عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الوفد» تكشف المستور..

مناجم الذهب.. كلمة السر فى الصراع السودانى

الصراع السودانى
الصراع السودانى

«واشنطن» تتهم قوات «فاجنر» الأجنبية بإدارة الصراع بين «الخرطوم» و«الدعم السريع»

أبدت العديد من الدول العربية والغربية وفى مقدمتها مصر، وأمريكا وروسيا، استعدادها للوساطة بين قوات الجيش السودانى بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتى» -طرفى الصراع- على السلطة فى البلاد، وذلك منذ اندلاع نيران الصراع السياسى والعسكرى صباح 15 أبريل الماضى، للتوصل إلى حل سلمى دبلوماسى يرضى الطرفين ويهدئ من حدة التوتر التى تشهدها المنطقة.

 

 وتوالت الاتهامات، وكثرت التساؤلات والتكهنات حول وجود قوات «فاجنر الروسية» كقوة حفظ السلام بالسودان، خاصة أنها تتواجد فى أفريقيا منذ 2017، بجانب دعمها لقوات الدعم السريع السودانية وإجراء تدريبات عسكرية معها فى ليبيا، العام الماضى وقبل الماضى، مع توقعات نشر السلطات الأمريكية قوات حفظ السلام بالسودان، تزامنا مع «فاجنر»، رغم نفى وزارة الخارجية الأمريكية تلك الخطوة، حيث تواترت أنباء تشير إلى هدف تواجد «فاجنر» فى السودان تأجيج الصراع ووضع يدها على مناجم الذهب، لتمويل قواتها فى أوكرانيا، وجانب آخر يشير لتخوف أمريكى من تقارب روسي–أفريقى وفرض نفوذها على الوضع السياسى والاقتصادى، وهو ما ترصده «الوفد» فى هذا التحقيق وتكشف المستور فى الصراع، وشرارة الحرب الداخلية وعواقب التدخلات الخارجية فى شأن السودان. 

تقارير غربية: «حميدتى» باع كنوز السودان مقابل «حفنة أسلحة»

صب الزيت على النار

اتهم تقرير نشرته صحيفة «ذى هيل» الأمريكية روسيا بالسعى إلى تأجيج الصراع الذى تشهده السودان، فى ظل الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضى، وقالت الصحيفة إن روسيا تعمل على صب الزيت على النار فى مواجهات السودان، حيث تنتظر مجموعة «فاجنر» الروسية الخاصة الضوء الأخضر للانخراط فى الصراع بين الجيش و«الدعم السريع»، كجزء من خطة موسكو لتوسيع عملياتها فى جميع أنحاء أفريقيا.

الصراع السودانى

وأكد تقرير «ذى هيل» أن أهمية«فاجنر» بالنسبة لروسيا تكمن فى كون تحركات المجموعة المسلحة الموالية للكرملين فى أفريقيا تساعد كثيرا فى تمويل الحرب التى تشنها موسكو فى أوكرانيا، منذ أكثر من عام، وبحسب الصحيفة، فإن يفغينى بريغوجين، مؤسس مجموعة فاجنر، المقرب من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يخطط لإشراك مرتزقته فى القتال من أجل السيطرة على السودان وتقديم الأسلحة إلى قوات الدعم السريع التى يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتى».

مكاسب روسية

و يسعى بريغوجين إلى استغلال علاقاته بالأطراف داخل السودان من أجل تحقيق مكاسب لموسكو، بحسب الصحيفة الأمريكية، التى قالت إن مجموعة «فاجنر» تضع عينها بقوة على السودان، خاصة بعد أن أعلن بريغوجين فى بيان الأسبوع الماضى استعداده للمساعدة فى التوسط لإنهاء القتال، يأتى ذلك مع عرض، من مجموعة «فاجنر» فى وقت سابق بتقديم أسلحة بما فى ذلك صواريخ أرض- جو لقوات الدعم السريع، على الرغم من أن قائد القوات الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو نفى وجود أى صلة بالميليشيات الروسية. حسب ما كشفت صحيفة «نيويورك تايمز».

