عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جشع التجار يتحدى انخفاض الأسعار

بوابة الوفد الإلكترونية

 

دائما وأبدا كان ارتفاع سعر الدولار شماعة يعلق التجار عليها ارتفاع أسعار جميع السلع، وفى الأيام الأخيرة حدث تراجع كبير فى سعر الدولار فى السوق السوداء، فبعد أن كان الدولار يباع بأكثر من 40 جنيها فى السوق السوداء، تراجع سعره لأقل من 36 جنيها، وانتظر الناس تراجعا فى الأسعار يوازى هذا التراجع، وبالفعل حدث تراجع فى أسعار الذهب والحديد إلا أن أسعار جميع السلع الغذائية لم تشهد أى تراجع!

وهكذا بدا واضحا أن مشكلة ارتفاع أسعار السلع ليس لها صلة بانخفاض أو ارتفاع مستلزمات الانتاج وتوافرها من عدمه، أو ارتفاع سعر صرف الدولار أو انخفاضه، ولكنها فى الأساس تعود إلى عدم وجود رقابة حقيقية على الأسواق، وأصبح  من الواضح أن الأسعار فى مصر تحددها حالة جشع التجار.

من بين الانخفاضات التى شهدتها السلع مؤخرا انخفاض سعر الأعلاف، بعد الإفراج عن 185 ألف طن من الذرة بحوالى 66 مليون دولار وحوالى 40 ألف طن من فول الصويا بقيمة حوالى 30 مليون دولار وأيضا اضافات اعلاف بحوالى 6 ملايين دولار، وكذلك تم الإفراج عن 225 ألف طن من الذرة وفول الصويا بحوالى 102 مليون دولار خلال الفترة من 12/5/2023 حتى 18/5/2023، وساهم موسم حصاد وتوريد القمح فى دفع أسعار الاعلاف إلى مزيد من الهبوط.

وكذلك أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، قرارا بتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين.

كل هذه العوامل والقرارات، ادت إلى انخفاض حاد فى سعر الدهب والحديد، ولكن تجار المواد الغذائية يتمسكون بأسعارهم لجلب مزيد من الأرباح، فى حين أنه عندما يشعرون بأن هناك اتجاها لرفع سعر الدولار يرفعون أسعار منتجاتهم قبل أن تتخذ الحكومة قرارها، وسط غياب تام للرقابة على الأسواق.

قال الدكتور مدحت الشريف، استشارى الاقتصاد السياسى وسياسات الأمن القومى، إن هناك انخفاضا بسعر الدولار بشكل واضح فى السوق السوداء، بعدما كانت هناك توقعات من الخبراء والمؤسسات الدولية بأن هناك تعويما آخر للجنيه المصرى، بناء على اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى، بالاضافة إلى أن هناك أقاويل كانت تردد أن الدول الشقيقة علقت شراء شركات يتم طرحها لحين تعويم الجنيه، وهذا ما قلل تداول سعر الدولار فى السوق وجعل بعض المواطنين يتمسكون بالدولار أو يحولون أموالهم للدولار، ما جعل سعر الدولار يرتفع فى السوق بشكل قوى وغير واقعى، ولكن مع رفض الحكومة المصرية تعويم الجنيه مرة أخرى، انخفض سعر الدولار فى السوق السوداء، مطالبا الحكومة بالمحافظة على تلك الخطوات فى الفترات القادمة، لكون أن أى تعويم أو تراجع فى سعر الجنيه سوف يؤدى إلى ارتفاع الأسعار فى كل المنتجات، ويؤثر على الفئات الأكثر احتياجا والمنظومة الاجتماعية لن تكفى محاولة موازنة الأسعار، ونسب التضخم مع المنظومة الاجتماعية التى تقدمها الحكومة لتلك الفئات، مؤكدا أن كل العوامل السابقة أدت إلى انخفاض سعر الدولار.

