رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عصف ذهنى

حتى الآن ما زال الجدل ساخنا على السوشيال ميديا حول هدم مقابر المشاهير والشخصيات التاريخية بوسط القاهرة، على الجانب الآخر تتواتر تصريحات مسئولة تطمئن على استحياء أن الهدم لن يطال المبانى الأثرية، وإنما ستنقل رفات بعض المقابر العادية مع تعويض أهالى المتوفين بأماكن بديلة.

إن إزالة المقابر قصة قديمة تتجدد من حين لآخر، فهى بدأت بتصريحات لمحافظة القاهرة قبل عامين بنقل 2700 مقبرة من وسط القاهرة لصالح مشروع إحياء القاهرة التاريخية، وعندما بدأت ازالة بعض المقابر اعترض أهالى الموتى، كما ثارت اعتراضات المهتمين بالتراث فتوقف الهدم، لكنه عاد مجددا قبل بضعة أسابيع بجوار المقابر التاريخية لشخصيات أدبية وإسلامية وعلماء مشهود لهم، وترددت أقاويل عن هدم مقبرة شيخ المقرئين «ورش» والأديب يحيى حقى الذى فوجئت حفيدته بنقل رفاته من غفير المقبرة دون أن تبلغ بذلك رسميا، وكاد أن يحدث ذلك مع عميد الأدب العربى طه حسين لولا اعتراض حفيدته ولوحت بنقل رفاته إلى باريس فبقى الأمر على ما هو عليه، وانتشرت الشائعات عن هدم مقابر الإمام العز بن عبدالسلام قاضى قضاة الإسلام والشاعر محمود سامى البارودى والشيخ محمد رفعت وغيرهم من رموز ومشاهير، دون أن يخرج من الحكومة توضيح قاطع ينفى تلك الأقاويل!

وهنا يتساءل محمود مرزوق أشهر باحثى التراث: ألا يدرى القائمون على تنفيذ هذه الإزالات أن «القرافة» جزء من ذاكرة الأمة وهى امتداد لثقافة مصرية قديمة تتعلق بالحياة الآخرة؟ محذرا من أن هدمها يعتبر بمثابة قطع صفحة مهمة من تاريخ مصر خاصة أن قرافة القاهرة هى الأقدم تاريخيا من مدينة القاهرة نفسها.

ليس ذلك فقط وإنما تعد هذه المقابر تراثا وتاريخا يحتوى على تحف معمارية وقباب جميلة وشواهد رخامية عليها نقوش قديمة تعود إلى مئات السنين، ولو وجدت فى مكان آخر لتحولت إلى مزارات سياحية ومتاحف ثقافية على غرار ما حدث فى تركيا وباريس.

وذلك ما شهدت به منظمة «اليونسكو» حين سجلت القاهرة التاريخية عام 1979 كموقع تراثى عالمي، لكنها فى السنوات الأخيرة زادت شكاواها من الإهمال الذى تتعرض له المنطقة مهددة بشطبها من قائمة التراث العالمى ونقلها لقائمة التراث المعرض للخطر!

وهنا الأمر يقتضى تدخلاً حكومياً عاجلاً بالتعاون مع البرلمان لبحث هذه القضية وشرحها للرأى العام لوقف الشائعات حول هدم المقابر التاريخية، وتقديم حلول بديلة تحمى هذه المنطقة التراثية النادرة بدلاً من آراء متناثرة لبعض النواب، وتصريحات متفرقة لمسئولى السياحة والآثار، تأكيدا لمقولة النائب ضياء داوود «عندما تصطدم مشروعات التطوير بمنشآت ذات طابع تراثى فلابد من البحث عن حلول إبداعية تتفادى الأضرار لكل ما له قيمة»، وكم تكون هذه القيمة عندما تتعلق بهدم تاريخ يرجع لأكثر من 1000 عام.