وقال مدير معهد ميدلبرى للدراسات الدولية جيسون بلازاكيس إنه فى حال صحت هذه التقارير فهذا يعنى أن مجموعة فاجنر قد ذهبت بعيدا، حيث إن المجموعة ربما تُقدِم على تصعيد حدة الصراع فى السودان من خلال تحريض الطرفين المتحاربين، أو على الأقل ضخ السلاح من أجل تحويله لحرب أهلية، وأوضح «بلازاكيس»، أن الوقت وحده كفيل بمعرفة الحجم الحقيقى لمستوى تدخل فاجنر فى الصراع الدائر حاليا، لكنه لفت إلى أن المجموعة تعمل الآن بشكل لا لبس فيه على زعزعة استقرار السودان.

الذهب

وفى السياق، قالت صحيفة «الإندبندنت» بأنه من غير المعروف ما إذا كانت أسلحة «فاجنر» قد وصلت مطار مروى، الذى كان وقتها تحت سيطرة قوات حميدتى حليف بوتين، وبحسب الصحيفة، فإن بعض المسئولين الأمنيين الأمريكيين يزعمون أن فاجنر حاولت تأجيج العنف فى السودان ردا على محاولات واشنطن طردها من البلاد.

قنوات تمويل

 ومع ذلك، يتساءل آخرون عما إذا كانت موسكو تريد فعلا زعزعة السودان فى وقت تريد فيه استثمارات عسكرية هناك، منها إقامة قاعدة بحرية فى البحر الأحمر، لكن من الواضح أن «فاجنر» تستغل السودان لتمويل حربها فى أوكرانيا، حيث تنفق هناك شهريا 100 مليون دولار، وذلك من خلال الاستثمار فى مناجم الذهب بالتعاون مع حميدتى، بحسب الصحيفة.

وقالت «الإندبندنت» أن لفاجنر بقيادة بريغوجين دورا كبيرا فى نقل الأسلحة للسودان، والحصول على الذهب أيضاً بحسب تقارير استقصائية فقد قامت فاجنر بحوالى 16 رحلة جوية عسكرية من السودان إلى روسيا مرورا بمطار اللاذقية السورى، ومن خلال جمهورية أفريقيا الوسطى لنقل ذهب بقيمة مليارى دولار خلال 18 شهرًا.

وفى وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف بأن من حق السودان الاستعانة بخدمات مجموعة فاجنر الأمنية الخاصة، وأدلى لافروف بهذا التصريح خلال مؤتمر صحفى فى الأمم المتحدة، وأشار إلى أن فاجنر هى شركة أمنية خاصة، معتبرا أن ما يحدث فى السودان مأساة ويجب عدم التدخل فى الشئون الداخلية الأفريقية.

الصراع السودانى

فى عام 2017، وقّع البشير اتفاقا مع روسيا على إنشاء قاعدة على البحر الأحمر تستضيف سفنًا روسية بما فى ذلك سفن تعمل بالوقود النووى، على أن يتمركز فيها 300 جندى، وفى يوليو 2020، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على زعيم مجموعة «فاجنر» واتهمته «باستغلال الموارد الطبيعية للسودان لتحقيق منفعة شخصية».

تمويل الدعم السريع

 آثار دعم قوات الدعم السريع بالأسلحة الحفيظة، حيث كيف يحصل حميدتى وقوات الدعم السريع على أسلحة لقتالهم ضد الجيش السودانى، وجاء الرد على ذلك فى تقرير لشبكة «سى إن إن» زعم أن مجموعة «فاجنر» كانت تزود قوات الدعم السريع بالصواريخ وشحنات كبيرة من الأسلحة، مما يدعم بشكل كبير مقاتلى حميدتى فى معركتهم ضد قوات البرهان، حيث إن «حميدتى» و«فاجنر» مثل التوأم السامى كما وصفهم المحامى السودانى ياسر عبدالرحمن، وألقى تقرير سى إن إن بعض الضوء على المحفز المحتمل للصراع الحالى، مشيرًا إلى أن مجموعة فاجنر شعرت بالغضب الشديد من نظام البرهان عندما اعتقلوا عددًا من موظفى فاجنر بتهمة تهريب الذهب، وهو حدث يمكن أن يكون الشرارة التى بدأت بدفع حميدتى ضد البرهان.

