عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

ستظل أزمة الديون الأمريكية هى العنوان الرئيسى لمختلف موضوعات الملف الاقتصادى على مستوى العالم، خاصة بعد ان أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية هذا الاسبوع بلوغ سقف الدين العام 31.4 تريليون دولار، وهو أمر قد يكون مثارا لمزيد من التساؤلات حول سيناريوهات الوضع الاقتصادى العالمي، مع البحث عن حلول مقترحة عبر زيادة الفوائد الحكومية، أو تحسين إدارة الدين، أو إعادة تقييم الإنفاق الحكومى الأمريكى، هذا الإنفاق الذى كان أحد أهم الأسباب الرئيسية لزيادة الديون، خاصة وأن زيادة الإنفاق الحكومى الأمريكى كانت فى ظل ثبات الموارد وعدم كفايتها لتغطية الدين، وبالأخص فى أوقات الصراعات الدولية، والحروب، فزيادة الإنفاق الحكومى ظهرت فى فترة الحرب الباردة فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى لتصل إلى تريليون دولار بنهاية حقبة الرئيس الامريكى رونالد ريجان، ثم بدأت بالتزايد مع حرب الخليج لتصل إلى 6 تريليونات دولار عام 2010، ثم تصل فى عام 2021 إلى 26 تريليون دولار فى عهد رئيس ترامب فى أعقاب جائحة كورونا، لتصل الآن إلى 31.4 بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، ولكن يجب أن نوضح أن ازمة الديون الأمريكية تختلف كثيرًا عن باقى دول العالم، لأنها تمتلك وتطبع الدولار العملة الاحتياطية العالمية، وهو ما سمح لها بتحمل الديون بتكلفة أرخص من باقى دول العالم الأخرى، بالإضافة إلى أن الإيرادات أقل بكثير من معدلات إنفاقها، فالولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على الاستدانة منذ قيامها ففى عام الاستقلال 1791 بلغت ديون الولايات المتحدة الأمريكية 75 مليون دولار لتصل بعد الحرب الأهلية إلى 2.7 مليار دولار، وبعد الحرب العالمية الأولى إلى 22 مليار دولار،وهو ما يؤكد لنا أن الديون فى الولايات المتحدة الأمريكية ديون تتعلق وتتزايد دائما مع فترات الحروب والصراعات، ولولا هذه الديون لأصبح هناك تهديد حقيقى للأمن القومى الامريكي، وأن مصطلح سقف الدين بدأ بعد إعلان الحرب العالمية الأولى، وبالتالى فإن هذا السقف مرتبط إلى حد كبير باقتصاد الحرب، ومن الأمور الجديرة بالذكر والتى يجب تحليلها ان هذا السقف ارتفع 78 مرة منذ عام 1960 منها 20 مرة منذ بداية الألفية الثالثة، وأن هذا الدين يمثل ستة أضعاف الإيرادات الفيدرالية الأمريكية، و125% من الناتج المحلى الإجمالي، وعلى مستوى الفرد فإن نصيب المواطن الأمريكى من هذا الدين حوالى 95 الف دولار، وبالتالى فإن التخلف عن تنفيذ التزامات الولايات المتحدة الأمريكية يمثل تقويضا حقيقيا لقدرة واشنطن على ريادة العالم سياسيًا واقتصادياً، والدفاع عن الأمن القومى الأمريكى داخليًا وخارجياً، مع إمكانية دخول تجمعات دولية مثل تجمع البيركس على طرف معادلة تغيير موازين القوى الدولية، والإعلان عن قيام تسونامى اقتصادى عالمى غير مسبوق، وهو ما جعل وكاله موديز تقرر ان التخلى عن سداد الديون سوف يؤدى انخفاض الأوراق المالية إلى ثلث قيمتها، وبالتالى انخفاض ثروات الأسر الأمريكية بنحو 12 تريليون دولار، وهو أمر يبعد الولايات المتحدة الأمريكية عن خطة المبادئ الاستراتيجية التى وضعها الاستراتيجى الأمريكى الكبير جورج كانن عام 1949 بعد الحرب العالمية الثانية، والذى أكد ضرورة امتلاك الولايات المتحدة لأكثر من 50% من ثروات العالم إذا أرادت أن تكون هى المسيطرة اقتصاديا، وسياسياً، وأمنيا على الوضع العالمى، وهو أمر قد لا يتحقق الآن، خاصة بعد انخفاض ثروات الأسر الأمريكية بنحو 12 تريليون دولار على الأقل، مع زيادة معدلات البطالة إلى 5%، وفقد أكثر من 7 ملايين وظيفة امريكية، وانكماش الاقتصاد الأمريكى بنصف نقطة مئوية تقريباً، وإن كان الأمر لا يخلو من صعوبة فى التنبؤ بعواقب التخلف عن سداد الديون الأمريكية، لأنها لم تتعرض لذلك من قبل إلا عام 2011 من تخلف فى السداد نتج عنه تأثير وحيد فقط وهو خفض التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة الأمريكية منAAA إلى AA+ من قبل وكالة ستاندرد اند بورز، ولكن من المتوقع اليوم أن يكون رد الفعل مختلفا إلى حد كبير نتيجة توقع فقد سوق الأسهم الكثير من قيمتها وتعزيز احتمالات الركود، وتقويض مكانة الدولار فى النظام العالمي، كذلك فإن تكاليف الإسكان سوف تزداد بنسبة 22% على الأقل مع ارتفاع أسعار الفائدة على الرهون العقارية، وانخفاض مبيعات المنازل القائمة بنحو 23%، كذلك فإن تأثير هذه الديون سيكون له أثر سلبى على مدفوعات صناديق المعاشات وزيادة الأثر الاجتماعى، حيث يتلقى 66 مليون متقاعد وعامل من ذوى الإعاقة معاشات تعاقدية بـ25 مليار دولار فى الأسبوع، وقد ينعكس هذا التأثير بالطبع على دعم قدامى المحاربين، وأسر الناجين، وبالتالى فإن ما نؤكد عليه أن الاقتصاد الأمريكى فى حالة عدم قدرته على سداد الديون المستحقة عليه فسيفقد مصداقيته، مع زيادة احتمال وجود ركود اقتصادى وتأثر سلبى لسمعة ومكانة واشنطن الدولية. وعلى المستوى المصرى فإن مصر عندها فرصة ذهبية للاستفادة من التدفقات الاستثمارية المنتظرة، ولكن هذا الامر يحتاج إلى استعداد وإردة لاغتنام هذه الفرصة، فى ظل موقف الفيدرالى الأمريكى المتشدد، وتخطيط دول فاعلة فى النظام الدولى لإزاحة الدولار عن عرش العملات على أمل إنهاء هذه السيطرة التى دامت لعقود.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام