رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عشوائية الكثافة السكانية المقننة نتيجة قوانين البناء في الماضي وهي سبب الأزمة السكانية

الحوار الوطني.. ماير جرجس يقدم روشتة علاجية لإشكالية الكثافة السكانية

بوابة الوفد الإلكترونية

 قال المهندس ماير جرجس، أمين مساعد نقابة مهندسي القاهرة، ومستشار حزب مصر أكتوبر لشئون الإسكان والتعمير، إن القضية السكانية تعتبر من أكثر القضايا تأثيرًا على شتى النواحي الاقتصادية والسياسية، وإذا واجهت الدولة مشكلات في تناغم التوزيع السكاني، أو وجود مشكلات في توضيح الخصائص السكانية في مجتمعها، أصبحت كل الخطط الموضوعة للتنمية، سواء خطط قصيرة الأجل، أو خطط تنموية مستدامة، هي في تعداد المحكوم عليها بالفشل.


 وأضاف جرجس، خلال كلمته في جلسة لجنة القضية السكانية، التي تحمل عنوان "تشخيص الحالة السكانية في مصر وتحسين الخصائص السكانية"، ضمن مناقشات المحور المجتمعي في الأسبوع الثاني من انعقاد الحوار الوطني، أن القضية السكانية في مصر لها حيثيات وجوانب تختلف عن باقي الدول، حيث إنها مغلفة بموروثات ثقافية واقتصادية، وأيضًا نتيجة لتراكمات تشريعات سابقة، بالإضافة إلى عدم اتخاذ خطط جذرية للحل ملائمة لحجم الزيادة السكانية من قبل صُنّاع القرار في العقود السابقة.


 وأوضح أمين مساعد نقابة مهندسي القاهرة، أن التعامل مع الأركان الأساسية المتعلقة بالقضية السكانية يجب التأكيد بتوضيح بعض المفاهيم، وأهمها توضيح معنى الكثافة السكانية، وهي عبارة عن مقسوم عدد السكان على المساحة المأهولة بهم، وبتطبيق هذه المعادلة على المجتمع المصري يتضح الآتي: (مقسوم عدد سكان مصر على إجمالي مساحة جمهورية مصر العربية هو 110 نسمة / كم مربع تقريبًا – مقسوم عدد السكان على المساحة العمرانية المأهولة في مصر هو 1700 نسمة / كم مربع متوسط – مقسوم عدد السكان في المناطق الأكثر ازدحامًا في محافظة القاهرة يصل إلى 35000 نسمة، كم مربع متوسط).


 وأشار إلى أن معدلات الكثافة السكانية في مصر تشير إلى تفاقم توزيع الكثافة السكانية في مصر، وهنا تكمن المشكلة في مصر، حيث عشوائية توزيع الكثافة السكانية على مدار السنوات الماضية والأسباب من وجهة نظر دراسة للوضع العام هي كالآتي: 


أولًا: موروثات ثقافية، حيث تسعى كثير من الأسر لتوفير محل إقامة لأبنائها في أقرب نقطة ممكنة لهم، بإنشاء أسرة جديدة، سواء في العقار نفسه، أو بالشارع ذاته، أو المنطقة، أو أقل الفرضيات بالمحافظة ذاتها، وهذا يُعد ملأً ذاتيًا للسكان في المساحة نفسها القاطنين بها منذ سنوات.


ثانيًا: موروثات اقتصادية، إذ يُعتبر الاستثمار في القطاع العقاري من أكثر قطاعات الجذب لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة منها والكبيرة، وبناءً على الطلب المتزايد من الأسر في توفير وحدات لأبنائهم يزداد الطلب في نفس الرقعة الضيقة، فتزداد القيمة البيعية لقطعة الأرض والعقار القديم بنسب تتضاعف عن أي زيادة لقطع مماثلة في منطقة جديدة.


ثالثًا: قوانين البناء، لا يمكن اللوم على مشرعي الماضي لانحصار الرؤية وعدم توافر الإحصائيات الكافية التي كانت ربما تعينهم على وضع تشريعات مختلفة لقوانين البناء، ابتداءً من قانون 116 لسنة 1976 وقانون البناء 119 لسنة 2008، حيث شمل كلاهما على نصف فيما يخص الارتفاعات، وهي مرة ونصف من عرض الشارع دون وضع الاعتبارات أن الكثافة السكانية الرأسية ستتحول إلى قنابل عمودية موقوتة تعمل على تآكل الخدمات والبنية التحتية للمدينة القديمة، حيث أصبحت قطعة الأرض ذات 500 متر مسطح طبقًا للقانون تحمل كثافة سكانية 160 فردًا.