وقالت صحيفة صنداى جارديان، بأن العالم الآن يشهد ما هو فى الأساس تبادل لإطلاق النار بين جنرالين، كل رئيس لشبكة كليبتوقراطية خاصة به تتكون من مجموعات واسعة مُعسكرة ومتاجرة، منخرطون فى مجموعة واسعة من الأنشطة غير المشروعة والفاسدة - يريدون أساسا إدارة السودان من أجلهم- الشخصية والفئوية، مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى «فاجنر»، يستغل حميدتى صلاته بليبيا، يقع السودان على حدود ليبيا، حيث يسيطر خليفة حفتر، الجنرال المارق المدعوم من فاجنر، على مساحات من الأرض، تعود علاقة حفتر بحميدتى قبل وقت طويل من سقوط عمر البشير وأصبحت وثيقة للغاية فى السنوات الأخيرة.

وعلى غرار ذلك، ومن خلال التعاون المتبادل، أرسل حميدتى أكثر من 1000 مرتزق إلى ليبيا للقتال إلى جانب القوة العسكرية لحفتر، الجيش الوطنى الليبى، فى الأسبوع الماضى، وأفادت CNN أن مجموعة المصدر المفتوح «All Eyes on Wagner» قامت بتحليل صور الأقمار الصناعية التى يبدو أنها تظهر طائرة نقل روسية تتنقل بين قاعدتين ليبيتين رئيسيتين يسيطر عليهما حفتر، وأن هذه الطائرة هى التى أسقطت مخبأ للصواريخ والأسلحة لقوات حميدتى.

تعاون غير مشروع

وأضافت صنداى جارديان، أن علاقة الكرملين بحميدتى تطورت بسرعة بعد أن سيطرت قواته على مناجم الذهب فى منطقة دارفور السودانية، وهى أكبر مصدر لإيرادات التصدير فى البلاد، فى نوفمبر 2017، وبعد خمسة أشهر فى 24 أبريل 2018، وفقًا لنوفايا غازيتا، مؤسس ومالك شركة سافر واغنر، يفغينى بريغوزين، من موسكو إلى الخرطوم، برفقة اثنين من حراس الأمن. وفقًا لـC4ADS، وهى منظمة بحثية فى واشنطن، فمنذ ذلك الوقت حصلت شركة بريغوزين على حق الوصول إلى مناجم الذهب المربحة فى السودان.

 ميخائيل بوتبكين، الذى كان يعمل فى ذلك الوقت فى وكالة أبحاث الإنترنت التابعة لبريغوزين، وهى المنظمة التى تتخذ من سان بطرسبرج مقرًا لها والمعروفة باسم مصنع ترول الروسى، تم تعيينه رئيسًا لعملية بريغوزين فى السودان، وكان ألكسندر كوزنتسوف قائدًا سابقًا رفيع المستوى فى فاجنر.

وذكرت صحيفة صنداى جارديان، أنه فى فبراير 2022، سافر حميدتى إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين، بعد فترة وجيزة، فى الوقت الذى كانت فيه الدبابات الروسية تحاول تطويق كييف، حلقت طائرة محملة بالذهب من السودان إلى القاعدة العسكرية الروسية فى اللاذقية، وقدرت CNN أن حوالى 90٪ من إنتاج الذهب فى السودان بقيمة 13.4 مليار دولار تقريبًا تم تهريبه بهذه الطريقة، وأوضحت أن روسيا فى ذلك الوقت كانت يائسة لتعزيز احتياطياتها ضد العقوبات الغربية المتزايدة، ووجد بريغوجين طريقة للحصول من حميدتى على ترخيص لنقل الأسلحة إلى الداخل وإخراج الذهب، كل ذلك دون الإعلان عنه رسميًا أو اكتشافه.

