامة تدفع ضرائب أيضاً مثل القطاع الخاص، مشيراً إلى أن التوسع فى منح الرخصة الذهبية الغرض منه هو توطين الصناعات والحد من الاستيراد لأنها تتعامل مع الصناعات الاستراتيجية التى تنقصنا فى مصر، وتسهم فى زيادة التصدير لجذب العملة الصعبة وتقليل الاستيراد لتوفير العملة. 

وتابع «نتمنى أن تكون هذه القرارات خطوة على طريق حل مشاكل المستثمرين وجذب الاستثمار الأجنبى والمحلى على السواء، لأن المستثمرين ما زالوا يواجهون مشكلات متعددة». 

ولفت عضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، إلى أن من أهم المشاكل التى يعانى منها القطاع هى: صعوبة توفير النقد الأجنبى التى تؤثر على استيراد المواد الخام من الخارج، وتؤدى إلى توقف المصانع وعجلة الإنتاج، كما أننا نحتاج إلى تسهيلات أكبر فى التعاملات البنكية مع المستثمرين وعدم وضع تعقيدات من جانب البنوك لتسهيل الاستيراد. 

وتابع: كما أن هناك بعض المعوقات من السهل جداً إزالتها بقرارات سريعة وستسهم فى جذب الاستثمار وزيادة حجمه بشكل كبير، مثل تعدد جهات الولاية والرقابة والتفتيش على المصانع، وكثرة الموظفين الذين يراقبون المصانع ولا يراعون حدود التفتيش التى وضعتها هيئة التنمية الصناعية، ويحررون محاضر وقضايا على المصانع بشكل عشوائى لمجرد أنهم مطلوب منهم تحرير مخالفات على المصانع.

 

وطالب الغزالى بمنح المستثمرين خصومات أو مميزات فى مسألة نقل البضائع والحركة على الطرق، من خلال إعطاء كل صاحب مصنع كارت بعد دفعه رسوم شهرية نظير هذا الكارت، ومقابل ذلك يتم السماح له بالمرور على الطرق بكل سهولة وعبور الكارتة عند إظهار هذا الكارت، ولا ينتظر وقتاً طويلاً عند كل بوابة عبور، مضيفاً، «المصنعين محتاجين إلى حوافز أكثر لاستمرار الإنتاج وتشغيل العمالة».

كما طالب الوزراء بالاستماع إلى المستثمرين سواء صغاراً أو كباراً والتعرف على مشاكلهم من أرض الواقع قبل أى اجتماع مع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، ومعرفة اقتراحاتهم وعرضها على المسئولين، لأنهم الأكثر دراية بمشكلاتهم وحلولها السليمة. 

وتوقع الغزالى، زيادة حجم الاستثمارات فى مصر وخصوصاً الاستثمارات الأجنبية الفترة المقبلة، خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه والقرارات التى يتم اتخاذها باستمرار، لأن التكلفة على الأجانب أصبحت أقل كثيراً مقارنة بالماضى، لكن يظل أكبر معوق أمام المستثمرين الآن هو توفير الدولار لاستيراد المواد الخام، ولذلك نطالب الدولة بالسماح للمستثمرين بتوفير الدولار من أى جهة لفترة مؤقتة حتى تنتهى الأزمة، ولا يكون هناك إجبار على توفيره من البنوك فقط كما هو معمول به الآن. 

ترسيخ مبدأ المساواة

وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، إن التعديلات جاءت وفقاً لتعليمات المجلس الأعلى للاستثمار الأخيرة، التى بناء عليها تحاول الدولة ترسيخ مبدأ المساواة فى كل أوضاع الاستثمار داخل مصر وعلى كل الأنشطة والصناعات. 

وأضاف بدرة، أن الحكومة بدأت فى مراجعة القوانين وخاصة قانون الاستثمار، ووضعت محفزات لجميع القطاعات الاستثمارية لتحقيق المساواة فى المحفزات والشرائح الضريبية، وبناء على ذلك تتم عملية المنافسة بين جميع القطاعات والأنشطة وخاصة فى الشركات التى سيتم طرحها فى البورصة خلال الفترة القادمة لإفساح المجال لدخول القطاع الخاص بشكل أكبر فى الاقتصاد. 

وأوضح الخبير الاقتصادى أن ذلك يهيئ بيئة الاستثمار داخل مصر، وهذه كانت الرؤية الحكومية خلال الفترة الماضية، وذلك الأمر كان مطلباً أساسياً لشركات القطاع الخاص بضرورة المساواة فى الإعفاءات والحوافز مع القطاع العام. 

وأشار بدرة إلى أن نتائج وانعكاس هذه التعديلات على أرض الواقع لن تظهر بشكل فورى، ولكنها تحتاج إلى بعض الوقت، ومعرفة كيفية تنفيذها على أرض الواقع، وهل ستتم بسرعة أم سيستمر التباطؤ وطول المدة التى تستغرقها، فضلاً عن التعرف على مدى الرضا والقبول لدى مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين عن هذه التعديلات. 