واقترح جرجس آليات تنفيذية لعلاج الإشكالية تبدأ بالوعي المجتمعي من خلال ترسيخ فكرة اللامركزية للأسرة مع تشجيع الأسر الحديثة على الانتقال إلى المجتمعات أفضل بعوامل جذب للخدمات الصحية والتعليمية لأولادهم في المستقبل، وكذلك التوسع الأفقي العمراني من خلال زيادة ماحة العمرانية فيما لا يقل عن 3 أضعاف المساحة الحالية، وذلك من خلال تضافر جميع الأطراف ووضع تخطيط لتوسعات في الظهير الشرقي والغربي لمحافظات مصر.
ولفت إلى أن هذه التوسعات تكون بالوصف الآتي:
- قطعة الأرض على إجمالي مسطح ما يقرب من 1000 متر مربع
- مسطح البناء الفعلي لا يزيد على 500 متر مربع
- عدد الأدوار: دور أرضي + 50% من الأول العلوي
- النظام الإنشائي: المباني الخفيفة حوائط حاملة أو خشبية
- يتم منح قطعة أرض لكل سرة لا يزيد تكونها على أب + أم + طفلين دون أي مقابل
- توقيع عقد التخصيص بعدم الأحقيقة للبيع، أو التأجير، أو المتاجرة 
- إقرار المخصص له بسداد 20% مضافة إلى فواتير المياه والكهرباء مدى الحياة سدادًا لثمن الأرض (ومنها تشجيعًا لثقافة ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه)
- إقرار المخصص له بالتنفيذ في فترة لا تزيد على 3 سنوات طبقًا لنماذج التصميمات المعتمدة الموحدة تحت إشراف مهندس نقابي معتمد.
وأكد أمين مساعد نقابة مهندسي القاهرة أن هذا المقترح لا يقلل مما بذلته الدولة من جهود ابتداءً من عام 1978 في عهد ميلاد مدن الجيل الأول في عهد الوزير الراحل حسب الله الكفراوي، وهو ما نراه اليوم من مدن جارٍ عمل توسعات بها لاستيعاب الامتداد السكاني مثل 6 أكتوبر و15 مايو والعاشر من رمضان وغيرها، وهذا حتى عهد مدن الجيل الرابع ابتداءً من عام 2014 بإنشاء توسعات عمرانية من مدن ذات مقومات وخصائص تتوافق مع علوم البناء الحديث والتنوع في المستويات للوحدات المطروحة والأنظمة الذكية في إدارة مفاصل الحياة في هذه المدن، وتأتي على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العالمية الساحلية ومدينة المنصورة الجديدة.
 كما أشار إلى أن من بين آليات التنفيذ المقترحة هي قوانين البناء، والتي تطلب سرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون البناء الموحد مع مراعاة الكثافات السكانية في تراخيص البناء الجديدة وارتباطها بالخدمات والبنية التحتية لكل منطقة على حدة دون الارتباط بمسطح القطعة، أو عرض الشارع المطلة عليه، وإيقاف تراخيص البناء لمدة لا تقل عن 5 سنوات في المناطق، أو المحافظات التي تزيد كثافتها السكانية على 3000 نسمة، كم مربع، وذلك لحين تفريغ الكثافة السكانية الزائدة في التوسعات الأفقية، وأخيرًا وضع آلية لخروط تراخيص البناء في مدة لا تزيد على 5 أيام فيما أقل بأجهزة المدن الجديدة دون أية معوقات إدارية لتشجيع البناء بطريقة FAST TRAK مع تأكيد على تفعيل الإشراف الهندسي الفعلي بضمان جودة المنتج النهائي.
واختتم جرجس كلمته مؤكدًا أن الحوار الوطني هو بالفعل الطريق نحو الجمهورية الجديدة، وما سيفرزه من توصيات هي بمثابة روشتة علاجية لكثير من الأمراض الاقتصادية والثقافية المستوطنة في جسد بلدنا الحبيب مع التأكيد على عشوائية توزيع الكثافة السكانية في مصر التي هي أصل معظم المشكلات التي نواجهها في عصرنا الحديث.