تهريب الذهب

ولفتت صحيفة صنداى جارديان، إلى أن فاجنر يحتاج إلى حماية القوة والنفوذ السودانى لأنه يقوم أيضاً بتهريب الذهب من جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، تم التعاقد مع بريغوزين لاستخدام فاجنر لحراسة مناجم الذهب فى نداسيما فى ذلك البلد الصغير غير الساحلى المتاخم للسودان، مشيرة إلى أنه فى الواقع، قامت مجموعة فاجنر بصهر الذهب فى سبائك وتم شحنها بعد ذلك بشكل منفصل عبر الخرطوم، باستخدام شركة Prigozhin's Sudan، Meroe Gold. يستخدم «فاجنر»، طريق تهريب قديم وراسخ يرى أن كلا من جمهورية أفريقيا الوسطى والذهب السودانى ينتهى بهما المطاف فى دبى، حيث توجد القليل من اللوائح التى تتحكم فى تجارتها، ثم يذهب الذهب إما إلى موسكو أو يباع بالدولار الذى يمول حربها فى أوكرانيا.

عقوبات أمريكية

فى عام 2020، عاقبت وزارة الخزانة الأمريكية العديد من شركات Prigozhin وموظفيها، بما فى ذلك Meroe Gold وMikhail Potepkin، لعملهم فى السودان، وقالت الوزارة فى بيان بأن دور بريغوجين فى السودان يسلط الضوء على التفاعل بين العمليات شبه العسكرية الروسية ودعم الحفاظ على الأنظمة الاستبدادية واستغلال الموارد الطبيعية. وقالت صحيفة صنداى جارديان، أن الشركات المستهدفة سهلت بشكل مباشر عملية بريغوزين العالمية وحاولت قمع المتظاهرين الذين يسعون إلى إصلاحات ديمقراطية فى السودان، كما أن بريغوجين، بالطبع، يدحض جميع التهم، بل ينفى وجود مرتزقة له فى السودان، على الرغم من الأدلة الوفيرة على وجود الآلاف فى البلاد.

وأكدت صنداى جارديان، على أن وجود فاجنر فى السودان مهم استراتيجيًا لموسكو حيث تستمر الحرب فى أوكرانيا دون أى أشارة إلى حل، وعندما رد الغرب على غزو بوتين بعقوبات معاقبة، بدأت شبكة الكرملين من المشغلين المشبوهين تحت قيادة بريغوجين فى استغلال الموارد التى يسيطرون عليها من أجل تأجيج الحرب.

نهب الذهب السوداني

ولمحت الصحيفة إلى أن حميدتى هو الفتى الذهبى للكرملين فى السودان وهو مفتاح لاستمرار سجل روسيا الحافل فى الاستيلاء على الموارد الطبيعية فى المنطقة، حيث برز مخطط نهب الذهب السودانى، بالتعاون الكامل مع حميدتى، كوسيلة مهمة لتعزيز الاقتصاد الروسى وبناء صندوق حرب ضرورى لمواصلة حربه فى أوكرانيا.

جذور الصراع بدأت فى إقليم «دارفور» غرب السودان عام 2003 حيث مخزون الذهب الكبير الذى تنتج السودان فى مجاله 100 طن بحجم 5 مليارات دولار سنويا، والأهم هنا والممكن ذكره هو تلامس علاقة السودان بالموقفين الأمريكى والروسى، حيث هناك تنافس حاد استراتيجى بين كل ماهو أمريكى وروسى وسط الصراعات الدولية ومنها ما له علاقة بموقع السودان الجيوسياسى الهام، وبسبب الحرب الأوكرانية والتفسير الخاص الغربى لسيادة أوكرانيا الذى يتناقض 24 درجة مع تفسير روسيا الاتحادية له بين عامى 1991 و2022، وحتى بسبب حرص الولايات المتحدة الأمريكية على مماحكة روسيا والصين وإيران وسط سعير ألسنة الحرب الباردة وسباق التسلح واستفزازهم، نجدها حاضرة فى قلب الحدث السودانى وتعمل من أجل تضييق الخناق على الدور الروسى تحديدا هناك، و روسيا تعى ذلك.