وحول التوسع فى منح الرخصة الذهبية، أكد أن ذلك سيسهم فى زيادة ضخ الاستثمارات الجديدة فى القطاعات المختلفة، ولذلك نطالب دائماً بمراجعة سريعة للشركات التى تحصل على الرخصة الذهبية، لأن ذلك يفسح المجال لحركة الاستثمار والقيمة المضافة للاقتصاد الكلى، وهذا ما يحسن بيئة الاستثمار ورفع كفاءته، مشيراً إلى أن الرخصة الذهبية ببساطة تعنى الحصول على الموافقات اللازمة بسرعة للمصنع أو الشركة، ولذلك تعطى انطباعاً وصورة للمستثمرين الآخرين بأن هناك إسراعاً فى حركة الاستثمار، وبالتالى ينجذب المستثمرون إلى الاستثمار فى مصر. 

واختتم بدرة تصريحاته قائلاً «التعديلات إيجابية لكن انعكاسها وتطبيقها على أرض الواقع من الجهات التنفيذية المختلفة هو البرهان الأساسى على نجاحها سواء من هيئة الاستثمار أو هيئة التنمية الصناعية أوهيئات المرافق المتعددة».  

معوقات

فيما قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى، إنه كان من المنتظر مع تعويم الجنيه فى 2016 أن يكون السوق المصرى جاذب للاستثمارات الخارجية بدرجة أكبر ما حدث، لأن تكلفة الاستثمار ستكون أقل للمستثمر الأجنبى، ولكن هذا لم يحدث بسبب المعوقات التى تواجه المستثمرين المحليين فى الداخل.

وأضاف الدمرداش، أن أى مستثمر خارجى ينظر أولاً إلى أحوال المستثمر الداخلى، وإذا وجد مشكلات تعوق عمله، فإنه لا يتخذ قرار الاستثمار فى البلد، والعكس صحيح إذا رأى أن المستثمر المحلى يحقق أرباحاً والأمور مستقرة لديه، فإنه يتخذ قرار الاستثمار، قائلاً «طول ما المستثمر المحلى يعانى فإن الاستثمار الأجنبى لن يتدفق بالقدر الكافى، ومفتاح حل هذه المشكلة هو إعطاء دفعة حقيقية للاستثمار المحلى».  

وأوضح الخبير الاقتصادى أن المستثمر الأجنبى يهمه كذلك استقرار معدلات التضخم فى الدولة، لأن ارتفاع التضخم يأكل العوائد والجدوى الاقتصادية من أى مشروع، مضيفاً «لو أنا عاوز أنفذ مشروع بس مش عارف العوائد بتاعتى بكرة هتبقى قيمتها إيه أو أرباحى هتبقى شكلها إيه.. يبقى أنا أكيد مش هستثمر فلوسى فى المشروع ده»، ولذلك الثبات النسبى فى معدل التضخم هو أساس الاقتصاد، ويجب على الحكومة معالجة هذا الأمر. 

وأشار الدمرداش إلى أن البعض يتهم البيروقراطية بأنها أحد الأسباب الرئيسية فى عدم تحسين بيئة الاستثمار فى مصر، ولكن البيروقراطية فى حد ذاتها معناها حكم الإجراءات بحيث تكون الأمور أكثر تنظيماً، أما ما يحدث فى الجهات الإدارية فنستطيع أن نطلق عليه «تعويقية» وليس بيروقراطية، لأن أساس النجاح فى أى منظومة هو العنصر البشرى، ونحن نرى ممارسات من الموظفين والإداريين كما لو كانت انتقامية وليس لها علاقة بالحفاظ على سلامة الإجراءات والرقابة. 

ولذلك يجب أن يكون هناك مرونة من الجهات الإدارية مع المستثمرين وليس تفريطاً، لأن هناك ممارسات تعسفية ليس لها وجهة نظر تضر المستثمر والاستثمار بشكل عام، كما يجب تقليل الاعتماد على العنصر البشرى فى التعامل الإدارى والتوجه نحو الرقمنة بشكل أكبر. 

ولفت إلى أن مصر لديها تشريعات وقوانين جيدة لكن المشاكل تظهر عند التطبيق والممارسة، ولذلك دائما العبرة تكون بالنتائج، وبعد تولى رئيس الجمهورية للمجلس الأعلى للاستثمار والقرارات المنبثقة عنه ومتابعتها من الحكومة، فإننا ننتظر طفرة وقفزة فى هذا المجال وليس مجرد نتائج عادية وخطوات بطيئة. 

كما يجب حل مشكلة نقص الدولار الذى يعتبر أهم مشكلات المستثمرين حالياً، وعلى الدولة توفير العملة الصعبة حتى يستطيع المستثمرين شراء المواد الخام من الخارج، وإذا لم تستطع توفيره فإنه من الممكن أن تسمح لهم بتوفيره من أى مصدر ولكن بضوابط تنظيمية محددة، لتمويل احتياجات الصناعة من المواد الخام فقط، وليس لاستيراد السلع الترفيهية الاستفزازية.