عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

مصر فى مقدمة الحضارات التى احترمت الحقوق الإنسانية وطبقتها عبر عصورها المتعاقبة، أرست الحضارة الفرعونية القديمة، ومبدأ المساواة بين الجميع وعلى وجه الخصوص المساواة بين الرجل والمرأة، وظهر ذلك جلياً فى الجداريات التى وجدت فى المعابد المختلفة، حيث وجدت فيها المرأة بجوار الرجل دون تقديم لشخص على الآخر دون أن يعتبروا المرأة عورة لا بد من اخفائها، حتى المساواة بين الحاكم والمحكوم والعامل ورئيسه.

لقد اختصر الفراعنة فى بداية عصر الدولة القديمة مفهوم حقوق الإنسان فى كلمة واحدة هى «ماعت» التى تعد من أقدم المصطلحات اللغوية ذات الدلالات المتعددة، فهى تعنى العدل والصدق والحق، وكانت تعنى نقيضاً لأى معنى غير أخلاق بوجه عام.

ومن مظاهر احترام حقوق الإنسان فى الحضارة الفرعونية، أن المصريين القدماء كانوا أول من اعترفوا للإنسان بالحق فى الحياة، فكانوا يؤجلون تنفيذ حكم الإعدام فى المرأة الحامل إلى أن تضع حملها، كذلك لم يكن يسمح المصريون القدماء بوأد الأطفال برغم أنه كان حقاً من حقوق الآباء فى الحضارات الأخرى كالحضارة الرومانية. أيضا عرف المصريون مبدأ المساواة بين جميع المواطنين، فكان المصريون جميعاً أمام القانون سواء، لا فرق بين غنى وفقير، ولا بين مواطن وأجنبى.

وقد عرف المصريون القدماء التأمين الصحى منذ زمن بعيد، وقد شهد بذلك المؤرخ «ديودور الصقلى» الذى ترك وثيقة يقول فيها: إن المجتمع المصرى القديم يتيح لأفراده حق العلاج المجانى حتى فى أثناء الحملات الحربية أو الرحلات داخل البلاد، وذلك لأن الأطباء يتقاضون معاشهم من الحكومة.

أما عن التعليم فقد ثبت أن مصر الفرعونية شجعت أبناءها ذكوراً وإناثاً على التعليم واحترمت مثقفيها، وكانت أول ثقافة على الأرض تكرم حكماءها، وشجع حكماؤها على تعلم الكتابة حيث وصف أحد الحكماء الكتابة بأنها أثمن من أى ميراث فى مصر، وأثمن من أى مقبرة فى الغرب.

اتسم النظام السياسى فى مصر القديمة بطابع دينى على رأسه الفرعون صاحب السلطة المطلقة فى البلاد، وقد أضفى على نفسه طابع القدسية، إذ أصبح ينظر إليه كإله، وكان يتمتع بالسلطة الكاملة على الشعب والأرض ومواردها، فيقود الجيوش، ويشرع القوانين، ويعين الموظفين.

ظهر منصب الوزير فى مصر منذ بداية الأسرات فى العصر القديم، وكان يعاون الملك مستشاران: واحد للصعيد، والآخر للدلتا، وكانت آخر وظيفة فى عصر التأسيس هى وظيفة «عامل الختم» والتى تدل على الخاتم والخازن الأمين، كان الملك لا يتدخل فى التفاصيل الإدارية ويتركها للوزير وموظفيه، فقد كان الملك يرى أن مكانته أكبر من مكانة البشر المنشغلين بهذه الأمور، وكان أقرب الناس إليه من يسرى فى جسدهم الدم الملكى، رغم ازدياد أهمية الوزير وقادة الجيش وأمراء الأقاليم بعد الدولة الحديثة منذ الأسرة الثامنة عشرة بشكل خاص.

كان الوزير فى عصر الفراعنة يطلع الملك على شئون الدولة صباح كل يوم وكان يسدى له التوجيهات والنصائح، وكانت السلطتان التشريعية والتنفيذية بيد الملك لكنه كان يعطى منها، بهذه التوجيهات والنصائح إلى الوزير. وكانت ألقاب الوزير كثيرة فيها: كبير القضاة، محافظ العاصمة، رئيس البلاط والديوان الملكى، ناظر جميع أشغال الملك، المشرف على ما تعطيه السماء وتخرجه الأرض ويقدمه النيل، كان بتاح حتب الوزير والحكم المشهور 2356 - 2388 - من أشهر الوزراء فهو كاهن ماعت ومؤلف التعليمات الأخلاقية، كان الكهنة فى حكومة مصر القديمة يشكلون صمام الأمان الدينى بالنسبة للملك، فهم وإن كانوا تحت إمرته، يمنحون القوة الروحية له ويبررون رفقته وألوهيته ويحافظون على مكانته رسمياً وشعبياً، فضلاً عن كونهم من يمسك بشئون العبادة والحفاظ على طقوسها داخل وخارج المعبد.

انقسمت مصر قديماً إلى أقاليم سميت بالمصرية «سبت - سبات» وسميت أيام الأغريق بـ«نوم» وقد نشأت فكرة الأقاليم قديماً عندما حفر المصريون الأحواض لاستيعاب مياه فيضان النيل فى الزراعة، وتطورت فكرة الإقليم وأصبحت له عاصمة وحاكم وجهاز إدارى ومعبد وإله خاص بالإقليم.