تنافس روسى -أمريكى

 وفى ذات السياق، كتبت الصحفية الروسية « بولينا كونوبوليانكو فى جريدة « كمسمولسكايا » 2023 بأن أمريكا تلفظ روسيا من أفريقيا، ويقابل ذلك لروسيا قاعدة بحرية هناك، حيث صرح سيرجى لافروف وزير خارجية روسيا من النيويورك بأنه يجب إشراك دول فاعلة فى أفريقيا وأمريكا فى مجلس الأمن للوصول لمرحلة التوازن الدولى والقدرة على اتخاذ القرارات الدولية الهامة الخاصة بالأمن والسلم العالمى، ولا يمانع فى المقابل من دور فاعل لقوات «فاجنر» الخاصة فى الحدث السودانى لضبط الأمن والاستقرار وسطه.

وأكدت قناة يورونيوز الفضائية الإخبارية الأوروبية، فى تقرير لها زعم الخبراء أن مجموعة فاجنر موجودة فى السودان لتزويد روسيا بإمكانية الوصول إلى الموارد ومساعدتها فى تمويل الحرب فى أوكرانيا، حيث تتواجد مجموعة فاجنر الروسية فى السودان منذ عام 2017. ووسط الصراع على السلطة فى البلاد، أعرب البعض عن مخاوفهم من أن مجموعة المرتزقة تغذى الصراع وربما تعمل نيابة عن الكرملين.

وقال إيمانويل كوتين، الخبير الأمنى والمدير التنفيذى لأفريقيا، إن مجموعة فاجنر متورطة فى الصراع السودانى، وفى كثير من الأحيان يقفون إلى جانب الميليشيا، حسب مركز أبحاث الأمن ومكافحة الإرهاب، وأضاف «كوتين»: «انظروا إلى بوركينا فاسو، على سبيل المثال، كل مناجم البلاد تم الاستيلاء عليها من قبل وكلاء مجموعة فاجنر، الشىء نفسه الذى يحدث فى السودان ومالى».

نفوذ سياسى كبير

وأشار تقرير «يورونيوز»، إلى أنه وفقًا لعدد من التحقيقات الدولية، فإن هدف مجموعة فاجنر فى السودان هو تزويد موسكو بإمكانية الوصول إلى الموارد، التى تستخدمها روسيا بعد ذلك لتمويل الحرب فى أوكرانيا، من أهدافها الرئيسية الحصول على الذهب، حيث إن السودان هو ثالث أكبر منتج للمعدن فى أفريقيا، حيث تقدر المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود (GI-TOC) أن هياكل مجموعة Wagner متجذرة بعمق فى السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، مما يؤدى إلى تطوير نفوذ سياسى كبير ومصالح تجارية واسعة ودور مرتزقة، ويلاحظ GI-TOC أن «الهدف الرئيسى للروس فى السودان ليس حماية السلطة السياسية للخرطوم، ولكن بشكل أساسى للاستفادة بشكل كبير من الموارد المعدنية للبلاد.»

وفى ذات السياق، قال بريغوجين إنه لم يكن هناك مقاتل واحد من مجموعته فى السودان منذ أكثر من عامين. وأضاف أنه متورط فى السودان منذ فترة طويلة، ومع ذلك تواصل مع جميع أصحاب القرار فى جمهورية السودان.

وذكرت وسائل إعلام روسية فى وقت سابق أن مؤسس جماعة المرتزقة شارك فى جميع اللقاءات تقريبا بين المسئولين الروس وممثلى السودان ابتداء من 2014-2016، حيث كان السودان من أوائل الدول التى اعترفت بضم شبه جزيرة القرم فى عام 2014. ومنذ ذلك الحين، أثبت الذهب أنه وسيلة فعالة لتجميع الأموال وتحريكها، وتجديد خزينة الدولة الروسية، والالتفاف على أنظمة المراقبة المالية الدولية.