وأكد أن عدم انخفاض سعر المنتجات بعد انخفاض سعر الدولار فى السوق السوداء، سببه أن كل الكيانات الموجودة فى الأسواق كانت تضع أسعارا مغالى فيها للدولار، ليس لها أصل فى الواقع بسعر البنك أو بالسعر العادل، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات بصورة كبيرة جدا، مسببا انخفاض القوة الشرائية فى غالبية المنتجات، ومنها على سبيل المثال شعبة السيارات  التى أعلنت انخفاض نسبة المبيعات بنسبة 70% وكذالك العقارات معرضة للعزوف عن الشراء.

وأوضح أن من أسباب عدم انخفاض الأسعار أيضا، أن سعر الدولار الرسمى فى البنك لم ينخفض، كما أن الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب وطالما هناك طلب على السلع، فسيظل السعر كما هو، كما أن بعض التجار يتوقعون عدم ثبات سعر الدولار، ما يؤثر على حركة الأسواق، ويجعل البعض يحاول الاحتفاظ ببضاعته على أمل التعويم القادم،  مطالبا الحكومة المحافظة على الدولار وتقليل الاستيراد وتنشيط التصدير، ولا يمكن أن نطرح شركاتنا فى البورصة بسعر بخس ولكننا نبحث عن السعر العادل، وكما يجب أن يكون بيع أى أصول فى الدولة سواء عقارات أو شركات أو أراضى أن تتم بالدولار، مضيفا أنه لديه علامات استفهام من طرح شركات للبيع الأجنبى بالجنيه المصرى.

وأوضح أنه على الحكومة أن تقوم بالتواصل مع المنتجين والتجار فى الأسواق، لضبط الأسواق، ولا يجب أن يتم فرض اسعار بقرارات عنترية ووضع تسعيرة جبرية، لافتا إلى أن هذا القرار لن يكون له صدى على أرض الواقع، ولكن سيؤدى إلى مزيد من النشاط فى السوق السوداء، ولكن يجب أن يتم تدخل اذرع الحكومة وتوفير السلع الغذائية والتى تمس الفئات الأكثر احتياجا فى الأسواق لضبطها.

منذ رمضان الماضي

قال هشام الدجوى، رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية بالجيزة، إن الأسعار تشهد حالة من الثبات منذ قبل شهر رمضان الماضى حتى اليوم، ولم تشهد المنتجات الغذائية أى ارتفاع، رغم أن العرض والطلب يكون فى شهر رمضان أعلى ولم يحدث أى زيادة، مضيفا أن هناك توازنا فى الأسواق يحدث نتيجة ضخ الحكومة منتجات بأسعار أقل، لافتا إلى أن زيادة المعروض تؤثر بشكل قوى على انخفاض الأسعار، مضيفا أن المعادلة بين القطاع الحكومى والقطاع الخاص مختلفة تماما، حيث إن القطاع الحكومى لا يهدف للربح بينما القطاع الخاص يهدف للربح.

وأكد أن قطاع المواد الغذائية يأمل فى أن تنخفض الأسعار فى الفترات القادمة، مثلما حدث انخفاض فى قطاعى الذهب والحديد، لافتا إلى أن الانخفاض فى أسعار الذهب والحديد بشكل وقتى نتيجة أن ارتفاع أسعارهما كان مبالغا فيه، وأعلى من قيمتها الفعلية، أما بالنسبة للمواد الغذائية الأسوق كان مستقرة منذ فترة ولم تشهد ارتفاعات مغالى فيها، مؤكدا أن أسعار الزيت والسكر والسمنة لم تشهد ارتفاعات عندما ارتفع سعر الدولار فى السوق الموازية.

وأكد أن موسم حصاد القمح، كان له تأثير قوى على انخفاض أسعار المكرونة، بعدما شهدت أسعارها ارتفاعات قوية، لافتا إلى أن أسعار المكرونة فى شهر ديسمبر الماضى ارتفعت نتيجة أن هناك شركات أوقفت الانتاج بحجة أنها تقوم بجرد سنوى، وقامت بتعطيش الأسوق وهناك شركات أخذت إجازة منذ شهر نوفمبر ومرورا بديسمبر ويناير، ما إدى إلى انخفاض فى الانتاج وجعل التجار يقومون برفع الأسعار، ولكن فى الوقت الحالى هناك إنتاج بشكل كبير نتيجة توفر المستلزمات.

