رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

«إذا لم يكن الله موجودًا فكل شىء مباح», عبارة شهيرة كان يرددها «إيفان» الملحد، أحد الإخوة الثلاثة فى رواية «الإخوة كارامازوف» للكاتب الروسى دوستويفسكى, وبعد تمصير النص عبر فيلم «الإخوة الأعداء» أصبحت العبارة «إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح حتى الجريمة». 

وفى هذا الفيلم لعب الفنان الراحل نور الشريف شخصية شوقى، الأخ الملحد فى الفيلم، الذى سيطر تماما بأفكاره على  شقيقه حمزة المصاب بالصرع، فاقتنع بها وكان مقتل الأب على يديه.

ويبدو أن الأفكار بخيرها وشرها لا تموت, فتلك العبارة المقيتة كانت سببا فى تدمير حياة أيمن محمد شوكت, أو «ستيفان «فيما بعد, بطل أحدث روايات الكاتبة الصحفية والروائية فكرية أحمد «جثة ستيفان محمد» الصادرة مؤخرا عن النخبة للطباعة والنشر والتوزيع، والتى مزجت فيها الفلسفة بالواقع فأخرجت عملا فنيا رائعا لا تمتلك فكاكا من متابعة قراءته, فالأحداث شيقة متلاحقة مليئة بالدهشة, فتظل مشدودًا طوال الوقت, متشوقًا لمعرفة التفاصيل, فتنقلك الرواية إلى أحداث أخرى ثم تعيدك سريعًا إلى الحدث الأصلى فى رشاقة أدبية واحترافية عالية لا تشعر معها بالقطع أو الفصل.

عاش بطل الرواية حياة مضطربة بين أب لا هم له فى الحياة سوى إشباع نزواته التى لا تتوقف عند حد, مستغلا شهرته الفنية الزائفة، والمبنية على سرقة إبداع الآخرين, حتى لو كلفه ذلك الذهاب إلى عقر دارهم فى الدول المختلفة،  والأنانية المفرطة التى طالت زوجته وأولاده فحرمتهم أبسط حقوقهم المشروعة, وبين أم طيبة حنونة تحمل صفات معظم النساء المصريات, وأهمها التضحية الكاملة بنفسها من أجل بيتها وأولادها, تفعل ذلك طواعية، ولا تنتظر المقابل.

فى أحضان ذلك التناقض نشأ الابن «أيمن», فانجذب بعقله القاصر إلى صورة الأب عديم الأخلاق والمبادئ والذى مع ذلك يتمتع بنعم الدنيا مقارنه بالأم التى تعانى من الحرمان الأسرى والأمراض رغم تمسكها بالفضيلة، فرفض سلوكها وسخر منها واعتبرها ساذجة لا تعرف كيف تتمتع بملذات الحياة, أو على الأقل التحرر من القيود، وعقد العزم على تكرار صورة الأب,فوضعها نصب عينيه, واتخذها منهجا لحياته القادمة, بعد أن رافقه لمدة لا بأس بها، فشرب من معينه حتى الثمالة.

ولأن المال الحرام حتما لا ينفع صاحبه, ذهبت أموال الأب، فانفض الناس من حوله, ومرض مرضا عضالا انتهى بموته, فلم يحتمل الابن الضربات المتتالية فقرر الهروب إلى إحدى الدول الأوروبية،  وفى أول محطة باع دينه للحصول على الإقامة فيها, وغير اسمه إلى «ستيفان» محتفظا باسم والده ليس حبا فيه ولكن ليستفيد من شهرته, وبدأ صعود رحلة الهاوية السحيقة بمنتهى القوة،  ففعل كل ما يغضب الله تحت ستار مبررات واهية سولها له شيطانه الذى تمكن منه تماما، وكيف لا وهو من ترك دينه، فليس بعد الكفر ذنب, واستمر على ذلك ينتقل من معصية إلى أخرى, رافضا أى نصيحة بل ساخرا من صاحبها, متوهما أنها حياة واحدة ليس بعدها بعث, فلماذا لا ينهل منها قدر استطاعته.

ولأن المولى عز وجل يمهل ولا يهمل, فسرعان ما انقلبت حياته رأسا على عقب وارتد عليه عمله السيئ، انتحرت زوجته, فقرر إيداع ابنه إحدى المدارس الداخلية، وأهمله تماما, ومضى مسرعا فى طريق الغواية إلى آخره, حتى أصيب بمرض خبيث لم يصبر عليه فاختار طواعية ما يطلقون عليه  «الموت الرحيم» ظنا منه أنه الراحة الأبدية, وتم له ما أراد، ورفض ابنه استلام جثته, فأصبح دفنه مشكلة،  فى مقابر المسلمين أم المسيحيين فهو لا يتبع أيهما،  ولا توجد مقابر خاصة بالملاحدة, ثم تأتى المفاجأة, فقد أوصى «ستيفان» بعدم دفن جثته بل إحراقها وتسليم الرماد لابنه, وحرمان الجميع من ثروته, فرفض الابن استلام الرماد، فكان من نصيب صناديق القمامة, وهى المكان الطبيعى والنهاية الحتمية لكل «ستيفان».

 [email protected]