خطورة قاعدة البحر الأحمر

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام، فإن روسيا هى المورد الرئيسى للأسلحة إلى السودان، حيث تشكل المعدات العسكرية الروسية حوالى 87٪ من ترسانة الجيش السودانى، ومن النتائج الرئيسية لهذا التعاون افتتاح قاعدة بحرية روسية فى السودان، مما سيسمح للكرملين بالتحكم فى الوصول إلى قناة السويس والوصول إلى المحيط الهندى، حيث سيسمح الاتفاق لروسيا بإنشاء قاعدة بحرية قوامها 300 جندى روسى، والاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن بحرية، بما فى ذلك السفن النووية، فى بورتسودان على البحر الأحمر، وهو أمر ذو أهمية استراتيجية.

مخاوف أمريكية

وعلى صعيد آخر، رصد العضو فى الحزب الديمقراطى الأمريكى، مهدى عفيفى، الذى ينتمى الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، أغراض تواجه واشنطن نحو السودان الآن، وقال إن العلاقات مع أفريقيا تأثرت بفترة حكم دونالد ترامب، ثم أزمة كوفيد 19 (كورونا)، ومؤخرا يعمل بايدن على تنشيطها، وعقد اجتماعا مع القادة الأفارقة قبل شهور، وتخشى واشنطن أن يهيأ استمرار الصراع وصول قوات «فاجنر» الروسية إلى السودان بعد أن تمددت فى بعض دول الجوار.

وأشار إلى أن «فاجنر» شركة روسية تعمل على تدريب المرتزقة وتوزيعهم بعقود فى أماكن القتال، ومنذ ظهورها لدعم الجيش الروسى فى أوكرانيا عام 2014، وهى تتعاقد مع حكومات فى أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، تحت غطاء مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار، حيث تتهم واشنطن والاتحاد الأوروبى موسكو بأنها تستخدم «فاجنر» كأداة للتدخل والنفوذ فى تلك البلدان.

ردع أطراف الصراع السوداني

وفى سياق آخر، أشار الدكتور كمال الزغلول، الخبير فى الشأن الأمريكى، إلى الحسابات الأمريكية حول ما سيعكسه صراع السودان على نفوذ الصين وإيران فى البحر الأحمر وعند باب المندب، وقال إن البحر الأحمر جزء من خطة مراقبة بحرية لفصل الصين وروسيا عن التأثير على القارة الأفريقية، ومحطة مراقبة للتحركات الإيرانية، والآن حانت الفرصة لتزيد واشنطن حضورها الدبلوماسى، وقد يمتد للحضور العسكرى بقاعدة فى البحر لردع الأطراف المتصارعة فى السودان، إذا دعت الحاجة.

ولفت « الزغول» إلى أن وجود حاملات طائرات وقطع بحرية على سواحل بورتسودان هو مقدمة لقاعدة بحرية قد تكون دائمة فى المستقبل، هذه القاعدة المتحركة تؤمن تبادل أمنى مع قاعدة جيبوتى بشكل عمودى باتجاه الصومال لكبح جماح حركة الشباب (الإرهابية)، والقدرة على ضبط مضيق باب المندب، وتحقيق اختراق أفقى باتجاه الخرطوم لكبح جماح قوات «فاجنر الروسية، وعلى الأقل، جمع معلومات استخباراتية.

وتوقع أنه فى هذا الاتجاه الطرف الفائز فى السودان سيتحول للتحالف الكامل مع أمريكا بعيدًا عن روسيا والصين؛ نتيجة الحل الذى ستقوده الولايات المتحدة سواء كان بالردع من البحر الأحمر، أم بالضغط الاقتصادى، أم بالدبلوماسية المكثفة، وستعود كثير من الدول الأفريقية للتحالف مع أمريكا والحماية الفرنسية. وعن مصير وحدة السودان، يرجح الدكتور كمال الزغلول، أن تدعم واشنطن السودان الموحد لأن السودان المقسم لا يخدم مصالحها، لكنها تريد استغلال المناسبة قبل الحل.