وتوقع ثبات الأسعار فى الفترة القادمة، متمنيا انخفاض الأسعار، مضيفا أن إعلان الرئيس عن إنتاج القمح بصورة وافرة أعطى لصناع المكرونة ومنتجى الدقيق طمأنينة لكى يكون لديهم مخزون، فالدنيا تكون مستقرة، موضحا أنه فى الوقت الحالى التجار يجبرون الذين يريدون شراء سمنة أن يأخذوا مكرونة، لأنهم مش عارفين يسوقوا مكرونتهم، بعدما كانت غير موجودة.

وقال محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن التجار فى مصر عندما يتحدث أحد عن احتمال أرتفاع الأسعار يقومون برفع السعر قبل أن يحدث أى تغيرات، وعندما ينخفض سعر الدولار أو يتم توفير السلع لا يحدث أى انخفاض للأسعار، مضيفا أن الغلاء الذى تشهده مصر حاليا غير مسبوق، والسبب فيه هو جشع التجار، فكان الغلاء  قبل ذلك موسميا ويتزامن مع صرف منحة للموظفين أو مع العلاوة الدورية فترة المنحة، أو زيادة المرتبات أو قبل شم النسيم وفى شهر رمضان وعيد الأضحى، ولكن الأسعار الآن تقفز بشكل متوالٍ وبلا مبرر وقال: ما يحدث أن التجار يجنون أرباحا مبالغا فيها على حساب الوطن، وهذا ليس ربحا بل هذا قمة المال الحرام أو المال الخائن.

وأوضح أن ما يحدث من ارتفاع الأسعار بهذا الشكل جريمة فى حق المستهلكين، ولا يجب السكوت عليها، مضيفا أننا نرى من حولنا الدول تنهار مثل السودان ومواطنيها يعيشون مشردين على الحدود، ونحن -والحمد لله- وطن مستقر، وعلينا المحافظة عليه.

وأكد أنه ليس هناك ضابط أو رابط، وعندما يرفع التجار أسعارا لا يجدون من يقول لهم لماذا ترفعون السعر، موضحا أن الدول المتقدمة والتى أخذت بنظام الاقتصاد الحر، لديها أجهزة تبلغ بزيادات الأسعار قبل الحدوث وتحدد قيمة الزيادة، ولكن التجار فى مصر يقررون من تلقاء أنفسهم زيادة الأسعار دون أى رقيب، مضيفا أن «من أمن العقاب أساء الأدب»، ونحن لدينا غالبية التجار لا يعرفون للأدب طريقا. وقال «فى الوقت الذى نشهد فيه انخفاض أسعار الذهب والحديد، نجد أسعار المواد الغذائية فى ارتفاع»!

وعن مقاطعة اللحوم التى دعت لها جمعية مواطنين ضد الغلاء، فى ظل عدم وجود ثقافة المقاطعة لدى المصريين، أكد أن المقاطعة سلوك تراكمى، ومع الاستمرار فيها يزيد وعى المواطنين بأهميتها.

وقال «هناك تجار علف حققوا مكاسب وصلت إلى مليار وأربعمائة مليون فى أربعة شهور، عندما كان يجلب العلف بسعر600 دولار، ويبعه بسعر 35 ألف جنيه، وكان الدولار بسعر 18 جنيها فى البنك، مضيفا أن تجارة الأعلاف الآن أكثر ربحا من تجارة المخدرات.

وحذر عسقلانى من أن عدم الرقابة سيزيد الوضع صعوبة، مؤكدا أن هناك أحد التجار يبيع اللحوم السودانى، وعندما يأخذ إجازة ليوم واحد ترتقع أسعار اللحوم عشرين جنيها فى محلات الجزارة بالمنطقة، وعندما يعود ذات التاجر للعمل تنخفض الأسعار فى المنطقة عشرين جنيها!