عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

عاش فيها معظم سنوات حياته، واعتبرها «لحمه ودمه»، ووصف مصر بأنها الأرض التى تبنته، وقال عنها «مصر أحب الأرض إلى قلبى لذلك لم أفارقها لأنى قضيت بها أسعد أيامى منذ مولدى». 

عالم مصريات إنجليزى وشاعر وجراح وجندي وطبيب نفسي، ولد فى بريطانيا عام 1881، جاء إلى مصر عام 1904 وهو لم يتعد الثالثة والعشرين من عمره، ليُصبح طبيبا للجيش الانجليزى فى مصر، ثم انتقل كطبيب للجيش المصرى عام 1907، وفى عام 1914 أصبح نائبا مساعدا للتجنيد فى الجيش المصرى برتبة رائد، قبل أن يتقاعد من الجيش عام 1919 ليصبح كبيرًا للمفتشين فى وزارة الداخلية المصرية، وأخيرًا سكرتيرًا مُقيمًا للمنطقة الشرقية البريطانية فى القاهرة.

ابتعد «أندرسون» تماما عن العمل العسكرى والسياسى فى عام 1924، وهو يبلغ من العمر 43 عاما، إلا أنه لم يترك مصر ليعود إلى بلده بريطانيا، فقد عشق أرض مصر وأراد أن يستقر بها، فقام بدراسة علم المصريات والدراسات الشرقية، ولأنه كان يعشق الفن الإسلامى اقتنى مجموعة كبيرة من الآثار التى تنتمى إلى عصور مختلفة وهى تعرض الآن فى منزله الذى تحول إلى متحف فنى.

ويُعد متحف «أندرسون»، والذى يوجد فى قلب القاهرة القديمة، وتحديدًا فى شارع أحمد بن طولون بحى السيدة زينب، أفضل النماذج التى تظهر روعة العمارة فى القرنين الـسادس عشر والسابع عشر، فهو يتكون من منزلين أحدهما على الطراز المملوكى والآخر على الطراز العثمانى، أقدمهما الذى يقع فى الجانب الغربى، بُنى عام 1540، أنشأه المعلم عبد القادر الحداد، ويسمى ببيت أمنة بنت سالم، وهى آخر من سكنت البيت.

أما المنزل الأحدث وهو الأكبر حجما، فيقع على الجانب الشرقى منه، بُنى عام 1631، وقام ببنائه أحد أعيان القاهرة فى ذلك الوقت، وهو محمد ابن الحاج سالم بن جلمان الجزار، ثم تعاقبت علية الكثير من الأسر الثرية، حتى استقرت فيه سيدة مسلمة جاءت من جزيرة كريت، ولذلك عُرف ببيت الكريتلية.

وفى عام 1928، تعرض المنزلان لخطر الهدم، وأرادت الحكومة المصرية توسيع محيط مسجد أحمد بن طولون، فقامت بإخلاء كافة المنازل الآيلة للسقوط، والتى كانت تحجب المسجد عن الرؤية، إلا أن لجنة الحفاظ على الآثار العربية اعترضت على هدمهما لأنهما بحالة جيدة، ويعكسان روعة العمارة الإسلامية، وبمجرد ترميمه حصل الرائد جاير أندرسون بتصريح من الملك فؤاد الأول للسكن فيه، بإيجار قيمته 6 قروش شهريا، فأقام فيه لسبع سنوات، خلال الفترة من عام 1935 حتى عام 1942.

القيمة المعمارية والتراثية لمتحف «أندرسون» جعلته قبلة لأكثر الفنون تأثيرًا قى القرن العشرين، فكان نموذجًا فريدًا لأهم الأعمال السينمائية، سواء المصرية أو العالمية، ففى عام 1962 اختاره المخرج حلمى رفلة مقرًا لتصوير فيلم «ألمظ وعبده الحمولى»، وكان للسينما العالمية نصيب من الاستفادة من الطراز الفريد للمتحف ففى عام 1977 اختاره المخرج البريطانى «لويس جلبريت» لتصوير فيلم «الجاسوس الذى أحبنى»، للبريطانى روجر مور، ليُصبح أحد أجزاء سلسلة الأفلام العالمية «جيمس بوند».

وقبل رحيل أندرسون عن مصر قدم محتويات منزله التى تضم مجموعة عظيمة من الأعمال الفنية والمفروشات والسجاد والآثار الإسلامية والفرعونية إلى الحكومة المصرية وأوصى أن يتحول منزله إلى متحف باسمه، وهذا ما حققته مصلحة الآثار العربية.

ورغم أن المتحف يحتوى على العديد من الآيات القرآنية، والتواشيح الإسلامية، ورمز الصليب الذى ينعكس بصورة واضحة على مشربيات سطح بيت الكريتلية، إلا أن عبارة «كل من يعشق محمد ينبغى ألا ينام» تعتبر من أجمل ما كُتب على إحدى لوحات الجدران، وهى دليل واضح على أن الحفاظ على الآثار لا يخص معتقدات الإنسان.

وعام 1945 اضطر «أندرسون» للعودة إلى إنجلترا بسبب مرضه الشديد، ليتوفى هناك، ويُدفن بقرية لافينهام  بمقاطعة سوفولك.

حفظ الله مصر وأهلها

 [email protected]