رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدكتور محمد كمال مصطفي، أحد أبرز أساتذة الإدارة والتنمية البشرية فى مصر والعالم العربي، وعلى نفس الدرجة من أهمية وقيمة التخصص، فهو من المثقفين الكبار الذين أصابوا قدرا كبيرا من الفلسفة وتاريخ الفكر الانسانى وكنوز الأدب العربى والعالمى.. الدكتور رجل ثمانيني، يواجه متاعب صحية قاسية بعض الشىء بإرادة مثقف مدرك لقوانين الحياة والفناء معا، وبعقل راجح يواجه المرض بالتفكير، ويقاوم الألم بالتأمل، ويهزم النهايات ببدايات جريئة يأخذنا مع معانيها وفلسفاتها لعوالم متنوعة وشابة وعفية.. للدكتور محمد كمال مصطفى مجموعة كبيرة من المؤلفات فى تخصصه الذى حمله بين ضفاف عقله الراجح محاضرا فى مصر والعديد من البلدان العربية، وله الكثير من الاسهامات فى إعداد أجيال يشغل الكثير منهم مناصب مهمة سواء داخل مصر أو خارجها.. أول معرفتى الشخصية والمباشرة مع الدكتور محمد كمال مصطفى قبل حوالى سبع سنوات تقريبا عندما انضممت عضوا بصالون الأربعاء الذى ينعقد اسبوعيا، ما بين الثامنة والثانية عشرة ليلا. سبقنى الدكتور كمال للصالون الذى يضم كوكبة من أساتذة الجامعات ونخب الإعلاميين والشخصيات العامة -المشترك بين الجميع إيمان لا يضعف بقيمة أن نفكر، ونتحاور، ويزداد شغفنا بالحياة والناس، وأن نحافظ جميعا على عشق السفر للتاريخ والتنقل بين أبطاله وقصصه وانتصاراته وانكساراته.. عندما رأيت الدكتور محمد كمال لأول مرة بالصالون، علمت أنه الثانى من حيث ترتيب العمر بعد أستاذنا وعميد المتحدثين، الجميل الراحل الأستاذ صالح مهران، ولحظتها تصورت أنه ربما سيكون الأهدأ نبرة فى جرأة الأفكار، والتمرد على القوالب والأنماط السائدة فى حياتنا. اقتربت من الرجل بهدوء، وهو من الذين لا تشى وجوههم الهادئة، وابتسامتهم الخجولة عن شخصية شديدة التركيب والجرأة والقدرة على عرض قناعاتها تجاه أى قضية مطروحة للنقاش بدقة ويقظة المحاضر.. حتى اللحظة أصنف الدكتور محمد كمال الرجل الثمانينى بالصديق الشاب الذى يمكننى معه اجتياز كل حقول الأحلام والألغام بلا حسابات تذكر، إلا احترام العقل الذى سيظل سيد حياة هذا الرجل النبيل.. 

وعن العقل يكتب الدكتور محمد كمال مصطفى تحت عنوان - ماذا تعلمت من سنوات العمر الذى مضى - يقول)  العقل هو المعقول، والمعقول هو العلم الذى يحل فى العقل، العلم هو الطريق الأمثل لتالف العقول، لأن الكل يقبل بنتائجه، على أن يكون المنهج العلمى هو نمط تفكيرنا، لأنه المنهج الذى يقوم على حرية العقل وتحريره من كل ما يواجهه من معوقات.

 أما حكاية التكلفة والعائد عند الدكتور محمد كمال والتى حملها عنوان المقال، فالحكاية أن الدكتور كمال كتب قبل ايام متسائلا تحت وطأة متاعب صحية ثقيلة: إذا كان المريض مثلى ينفق الكثير مما لديه لتستمر الحياة شهرين أو ثلاثة، فما جدوى هذه التكلفة أو العائد منها إذا كانت النهاية إعلان الرحيل؟ ورغم قسوة فكرة أستاذ الإدارة المرموق عن التكلفة والعائد، فإنه يظل أستاذا مدهشا وفوارا بالأفكار المثيرة لشغف أن نتأمل أكثر فيما وراء الكثير مما يشغلنا جميعا. صادق الدعاء أن يخفف الله عن الأستاذ الدكتور محمد كمال مصطفى عناء ومشقة متاعب صحية تبدو قاسية فى هذه المرحلة من العمر. وربما سيظل ما يستوقفنى أمام شخصية دكتور كمال أنه من القليلين الذين يقولون دوما كلمتهم، ثم يمضون غير عابئين بمن صفق ومن رفض، لم يتودد الرجل إلا لمزيد من المعرفة، ولم ينس يوما أنه خاض غمار الحياة متنقلا بين هامش الأيام ومتنها، إلى أن أصبح كتابا كبيرا قيما، وهذا هو عائد التكلفة الحقيقية.